الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي

حميد المصباحي

2012 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عندما بدأت الثورات العربية,اختارت بمكر تاريخي,أن تنطلق من المغرب العربي,وكانت مفاجئة للكثير من الساسة وحتى المثقفين,رغم أن هناك العديد من التكهنات سبق وأن أشارت أن العالم العربي مرشح لمعرفة الكثير من الهزات,الشبيهة بما عرفه من انتفاضات في الثمانينات وحتى التسعينات,حيث كانت الجماهير تخرج إلى الشوارع,لتجرح وتقتل,ويعتقل الكثير من الساسة والمثقفين,بتهمة التحريض أو المشاركة الفعلية,وقد كانت كل الدول العربية تعرف هذه الإنتفاضات,التي تعلمت منها الأنظمة العربية كيف تفرض سيطرتها وتطورها أمنيا مع إجراء بعد التعديلات على سلطتها الأمنية,ويستفيد منها بعض الساسة والزعامات في الأحزاب لآكتساح مواقع في السلطة السياسية واستثمارها لصالح الفئات الوسطى التي تمثلها,وبذلك تحقق أمنا اجتماعيا مؤقتا,سرعان ما ينهار بعد أن يستنفذ دوره,بفعل الزيادات في أسعار المواد الأولية,وازدياد التوترات الإجتماعية من خلال النضالات النقابية في مختلف القطاعات,غير أن التحركات التي عرفتها تونس,لم تتوقف لأجل التفاوض,أو المطالبة بإصلاحات اجتماعية واقتصادية,بل رفع الشعار السياسي الحاسم,أي رحيل النظام,الذي حكم تونس بقبضة من حديد,وتكونت بدعم منه فئات استغلت السلطة لمراكمة الثروات وممارسة الهيمنة الوحشية على الإقتصاد التونسي,مع قمع كل الحركات الإحتجاجية التي عرفها البلد,مما جسد الدولة البوليسية والشمولية,التي خنقت المواطنين وكادت تتعامل معهم كعبيد عليهم طاعة الحاكم,والخضوع له ولكل أتباعه من ذوي المصالح والقرابات الأسرية,وبعد تونس تحركت قوى التغيير في مصر,بما يشبه الملحمة المدنية,من خلال الصدور العارية التي قادها الشباب المصري وفرض إيقاعها على كل القوى السياسية,حتى تلك التي كانت ترفض مواجهة نظام الحكم المصري,وكانت المواجهات ملحمية في رفضها للعنف,أو الرد بعنف على قوى القمع,في هاتين التجربتين,كان التغيير مدنيا,وكانت التضحيات جسام,وكان الوعي السياسي متقدما,رغم الكثثير من التعثرات التي تعرفها كل الثورات السياسية,دون طبعا نسيان التجربة اليمنية,التي تمسكت بالخيار السلمي,لكن فيها كانت المؤسسة العسكرية داعمة لنظام الحكم بشكل مباشر,ولعبت الدول العربية دورا مهما في الحفاظ على سلطات الحكم إرضاء لبعض دول الخليج,التي استفادت من التجربتين,التونسية والمصرية,وأدركت أن البديل المختار لن يكون مقربا منها وقابلا لكل اختياراتها السياسية والإقتصادية التي كانت تفرضها على تلك النظم,فساهمت في التخفيف من سرعة الحسم السياسي من نظام الحكم اليمني,لكن مع انتقال عدوى التغيير إلى ليبيا,أدرك الغرب,أن رعاية مصالحه المستقبلية مع الأنظمة الجديدة مشروط بمدى مساهمته في التغيير الذي تعرفه البلدان العربية,سارع إلى تسليح الثورة ودعمها سياسيا,حتى لا يخسر مصالحه التي قد تتضرر,ولم يجد حرجا في التدخل شبه المباشر في ليبيا,التي لم يكن نظامها الجماهيري قارئا جيدا للتحالفات الدولية والرهانات الإقليمية التي أدخلته في مزايدات كلامية أفقدته كل المتحالفين معه,حتى أقرب المقربين منه,بفعل خطاباته الإنفعالية والمتحاملة على كل القوى الدولية,وقد راهن على القوة والعنف,فذهب ضحية حسابات خاطئة,كما أن الشباب الليبي ولد لديه القمع رغبة قوية في التخلص من نظام شبه عسكري,انبنى هو الآخر على منطق القرابة لمراكمة الثروات وتبديدها في مغامرات منهكة ومكلفة,هنا سرعان ما انتقلت فورة التغيير لكل الدول العربية,بما فيها دول الخليج العربي,وعلى رأسها البحرين,التي تحاول دول الخليج حمايتها بكل الأساليب,الإعلامية والسياسية وحتى الأمنية,مع تسليط الضوء على سوريا التي تعرف حراكا سياسيا,انتقل من الإحتجاجات المدنية إلى الفعل العنيف,العسكري وشبه العسكري,ونشطت الآليات العربية والخليجية,قائلين,أن التغيير في العالم العربي عليه أن يزحف تجاه كل الدول العربية التي لم تباشر الإصلاحات السياسية في وقتها المناسب,وكأنهم أمنو التغييرات التي يعتقدون أنها لن تطالهم,وهم ينشغلون بسوريا ويوجهون الرأي العام إليها في انتظار نهاية موجة التغيير,ومراكمة القراءات الصحيحة لهذه التحولات وكيفيات الإجابة عليها بدون خسارات مكلفة لهم ولحلفائهم,وهنا وجد الكثير من المثقفين والسياسيين حرجا في اتخاذ موقف مما يحدث في سوريا,فلا أحد يقبل العنف الذي يمارسه النظام السوري رغم المبالغات الكثيرة التي يختلقها الإعلام الغربي والعربي,ولا أحد ينكر أن النظام السوري مستهدف بسبب دعمه للمقاومة اللبنانية والفلسيطينية,وكذا التحالف الإستراتيجي مع إيران,الداعمة لحركة المقاومة اللبنانية والفلسطينية,مما يدفع لطرح التساؤلات الآتية.
هل يمكن تشبيه النظام السوري بالتونسي؟؟ألا يمكن الحفاظ على وطنية وقومية النظام السوري بإصلاحات سياسية تقود إلى الديمقراطية المفتقدة في أغلب الدول العربية؟
هل هناك ضمانات بأن كل الدول العربية,البعيدة عن الديمقراطية والمناقضة لها كليا سيتم دعم الديمقراطيين فيها ليحدثوا التغيير كما هو الحال مع سوريا؟
لماذا نشطت الآلية الديبلوماسية في اليمن لفرض مخرج لنظام اليمن,بينما يتم رفض الإصلاحات التي باشرها النظام السوري؟لماذا لايفكر الديمقراطيون السوريون بإسقاط النظام السوري من خلال الإنتخابات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟