الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنسية في ظل التكتل الجديد

أسماء أحمد صرصار

2012 / 2 / 21
دراسات وابحاث قانونية


حتى يتمتع الفرد بحقوقه السياسية والقانونية ، لا بد من وجود دولة ينتمي إليها بجنسيته ، وقد عرف العالم العربي الجنسية بشكلها البسيط ، حين ألغت الدولة الاسلامية كل أنواع الانتماءات الأرضية المعروفة ، وجعلت الانتماء للدين لا غير ، وكفلت لغير المسلمين الذميين الحماية والأمان مقابل دفع الجزية ، مستثنية من ذلك النساء والصبيان والمساكين والرهبان وذوي العاهات من دفعها .
وقد أجاز الاسلام للفرد تغيير جنسيته ، عندما قال عليه الصلاة والسلام لبعض أصحابه "إذا نزلت ببلد وليس فيه سلطان فارحل عنه" ، وأصدرت الدولة العثمانية أول تشريع وضعي منظم للجنسية سنة 1869 في مصر حيث تنص مادته الأولى على أنه "يعتبر عثمانيا، كل من ولد لأبوين عثمانيين أو لأب عثماني " واستمر العمل بهذا القانون في مصر إلى غاية صدور القانون التاسع عشر (19) ، في سنة 1929 الذي طرأت عليه تعديلات عديدة اقتضتها التغييرات ، فكان الانتماء الديني للدولة العثمانية لأنها كانت تمثل رمزا للخلافة الاسلامية .
علمانية الجنسية في الوقت المعاصر :
إذا كانت الجنسية تكتسب لدى الدولة الإسلامية ضمن ما يعرف بالانتماء الديني ، فإن المفهوم المعاصر للجنسية اعتبرها رابطة علمانية ، وهو نفس المفهوم الذي تأخذ به كل التشريعات الدولية ، سائرين بذلك على خطى قواعد العرف الدولي ، إذ القانون الدولي لم يعد يسمح بإنشاء الدول على أساس ديني وإنما على أساس إقليمي ، أي إقليم الدولة ، وحرية الدولة في تنظيم الجنسية ، مقيدة بالتزامات في شكل اتفاقيات ومعاهدات دولية ، حيث جاء في الفتاوى الاستشارية لمحكمة العدل الدولية أنه "يترتب على تعهد الدولة بالتزامات معينة في مسألة تدخل في الاصل في الاختصاص القضائي لهما أن تفقد المسألة هذه الصفة وتكتسب وصفا دوليا ، بحيث لا يجوز بعد ذلك أن تدفع بأن هذه المسألة تدخل ضمن الاختصاص الداخلي لها " ، ونصت اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 في المادة الأولى أن "حرية الدولة في تنظيم جنسيتها يتقيد بالاتفاقيات الدولية ".
غير أن دولة اسرائيل خرجت عن هذا الأصل ، حيث يشكل قانون العودة لسنة 1950 أحد السبل لنيل الجنسية الاسرائيلية ، بموجب قانون الجنسية لسنة 1952 ، الذي يمنح كل يهودي في أي مكان في العالم الحق في القدوم إلى اسرائيل كمهاجر ليصبح مواطنا اسرائيليا ، وهذا القانون اعترته صعوبات جمة جعلت تطبيقه شبه مستحيل ، ومع ذلك طبق بهدف زيادة عدد سكان دولة إسرائيل الذي بلغ 7337000 نسمة ، خاصة أمام الزيادة المذهلة للعرب المسلمين ، مما بات يشكل خطرا محققا عليها .
والعرف الدولي والقواعد الدولية ملزمة بهما الجزائر على غرار باقي الدول ، باعتبارها دولة مستقلة متمتعة بالشخصية الدولية ، ولها كامل السيادة ، حيث ينص قانون الجنسية في مادته الأولى على انه : "تتحدد الشروط الضرورية للتمتع بالجنسية الجزائرية بموجب القانون ، وعند الاقتضاء بواسطة المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يصادق عليها ويتم نشرها " ، متخذة أساسها من رابطة الدم باعتبارها اشتراك لغوي وتاريخي وديني وعاداتي وتقاليدي ، مغلبة إياه على رابطة الاقليم الذي يمنح الجنسية الأصلية لمن ولد على إقليمها ، دون النظر إلى اعتبارات أخرى ، وهو نفس المبدأ الذي اخذ به المشرع المصري والتونسي وغيره من التشريعات العربية الأخرى ، لكن الجدير بالذكر أن الربيع العربي وما أسفر عنه من سقوط لعدد من الأنظمة ، أدى إلى توسيع المشاركة السياسية وفتح المجال واسعا امام الأحزاب الاسلامية ووسع حظوظها في البرلمان ، فكان فوز حركة النهضة في تونس وحركة العدالة في المغرب . وتمكن الاسلاميون في مصر من الفوز بثلثي أعضاء مجلس الشورى والشعب ، وكذا تكهنات بعض قادة الأحزاب في الجزائر بشأن فوز الاسلاميين ، وتعاظم حظوظهم في الانتخابات المقبلة ، أخذين بعين الاعتبار الامتداد السياسي لهذه الأحزاب في مختلف الدول العربية .
ترى ماذا سينتج الربيع العربي في ظل التكتلات السياسية في حال فوز الاحزاب الاسلامية ، التي تعتقد ان الانتماء العقائدي أولى وأحق من الانتماء القومي أو الجغرافي أو الاقليمي ؟ ، وإذا كانت نظرة المتسيسين الاسلاميين أن الاسلام هو الحل فتحت أي سماء ترتسم جنسية المسلمين ؟ وفي أي إقليم جغرافي سيتوحدون لمواجهة تحديات العولمة ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - bravoO
mohamed amine ( 2012 / 2 / 21 - 18:58 )
مقالة روعة ما شاء الله بالتوفيق ان شاء الله ومزيدا من الاجتهاد

اخر الافلام

.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس


.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان




.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي


.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن




.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك