الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جندي مجهول آخر عمل لفلسطين

محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)

2012 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الفنان برهان حسين سليمان اليماني
جندي مجهول آخر عمل لفلسطين
مشاعره نحو فلسطين تجري في عروقه مع الدم، شأن غالبية الفلسطينيين. هو لطيف ومحدث لبق. ويتحلى بعدد من الصفات التي تؤهله لأن يكون فناناً، كالجرأة والصدق والأمانة والإخلاص والاستعداد للتضحية والبذل ونكران الذات والأخلاق الرفيعة.
أعماله مميزة تؤرخ بطريقته الفنية معاناته وعزيمته وتطلعاته. كما إنه حافظ على هويته الفنية الفلسطينية والتي تجلت في أعماله من خلال اختياره للموضوعات التي عكست قضية الوطنية بنكبتها ونكستها، وأبعادها النفسية والاجتماعية والسياسية. وهو عملة نادرة في مخيماتنا مخيمات اللجوء في لبنان. وهو المثقف الملتزم والمناضل العنيد. وهو بحق أحد أفضل من نقد ((القائد)) الفلسطيني الساقط بعد الفنان ناجي العلي، ورسمه على هيئة حمار، ذاك الذي ركب موجة النضال أيام الثورة ولبس ثوب المسالم أيام الاستسلام. وحياته كلها عزة وكرامة وهيبة ورونقاً وأملاً بالعودة إلى كامل التراب الفلسطيني.
إنّه الفنان الفلسطيني برهان اليماني ابن سحماتا - قضاء عكا، صاحب الخطوط الحادة في الرسم التي تميل كثيراً للحزن والقسوة، وهي انعكاس طبيعي لفترة النكبة ولحياة الذل التي عاشها في المخيمات، وما تلاها من تخاذل المتخاذلين وتآمر المتآمرين. الفن بالنسبة له نوع من التعبير عن الحلم الفلسطيني وتجسيداً للجرح.

برهان اليماني: الإنسان والفنان
لماذا اليماني؟ تعود التسمية إلى أحمد علي سليمان جده لأبيه الذي كان يخدم في الجيش التركي [العثماني] في اليمن، وبعد هزيمة تركيا في الحرب بقي في اليمن لمدة 15 سنة ثم عاد إلى فلسطين ولقب باليماني. برهان حسين سليمان اليماني (أبو وائل) مواليد قرية سحماتا عام 1941، وفي عام النكبة وتحديداً في تشرين الثاني ضاع في وادي القرن هو وأخته نظمية (أسمهان) وبعد رحلة بحث وعذاب طويلة عثر عليهما خاله جميل قدورة.
بعد وصولهم إلى لبنان قسراً بدأت رحلة اللجوء من مكان إلى آخر ومن مخيم إلى مخيم داخل الأراضي اللبنانية. وكأنّ هذا الظلم لم يكن كافياً، بل جاء بعد ذلك دور المكتب الثاني (المخابرات اللبنانية)، فعاش برهان مثل الكثيرين من أبناء المخيمات معاناة متواصلة من مطاردة المكتب الثاني له، حيث سجن أول مرة وهو بعمر 16 سنة في سجن الرمل في بيروت، لأنه كان ناشطاً في صفوف حركة القوميين العرب، وفي عمر 11 سنة وزّع بيانات للحركة. ومكافأة له على نشاطه حسب قوله تم فصله من حركة القوميين العرب عام 1961، وفي العام 1967 بعد هزيمة حزيران طلبوا منه العودة إلى صفوف الحركة، لكنه رفض ذلك مدة من الزمن.
كان برهان اليماني من أوائل الذين انتقدوا جورج حبش (الحكيم)، وفي نيسان 1973 ترك صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، علماً بأن أجزاء من الجبهة لا تزال تعيش فيه إلى يومنا هذا. يحنّ كثيراً إلى القادة أبو علي مصطفى وأحمد سعدات وليلى خالد وإلى الأديب غسان كنفاني وكان لهم نصيب من رسوماته.
حال الفنان برهان اليماني لا يختلف كثيراً عن حال الفنان ناجي العلي وسائر الفنانين، حيث إن الفنان لا يستطيع أن يبقى طويلاً داخل الأطر الحزبية الضيقة. قال لي الفنان برهان اليماني يوم زرته في منزله بمخيم البداوي شمال لبنان في شهر نيسان/أبريل 2007: ((لم أتوقع أن أكون يوماً ما رساماً، بدأت الرسم بعمر 9 سنوات يوم كنت تلميذاً في الصف الثالث الابتدائي. الرسم الأول في حياتي كان عام 1951 عبارة عن بورتريه لمدير مدرسة الصبيان الأولى الرسمية للبنين- ميناء طرابلس الأستاذ بطرس دوره. وفي العام 1956 فزت في المرتبة الأولى بمسابقة نظمتها الدولة اللبنانية لكل مدارس المعارف في لبنان، وهي عبارة عن رسم حُر)).
في حزيران 1961 وفي إحدى مسابقات الرسم في طرابلس استحق الفنان اليماني المرتبة الأولى ولأنه فلسطيني تم منحه المرتبة الثانية، وفي يوم الاحتفال بالفائزين وتسليم الجوائز، همّ رئيس الوزراء اللبناني في تلك الفترة رشيد كرامي ليسلمه جائزته، فرفض الجائزة لأنه استحق المرتبة الأولى لا الثانية وغادر القاعة. وفي السنة نفسها جمعتهما الصدفة في مناسبة أخرى فنظر إليه الرئيس كرامي مطولاً، فقال له برهان اليماني نعم أنا الشخص نفسه الذي غادر القاعة رافضاً الجائزة، فابتسم الرئيس كرامي وهمس في أذنه قائلاً: (المهم الكرامة ولو كنت مكانك لفعلت الشيء نفسه).
اشترك الفنان برهان اليماني في العديد من المعارض في لبنان وخارجه، وبعض لوحاته تعهد ابن أخيه خالد اليماني أن يعيدها له بعد إشراكها في أحد المعارض في أوروبا، إلا أنّ هذه اللوحات لا تزال تجوب المدن البلجيكية والألمانية دون أن تعثر على طريق عودتها إلى مخيم البداوي شمال لبنان، حيث حوّل (أبو وائل) منزل العائلة القديم في المخيم إلى معرض دائم تُعرض فيه لوحاته الفنية التشكيلية. أمّا خالد اليماني فما زال مصراً على تفاؤله بأن اللوحات الفنية التشكيلية ستعود يوماً ما مهما طال الزمن رغم انقطاع أخبارها.
برهان اليماني الرياضي
استقر برهان اليماني في البداية مع أهله في منطقة الميناء- طرابلس شمال لبنان، ثم استقر بعد ذلك في مخيم البداوي. كان برهان يهوى لعبة كرة القدم، وتدرج مع الزمن وتطور من لاعب إلى مدرب. وفي العام 1950، بدأ برهان يذهب إلى ملعب مدرسة الطليان الذي يبعد أمتار قليلة من منزل عائلته، ليتفرج على مجوعة من الشباب التي تمارس تمارينها وألعابها هناك. ثم جمع بعض الأولاد من أصدقائه في الحارة وفي المدرسة، وشكل فريقاً لكرة القدم ثم تسلم قيادته. وفي (1950-1958) لعب مع أشبال الميناء بعد أن ضمه رئيس النادي محمد الدهيني (أبو حسين) إلى فريقه، فريق الأشبال، ولأنه كان متميزاً، لعب عدة مرات في صفوف الفريق الأساسي (درجة ثانية).
في العام 1958 انتقل برهان اليماني إلى مخيم البداوي ولعب مع فريق شباب العرب. وفي العام 1960 انتقل من الكلية الوطنية الأرثوذكسية إلى كلية التربية والتعليم ليقوم بتدريب لاعبي فريق الكلية. ثم أصبح فريق الكلية هو فريق الرياضة والأدب وأصبح برهان مدرباً له ومدرباً لفريق شباب العرب في آن. وفي العام 1964 استطاع برهان أن يوصل فريق الرياضة والأدب إلى فرق الدرجة الأولى. وفي العام 1979 عاد برهان إلى فريق شباب العرب. وفي العام 1991 درب نادي الاجتماعي طرابلس- القبة وخلال عام واحد أوصله من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى. وفي العام 1992 درب نادي السلام زغرتا درجة أولى. اليوم يدرب أشبال مخيم البداوي.
مع أنّ الحزن لوّن جميع لوحاته الفنية، إلا أنّ (أبو وائل) الرياضي متفائل يُحب الحياة، إذا واجهتهُ صعوبات تجاوزها. وهو مؤمن بأنه في يوم من الأيام سيعود الفلسطيني إلى وطنه وستعود فلسطين باسم فلسطين.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع