الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الدولة في فكر الإمام علي

حسن طبرة

2012 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


إختلفت وجهات النظر التي تفسر معنى الدولة والأسس التي تقوم عليها بإختلاف الفلسفات والمنظرين الذين حاولوا تفسير وشرح مفهوم الدولة، ومقوماتها وعوامل وجودها، ومن الجدير بالذكر إتفاق معظم المفكرين على ضرورة وجود العناصر والمكونات الثلاثة لنشوء الدولة ألا وهي الشعب وهم مجموعة من الأفراد تجمعهم روابط مشتركة سواء كانت تلك الروابط قبلية أو قومية أو دينية وإن إختلفت تلك الروابط فالمكان الذي يمثل العنصر الثاني من عناصر قيام الدولة، وأخيراً العنصر الثالث وهو القيادة السياسية، التي يقع على عاتقها إدارة الدولة، وأدى إختلاف طريقة إدارة الدولة وكيفية إختيار العناصر التي تتولى هذه المهمة إلى إختلاف وتنوع الدول، وبغض النظر عن عناصر الدولة التي تعد من مقومات نشوء الدولة هنالك فلسفات تحدد كيفية قيام الدولة والعلاقة القائمة بين تلك العناصر الثلاث، وهذا المقام لا يسع ذكر كل تلك الفلسفات ووجهات النظر لذا سيتركز الحديث هنا عن فلسفة الدولة لدى الإمام علي عليه السلام، حاول أمير المؤمنين عليه السلام إصلاح وتعديل النظرة الخاطئة للدولة التي كانت سائدة حينذاك، فكان الناس ينظرون إلى الدولة كما يشعرون بها عبارة عن قيام فرد أو عدد من الأفراد بالتحكم بزمام الأمور واللعب بمصائر الشعب بإعتباره الوالي الشرعي الذي لا ينبغي معارضته والوقوف بوجهه مهما كان جائراً وظالماً، فله الحق في التصرف التام بأموال الدولة كما يحلو له، ولكن الإمام علي أكد من خلال خطبه ومقالاته وممارساته العملية من خلال الحكم بأن الدولة تقوم على أساس نظرية الحق، وأن فلسفة الدولة تتضمن الحق المتبادل بين الرئيس والمرؤوس، بين القائد والشعب، بين الرئيس والأمة، بين الوالي والرعية مهما إختلفت المفاهيم .. فعندما يتسلم القائد أو الوالي ولاية الأمر سيترتب على ذلك عدد من الإستحقاقات المتبادلة .. حق القائد على الرعية، وحق الرعية على القائد، حقوق متبادلة لا يمكن التنصل منها أو إهمالها أو التركيز على إحداها، فإن تم التركيز على حق القائد على الرعية فإن الدولة بذلك ستتأسس على نظام الحكم الفردي الدكتاتوري التسلطي، وإما إن تم التركيز على حق الرعية على الحاكم أو القائد فسوف تسود الدولة حالة من الفوضى وإنعدام النظام، لذا فالحق تبادلي من وجهة نظر الإمام علي الذي يقول : (فقد جعل الله لي عليكم حقاً بولاية أمركم، ولكم عليًّ من الحق مثل الذي لي عليكم) (نهج البلاغة،خ215)، ولعظم أهمية هذا الحق يرى عليه السلام أن (أعظم ما إفترض سبحانة من تلك الحقوق) العامة (حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي) بإعتبارها (فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى لكلٍّ على كل) ويبين عليه السلام وجوب الإلتزام بتلك الحقوق من قبل الجميع فيرى إن (الرعية لا تصلح إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلى بإستقامة الرعية)، ومن فوائد ذلك أي (إذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها .. عزَّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، وإعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن) وأذلال هنى بمعنى الطرق، وبالتالي (صَلُحَ بذلك الزمان) بإعتباره النتيجة المترتبة على الإلتزام بالحقوق، (وطُمِعَ في بقاء الدولة) بسبب الرخاء الإقتصادي الذي ستتمتع به تلك الدولة، بإعتبار أن الولاة والقائدة سيعملون جهد إمكانهم لإنعاش الجانب الإقتصادي للأمة ورفع مستوى المعيشة، والإبتعاد عن كل مظاهر الفساد والتعدي على المال العام، و(يَئست مطامع الإعداء) بسبب القوة التي تتمتع بها الدولة نتيجة التماسك والترابط بين القيادة والأمة، وأما إذا كان العكس هو الصحيح، أي إذا (غلبت الرعية واليها، وإجحف الوالي برعيته) فإن ذلك سيؤدي بالتالي إلى إختلاف الكلمة إستشراء مظاهر الفساد والظلم الجور وضعف الدولة، وزيادة الفقر نتيجة الإختلاف الطبقي الناتج من تركز السلطة والثروة بيد القلة القليلة من الأفراد، وحرمان الأعم الأغلب من الناس من الإنتفاع بها، فيرى علي عليه السلام إن الغني كلما زاد من ماله شيء، فإن ذلك يؤدي إلى حرمان شخص آخر منها، فكلما زاد الغني غنىً .. زاد الفقير فقراً ، فهي علاقة متبادلة أيضاً لا بد أن يتم وضع الحلول الناجعة لها، ليصار إلى عدم تركز الثروة بيد عدد قليل من الأفراد وحرمان السواد الأعظم من الناس منها، ولصلاح الدولة لابد في البداية أن يتم إصلاح المجتمع، من خلال الإلتزام بالقوانين والعمل بالأنظمة وحفظ الحقوق والإحترام بين الناس وطاعة الحاكم العادل، وعدم السكوت والخنوع أمام الحاكم الجائر، فالقاعدة الذهبية تقول (كيفما تكونوا يولى عليكم)، فالأصل في صلاح الدولة هو صلاح المجتمع، فالقيادة عادة تنبثق من رحم المجتمع، فإذا كان المجتمع غير صائناً للحقوق وحافظاً للحريات ومتحلياً بالقيم الأخلاقية الفاضلة، بالتالي سيمهد ذلك الأرضية لوجود قيادة طاغية متفرعنة، تستغل إنحطاط المجتمع وعدم تماسكه، في فرض السلطة والتحكم به بالجور وتغييب العدل والإنصاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صديقي العزيز
محمد لفته محل ( 2012 / 3 / 18 - 18:42 )
صديقي حسن الكبير ولاية الفقيه هي النقيض للديمقراطية ابتدأ من شخصية الحاكم المختار من الله!!! واحكامه المجسدة لاحكام الله!! وليس لهم حق التظاهر او المحاسبة امام القضاء، وليس للناس سوى حقوقهم من بيت المال، ثم ان علي بن ابي طالب فشل في جمع شعبه ضد معاوية ابن ابي سفيان؟

اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ