الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة البشامرة تطل من جديد .

زينب سمير عوف

2012 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


.

يبدو تاريخ مصر جاليا واضحا أمام من يجيد قراءة التاريخ ,أهم ما يميز الحضارة المصرية هى فنون الحياة المفتونة بالخلود, والعلاقات المتشابكة مع الأمم و الشعوب المختلفة التى صبت فى العصب المصرى عبر تسلسل الحقب التاريخية المتلاحقة على هذة الأرض .و كم التأثير والتأثر بها عن طريق تدوين مظاهر الحياة اليومية ,سطر تاريخ مصر سر التنبؤ بالأسماء و التواريخ و أعوام أزدهار وأفول الحضارة .بذلك الفيض العجيب من الثراء المتناقض فى النسيج الشعبى المكون للمجتمع المصرى ,يتجلى بسفور حاد فى مراحل الأنتقال و التحول من ذلك الأضمحلال الحضارى حتى ميلاد دورة جديدة من الإزدهارالحضارى,الذى يأتى كنتيجة حتمية و متكررة بالضرورة فى شكل و ملامح ما يثير هذا الشعب الصبورعلى قبول مسببات الإنحدار من قمة هرم الحضارة إلى النقيض.

الثورة الشعبية هى ذلك السر فى هذا الأنتقال والذى يصاحبه مجموعة من الظواهر متكررة صبغت شكل الفعل الثائرفى تمييزالهوية المصرية عن غيرها فتبدو أنها صيرورة أخذت منذ سحيق الأزل نفس الجوهرو توارثته من أجيال لأجيال حتى مع التباين فى إيقاع الزمن الذى يختلف فى أدواته المتغيرة أثناء عملية أستحداث الزمن لنفسه .فما كان يتطلب أعوام أصبح يحدث فى شهور .

من يتأمل ظواهر الثورات الشعبية الكبرى بالتحديد فى تلك النوعية من الدراسات المتخصصة فى رصد و تدوين التراث الموثق كتبيا من المؤرخين أومنقول شفهيا عن طريق الرواه عبر الأجيال , يجد تشابه عجيب كمثال عند تأمل الوقائع الصانعة لثورة شعبية مصرية مبهمة فى التراث أو ربما منسيه من ذاكرة الوجدان الشعبى حاليا وعلى مدى عقود , " ثورة البشموريين " كانت علامة فارقة فى تحديد ماهية ملامح و رواسخ مفهوم هوية مصر بعد الفتح العربى أو كما كانت تعرف قديما " ممفيس ", فى الفترة عام 21هجريا , فى الفترة مابين10 ديسمبر 641.م إلى 29نوفمبر 642.م ,على يد جيش عمرو إبن العاص, مثلما فى مخطوطات الطبرى و البلاذرى عن الفتح العربى لمصربعدما أنهارت بقايا إمبراطوية الفرس وأخذ طوفان الحكم الرومانى يجتاح البلاد و العباد ,فكان الخيار الوحيد من أجل التخلص من الرومان هو مساندة العرب ,الذى من الممكن أن يظهروا فى هيئة غزاه ,لكن فى نفس الوقت أطمئن المصريون لما فى دين العرب من أتساع يحتوى هذا التعدد العقائدى داخل المجتمع أنذاك ,وكم القيم التى تحترم الإنسانية و الأحتفاظ بتراث الأباء و الأجداد. فدائما أعتنق المصريون الأديان السماوية على طريقة الأجداد.لما لها من تشابة رمزى يتناسخ من القديم إلى الجديد بنفس الروح.

قامت ثورة البشموريين بعد 11عام من أستقرارالعرب فى الفسطاط., بقيادة " مينا البشمورى " أحد أبناء ذلك النسيج الشعبى الثرى حينها بقايا المؤمنين بعقيدة التوحيد ,بقايا المجوس الذين تركتهم الأمبراطوية الفارسية ,قبط مصر مسيحيين و مسلمين , فكلمة قبطى تعنى مصرى ,إلى جانب العرب المهاجرين من الجزيرة العربية .وكانت اللغة العربية حديثة العهد مع اللسان المصرى .
عندما نتحدث عن شخصية محورية فى ثورة البشموريين هى " مينا البشمورى " المثير الأول لجمع غفير من كل هؤلاء السابق ذكرهم بما فيهم المهاجرين العرب ,بسبب أستبداد خليفة المسلمين و جنوده الذين جردوا مصر من الأخضر و اليابس و فرضوا الجزية و الضرائب حتى ثار الجميع من هول المجاعات ووحشية جنود هشام إبن عبد الملك إبن مروان و أسقطه المصريون بعد معارك طاحنة بين عسكر الخلفية والشعب الذى لم يفرق بين مله جائع و مين أين جاء., ليأخد المنحى الحضارى للأرتفاع مرة أخرى صانعا معه بدايات حضارة عربية ذات طابع مختلف بحيث أنصهرت هوية المصريين مع دين العرب الجديد دون أن تفقد العصب الأصيل فى ثقافة الموروث المصرى الذى زخر بما حاول الرومان طمثه عنوه ,التنوع العقائدى و أسرار جميع علوم الدولة القديمة التى كفرتها الكنيسة الرومانية بحجة الهرطقة و العلمانية .

وإذا أردنا أن نرصد بعض من متشابهات التراث بين وقائع وشخصيات تحولت إلى رمز فى وجدان الشعب أخذت القالب الملحمى وهو ما نراه فى السير الشعبية المتوارثة .مع الأسترسال فى التفاصيل يوضع الماضى و الحاضر فى شكل تطابق عجيب ,فيبدو " مينا البشمورى " قريب الشبة من " مينا دانيال " ,أحد الرموزالمؤثرة فى ثورة 25 يناير والتى تتشابه فى الأسباب والظروف التى أدت إليها بنفس النسيج الشعبى ذاته و تناقضاته التى من الممكن أن تخدع من لا يعرف تاريخ هذا الشعب مهما بدا من الظاهر مشتت و غير متوحد .
ربما ما يدعو للأندهاش أيضا هو تكرار تواريخ سقوط الطغاه ,فتاريخ سقوط المقوقس 11فبراير 641 ميلادى , وهو نفس سقوط الرئيس المخلوع حسنى مبارك 2011 .
فهكذا هو التراث المصرى يحمل الكثير من التنوع الذى يصل إلى حدود التناقض و الغرابة لكنه دائما يبدو خادعا , فى لحظة من الممكن أن تجد من النقيض إلى النقيض , وما هو أغرب تواريخ سقوط الطغاه و تشابة أسماء أبطال الملاحم الشعبية وربما تشابهت حتى الملامح .
ففى اللحظات الذى يعجز فيه العقل عن إيجاد شفى إجابة عن أحوال مصر و المصريين , سواء فى الماضى القديم أو الحاضر فتش عن تراث الشعبى و الملامح و الأسماء ,فيجيب التاريخ و ينذر بما هو أتى .
زينب سمير عوف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي باشتباكات في جباليا | #


.. خيارات أميركا بعد حرب غزة.. قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ




.. محاكمة ترامب تدخل مرحلةً جديدة.. هل تؤثر هذه المحاكمة على حم


.. إسرائيل تدرس مقترحا أميركيا بنقل السلطة في غزة من حماس |#غر




.. لحظة قصف إسرائيلي استهدف مخيم جنين