الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرس الديمقراطية الفلسطينية

الياس المدني

2005 / 1 / 11
القضية الفلسطينية


لم تصدر بعد النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الفلسطينية رغم ان النتائج الاولية تعطي الاخ محمود عباس نحو 70% من الاصوات مما يجعل منه الرئيس الفلسطيني القادم.
ورغم كل العوائق التي واجهت المواطنين الفلسطينيين ورغم كل الهفوات والاخطاء التي رافق عملية التصويت والانتخاب الا انه لا بد من القول بأنه كان فعلا عرس الديمقراطية الفلسطينية، العرس الذي لم تعرف الدول العربية مثله بشهادة آلاف المراقبين الدوليين والعرب ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني.
وهذا اليوم كان يوم الانتصار الكبير ليس انتصار حركة فتح ولا انتصار مرشحها للرئاسة ابو مازن فقط انما انتصار الشعب الفلسطيني كله داخل الاراضي الفلسطينية وفي الشتات.
منذ رحيل القائد الفلسطيني الاول راهنت العديد من القوى الاقليمية والدولية وعلى رأسها اسرائيل وامريكا على انفجار الصراع الفلسطيني الداخلي وهو كما تنبأ بعض المحليين الغربيين سيكون صراعا دمويا ذا اتجاهات عديدة:
فمن ناحية صراع داخلي على الخلافة في حركة فتح بين انصار الحل السلمي وانصار المقاومة المسلحة ستكون احدى نتائجه انشقاق حركة فتح الحركة الاقوى على الساحة الفلسطينية وبالتالي انقسام فلسطيني داخلي؛
من ناحية ثانية صراع بين القوى العلمانية والوطنية من جهة والحركات الاسلامية من جهة اخرى، سيؤدي الى نشوء قتال داخلي يذهب ضحيته المئات وبالتالي سيفقد منظمة التحرير حق التمثيل السياسي الفلسطيني مما سيؤدي حتما الى فرض حل غير مقبول فلسطيني ولكنه مقبول دولي بسبب عدم وصول الشعب الفلسطيني الى مرحلة تؤهله لحكم نفسه بنفسه.
غير ان كل هذه "الآمال" وهذه التوقعات باءت بالفشل واثبت اليوم ان الشعب الفلسطيني هو شعب يستطيع كغيره من الشعوب الالتزام باصول وقواعد العملية الديمقراطية بما فيها الانتقال السلمي للسلطة وايضا الانتخابات الحرة والنزيهة التي في الحقيقة لا تعطي الرئيس 99% من الاصوات ولكنها تعطيه الهوية الاخلاقية لتمثيل شعبه والتحدث باسمه. اثبت الشعب الفلسطيني انه رغم كل العراقيل ورغم كل المضايقات قادر على فرض نفسه واعلاء صوته. واثبت انه قادر على احترام اراء الآخرين حتى ولو اختلف معها مبدئيا وعقائديا.
انه اليوم الذي نطلق عليه عيد الديمقراطية الفلسطينية.
انتهت الانتخابات. وبدأ فرز الاصوات ويحق لكل فرد ولكل مرشح ان يطعن بنتائجها اذا كانت لديه الدلائل على خروقات او اخطاء جرت اثناء عملية التصويت وهذا ايضا من ابسط قواعد الديمقراطية. ويجب على المحاكم او الجهات المخولة البحث بهذه القضايا والفصل فيها. وهذا لا يقلل من اهمية العرس الديمقراطي بل يزيد من اهميته وفعاليته. ويثبت نضوج الفكر الديمقراطي عند الشعب الفلسطيني.
اليوم انتهت مرحلة تاريخية هامة من حياة شعبنا هي مرحلة الرئيس الراحل ياسر عرفات ودخلنا في مرحلة جديدة. ندخلها من باب الديمقراطية الواسع، ويمكننا اليوم كما كنا ننادي قبل سنوات دفاعا عن عرفات بان هذا الرئيس هو الرئيس الفلسطيني الذي انتخبته الجماهير الفلسطينية، اعطته ثقتها وعلقت عليه الآمال.
قد نلتقي او نختلف مع ابو مازن قد نقبل ببرنامجه السياسي او لا، قد نوافق على طروحاته ام لا، لكنه اصبح اليوم رئيس الدولة الفلسطينية رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن واجبنا كلنا كشعب وقوى وطنية واسلامية بالوقوف الان الى جانبه وتقديم الدعم له لكي نثبت ان ديمقراطيتنا ليست فقط في اعطاء الاصوات او المشاركة في الانتخابات او مقاطعتها.
اليوم لابد من توجيه التهنئة الى حركة فتح التي استطاعت ايصال مرشحها الى منصب الرئيس، ولكن ايضا لابد من احناء الرأس امام الحركات الوطنية والاسلامية الاخرى التي لم تقف عائقا امام العملية الديمقراطية، ولم تقم باي عمل – كما راهن بعض المحللين – من شأنه ان يسيء الى العملية الديمقراطية الفلسطينية، وهذا يدل على نضوج سياسي ووعي بما يواجه شعبنا من مخاطر.
غير انه على الرئيس الجديد ايضا ان يعي تماما قواعد اللعبة الديمقراطية، وعليه ايضا ان يعرف المهام الاساسية التي يجب ان يقوم بها. فالشعب الذي منحه الثقة ينتظر منه الايفاء بالوعود الانتخابية التي قطعها ابو مازن على نفسه وليس اقلها الالتزام بالاهداف الوطنية العليا وعلى رأسها العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف.
الشعب اختار ابو مازن ليكون ممثله الاول، لكنه ايضا اختار ابو مازن لكي يخرجه من دوامة الفقر والفساد. وابو مازن اخذ على عاتقه كرئيس لدولة فلسطين حل المشاكل اليومية هذه لابناء شعبه. والان جاء دورنا الحقيقي كصحفيين وكقوى وطنية واسلامية لمراقبة اعمال ابو مازن، والتدقيق في وعوده الانتخابية هل كانت وعود بلا رصيد ام انها وعود يعمل على تحقيقها لاخراج الشعب الفلسطيني من مشاكله الاقتصادية والادارية والسياسية؟
خلال حملته الانتخابية كنت من المعارضين لاعتلاء محمود عباس منصب رئيس السلطة الوطنية لأنني اعارض جمع السلطات كلها بيد واحدة، ولاعتقادي بان امامه الكثير من المهام التي يجب عليه القيام بها كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليس اهمها الاصلاح وجمع الصوت الفلسطيني وادارة الصراع اليومي مع العدو الصهيوني واعطاء المنظمة دورا فاعلا في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. غير ان الشعب الفلسطيني اراد غير ما اردت شخصيا ووضع ثقته بمحمود عباس. وتتطلب مني قواعد الديمقراطية احترام هذا الرأي.
منذ اليوم اضحى ابو مازن الرئيس الفلسطيني وكما اثبتت القوى والشعب الفلسطيني ديمقراطيتها من خلال العملية الديمقراطية التي نضجت اليوم فعلى الرئيس ايضا ان يثبت ديمقراطيته من خلال الالتزام بقرارات الهيئات التشريعية الفلسطينية، حتى وان اختلف معها عقائديا ومبدئيا وكما وافق اليوم على حكم الشعب بانتخابه رئيسا له فعليه في الغد ان يحترم قرار الشعب بالتمسك بالثوابت الوطنية وعدم التنازل عن الحقوق الوطنية المشروعة وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير وبناء الدولة الوطنية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
اليوم اثبت الشعب الفلسطيني نضوجه الديمقراطي واعطى مثالا لكل شعوب المنطقة كيف يمكنه التغلب على كل الصعاب من اجل اعلاء صوته وتقرير مصيره، فيحق لنا كفلسطينيين ان تحتفل بهذا اليوم وان نقول انه عرس الديمقراطية الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا