الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضيحة البارجات التركية في البصرة: توربينات مستعملة في باخرة لنقل الحبوب!

جمال الخرسان

2012 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من المبالغة بمكان الاعتقاد بان ملف الكهرباء هو اكثر ما يهدد مصير العراق الامني، الخدمي، والمالي، بل هو الملف الاخطر الذي اقتاتت عليه الجماعات السياسية، المليشيات المسلحة، ومافيات الفساد الاداري او القطط السمان في العراق.

كانت الجهة المعنية بالكهرباء هيئة ثم اصبحت وزارة، وحينما اصبحت وزارة استنزفت ميزانية الدولة على بكرة ابيها دون تحقيق نتائج ملموسة، فيما اكتفى المواطن العراقي بترنيمة (الواط واط) التي تتردد على السنة كبار المسؤولين في الدولة وكان حظه من الطاقة الكهربائية ما تلهث به المولدات الاهلية.

المصائب تهون جدا لو كانت مشكلات الكهرباء مقتصرة على عدم التجهيز لساعات طويلة او حتى عدم التجهيز اصلا طوال اليوم، الامر يتجاوز ذلك ليمثّل مساحة مسترخية جدا للباحثين عن الفساد الاداري والمالي، ومنطقة رخوة لكل من يود ان ينتفخ بين ليلة وضحاها فردا كان او جماعة.

في ذات السياق وفي واحدة من اكبر الصفقات العراقية اثارة للجدل.. وهي صفقة المحطات العائمة التركية الثلاث التي كان يفترض ان تزود الشبكة الوطنية بما يقارب 360 ميكا واط، فإن الوقائع على الارض تؤكد بإن تلك المحطات ( البواخر ) جميعا لايصل اجمالي الانتاج فيها الى النصف مما كان متفقا عليه! ناهيك عن استهلاكها 7% مما ينتج!

الصفقة تمت بين وزارة الكهرباء وبين شركة ( karkey) التركية عام 2009 من اجل استئجار ثلاث بواخر عائمة مختصة بانتاج الطاقة الكهربائية لمدة خمس سنوات، السفينة الاولى (دوغان باي باور) التي ترسو حاليا عند إحدى منصات ميناء أُم قصر، والثانية ( رؤوف ) ترسو في ميناء خورالزبير، اما السفينة الثالثة ( آرام سلطان ) فترسو ايضا في ميناء ام قصر.

البواخر الثلاث وصلت في فترات زمنية مختلفة، وكلما ادخلت واحدة منها للخدمة اثارت الصدمة في اقصى ما تنتجه من طاقة. اثير حول تلك الصفقة في وسائل الاعلام كلام كثير، مما حدى بمجلس محافظة البصرة بتشكيل لجنة لمراجعة الصفقة فقد جاء على لسان فاضل المالكي النائب في مجلس المحافظة إن "مجلس المحافظة شكل لجنة لتدقيق ومراجعة عقد استئجار البارجتين، سعر الصفقة مرتفع جدا، مع عدم التزام الشركة الموردة ببعض بنود العقد ومنها تزويد البارجة الاولى بتوربينات مستعملة".

في المقابل فإن وزارة الكهرباء من جهتها نفت ذلك، ففي تصريحات لوسائل الاعلام قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء ابراهيم زيدان بأن: " وزارة الكهرباء تنفي الشائعات وتعدها جزءا من حملة سياسية تستهدف الحكومة العراقية والمؤسسات التابعة لها ". واستغرب من حديث بعض وسائل الاعلام حول الموضوع من دون ادلة قائلا انه "من غير المعقول أن تتحدث من دون دليل او اي مستند قانوني، فالغرض الوحيد هنا هو، التشهير واتهام الوزارة بالتقصير من اجل اهداف سياسية واضحة .. الوزارة ارسلت وفداً من الخبراء والمهندسين المعنين إلى تركيا لأستيراد افضل نوعيات البارجات الكهربائية ".

وسط هذا الضجيج المتبادل بين مختلف القوى السياسية والرقابية حول ملف البارجات فإن ما يقطع الشك باليقين هو البيان الصادر بتاريخ 12/ايار/2010 عن شركة وارتسيلا الفنلندية وهي الشركة التي تكفلت بتجهيز توربينات البواخر الثلاث بطلب من الشركة التركية حيث تؤكد الشركة وبشكل صريح وواضح بانها ابرمت عقدا مع الشركة التركية من اجل تجهيز صفقة البواخر التركية التي يفترض ان تستاجر للعراق! ويضيف بيان الشركة الفنلندية ان الصفقة شملت اصلاح توربينات قديمة جلبت من الصين ودبي من اجل اعادة تاهيلها ونصبها في البواخر الثلاث! وهذا رابط البيان من موقع الشركة الفنلندية الرسمي الخاضع للرقابة والذي لا يمكن التلاعب به بسهولة:
http://us-cdn.creamermedia.co.za/assets/articles/attachments/27518_wartsila.pdf

نهاية المطاف تؤكد بان المواصفات العالية التي وعدت بها وزارة الكهرباء لم تكن الا مواصفات متهالكة، ترسم ملايينا من علامات الاستفهام حول كفاءة الجهات المعنية بابرام ومتابعة العقود في وزارة الكهرباء! وتؤشر اما عن عدم قدرتها على متابعة ملفات حساسة ومعقدة من هذا النوع، او حتى تضع نزاهة القائمين عليها على المحك! وذلك بعد ان اثبتت كل الدلائل والمؤشرات بأن الشركة التركية اشترت مجموعة من التوربينات القديمة، وركبتها على بارجة كانت بالأصل باخرة عملاقة لنقل الحبوب وتم تحويرها لتكون محطة بحرية متنقلة لإنتاج الطاقة الكهربائية. وبعد ان انتهت لعنة الارهاب وتقطيع الاسلاك الكهربائية واسقاط الابراج لم يبق امام القائمين على الكهرباء لتبرير تلك الفضيحة الا لعنة الغبار الكثيف والعواصف الترابية التي تربك عمل البواخر التركية.

جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا