الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أقرب الواقفين على الربوة للسقوط

بشير الحامدي

2012 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


إلى بعض "المثقفين" ما أقرب الواقفين على الربوة للسقوط
بعض "المثقفين" العرب من الكتاب والصحافيين الذين يقولون عن أنفسهم أنهم مهتمون بالشأن السياسي ومتابعون لما يجري في المنطقة العربية وتحديدا من الاتجاه المسمى يسار تقدمي نسمع لهم تحاليل ونقرأ لهم مقالات هذه الأيام حول السيرورة الثورية المتواصلة الآن في بعض بلدان المنطقة العربية فلا نفهم منها غير مصادرتهم لكل ما حدث وما هو مستمر من فعل نضالي جماهيري لم تشهده المنطقة منذ أكثر من نصف قرن بتصويره مجرد هبة أو تمرد عفوي وحركة فوضوية لجمهور غير واع دون قيادة ودون برنامج ودون هدف في حين أن الأحداث لم تكن بهذه الصورة إطلاقا. فالجماهير التي ثارت سواء في تونس أو في مصر قد تجاوزت ممارسة ووعيا الأحزاب والنقابات وكل الهيئات التقليدية التي كانت تقول عن نفسها معنية بالثورة وبقيادتها والتي رأيناها في بداية السيرورة الثورية غائبة مرتبكة مكبلة بعيدة عن انتفاضة الجماهير وعيا وممارسة وحتى لما حاولت اللحاق بالحراك والارتباط به فإنها لم تستطع مواكبته ومسايرته. لقد ظلت وبرغم محاولاتها تلك عاجزة عن تخليص نفسها من الميت فيها لصالح ما هو حي. لم تع هذه الأحزاب و النقابات والجمعيات أنها أصبحت تنتمي لعالم قديم وجب عليها فك أسرها منه. لم تع أن المطروح كان الالتحام بالجماهير والعمل من داخلها ومعها والتعلم منها. لم تع أن الجماهير وزمن الانتفاضة والثورة تصبح هي الطليعة وهي الحزب وهي القائد وهي المرشد وهي المعلم. لم تدرك تلك الهيئات من أحزاب وجمعيات ونقابات أنها وكأشكال تنظم هرمية بيروقراطية قد استوعبها نظام رأس المال وأنها وفي كل الأحوال لا يمكن أن تكون إلا أحد أدواته في الضبط والإذعان ضبط الجماهير ودفعها للإذعان تحت ألف تعلة وتعلة [طبيعة المرحلة ـ برامج الحد الأدنى والحد الأقصى ـ النضال السلمي... إلخ ]. لقد تجاوزت الجماهير وعيا وممارسة المنضمات والأحزاب الإصلاحية البيروقراطية لقد خلقت الجماهير أشكال تنظمها الذاتي وتوحدت على شعارات ومهمات أنجزت منها الكثير وأبدعت شعارات هي اليوم بمثابة البرامج والأطروحات وكان لها صدى واسع في الحركة الثورية العالمية إلا أنه ونظرا لجملة ظروف أخرى في علاقة بمستوى تطور أشكال التنظم الذاتي والسياسي للجماهير وبمستوى قوة قوى الثورة المضادة تراجعت السيرورة الثورية وتراجع الفعل الثوري الجماهيري وتمكنت القوى الرجعية من الالتفاف على المسار وتنصيب نفسها في السلطة.
إن ذلك لا يعني بالمرة أن ما حدث لم يكن غير فوضى كما يردد .بعض "المثقفين" وبالتالي كان من الأفضل أن لا يكون. فرجاء قليلا من فتح العين على الواقع فالذي يستحق الوقوف عنده وتحليله ونقده وتجاوزه هو هذه الأحزاب البيروقراطية الإصلاحية وهذه المنضمات والنقابات المتكلسة المساومة هي وبرامجها وسياساتها وهي التي لم تقم بالدور الذي ادعته لنفسها عقودا لا بل فقد شاركت في عملية الالتفاف التي حصلت بتلك السياسات الإنتهازية والإصلاحية التي سارت عليها وهو ما جعلها تلعب دور الكابح الذي حال دون تجذر السيرورة الثورية ودون وصول الجماهير الثائرة إلى إدارة شؤون الحكم والثروة بالشكل الديمقراطي الذي تحتمه مصالحها. .
لا شيء حسم إلى اليوم فالسيرورة الثورية مستمرة ولا يجب أن نتوقف عند الحاصل الآن واعتبار المسار اكتمل. لا يجب التحليل بالنتائج وبالحتمية لأن ذلك سيقودنا إلى القول أنه ما كان لكومونة باريس أن تقع وما كان لمعركة شيكاقو أن تقع وما كان لثورة 17 أن تقع وما كان لانتفاضات الحجارة أن تقع وما كان لماي 68 أن يقع إلخ... أي عدمية هذه . فعلا هناك ألف طريقة ليسقط البعض. وما أقرب الواقفين على الربوة للسقوط.
ــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
23 فيفري 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف