الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة بالقوة..إدارة بالقوة المفرطة

مجدي مهني أمين

2012 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك في أن بلادنا وقعت تحت نير الإدارة بالقوة أجيالا وسنوات طويلة، والمقابل الموضوعي للإدارة بالقوة هو الإدارة بالفعل، ربما حصدنا هذه الإدارة بالفعل مع تشكيل أول حكومة برئاسة سعد زغلول سنة 1924، ولم تستمر لأكثر من عام، وكافة الحكومات التي جاءت، حتى بالانتخابات، كانت دائما بفعل فاعل، بفعل القصر، أو الانجليز، وكل طرف كان عنده أحزابه ورجاله وصحافته، كل بالقوة مش بالفعل، وكله كان بعيد عن المواطن المعدم، حافي القدمين، وعن الفلاح المطحون، كلهم بالقوة، وضد الشعب.
وجاءت الثورة، ولم تخرج عن النسق السائد، جاءت أيضا بحكومات بالقوة، الجديد انها طرحت ان تكون هي التي تعمل من أجل الشعب، في الحالتين الشعب غائب، وان كانت الحكومات السابقة للثورة ضد الشعب، فحكومات الثورة كانت ضد المثقفين، يا يمشوا على مقاسهم، يا يتهموا بالعمالة والخيانة وتشوه صورتهم، ويلقى بهم في المعتقلات، بدون محاكمة، أو بمحاكمات صورية جائرة.
وهنا لم يخرج نظام مبارك عن هذا النسق، عندما بدأت صحافته تشوه صورة البرادعي، وان اضاف مبارك بعض الحنكة لصنعة الإدارة بالقوة، ألا وهي تحويل بعض الخصوم للقضاء في قضايا جانبية، كما حدث مع سعد الدين إبراهيم، وأيمن نور، وغيرهم.. إدارة بالقوة تطور من أدواتها، ولا تطور من طريقة تفكيرها، إدارة تكيل بمكيالين أو بالعديد من المكاييل، يتم فيها التمييز بين المواطنين على أساس الدين والجنس واللون والمستوى الاقتصادي، أدارة بياكل فيها الشعب في روحه لانه مش قادر يقترب أو يهوّب من هذه الإدارة، أدارة تسيطر على كل الصحف والاذاعة والتلفزيون والنقابات ولا نقول الاحزاب لأنه لم يكن هناك أحزاب بالمعني الحقيقي والندي للأحزاب.
ثم مررنا بنفق الثورة الدموي حيث أثبت الشعب جسارة منقطعة النظير، شهد لها العالم، فإذ بنا أمام نفس الإدارة بالقوة، واتولدت مع هذه الثورة أحزاب، ولكن أصبح جواز مرورها هو التحالف مع الإدارة بالقوة، نفس الإدارة، الفرق أنه في إدارات قبل الثورة كان الخوف هو السائد، أما بعد الثورة فالتخويف هو السائد، لأن الناس كسرت طوق الخوف.
ورهان حكومات القوة بعد الثورة، هو ألا يستطيع الناس أن يكسروا طوق اليأس، هكذا تدور اللعبة؛ فاليأس كافٍ كي يعيد الناس للمربع الأول، مربع ثورة رومانيا والعياذ بالله ، الثورة التي خرج الشعب منها بخفي حنين، وتركزت السلطة فيها مرة أخرى في يد فئة صغيرة.
الغريب أن آلة السلطات الراهنة هو التعنت في تلبية طلبات الثوار، ومطاردتهم، وتشتيهم، ثم الدعوة للاستقرار والعودة للانتاج، ولقد حققوا العديد من المكاسب في المطاردة والملاحقة، لكنهم يضللون الناس في دعوتهم للاستقرار والعودة للإنتاج، فلا استقرار بدون عدالة، لا استقرار بدون "إدارة بالفعل"، إدارة القوة لا تحقق الاستقرار، فلو كانت إدارة مبارك مستقرة، لما قامت الثورة. لماذا نتوقع الثورة في كل البلدان التي تعاني من حكومات طاغية؟ نتوقع ثورات في هذه البلدان لسبب بسيط وهو أن حكومات هذه البلدان غير مستقرة، لأنها حكومات مفتعلة وغير عادلة، وسيتم الإطاحة برؤساء هذه الحكومات، بهم أو بورثتهم، لأنها حكومات غير عادلة، مهما اشتدت قبضتها.
والإنتاج صنو الاستقرار، فالإنتاج إبداع، وأفق واسع، ومشروعات ضخمة، وهذه كلها لا توفرها النظم المستبدة التي تدار بالقوة، حيث يعود الشعب لحالة الجمود والبلادة وعدم الإنتاج، وتعيش البلاد مرة أخرى على الإعانة، وتستنزف الفئة المحظوظة – في غياب الشفافية والرقابة- كافة الموارد المتاحة. فعن أي إنتاج يتحدثون؟ هل قاموا بفتح مصانع والناس رفضت الذهاب للعمل بها؟ أو هل بدأوا في استصلاح أراضي والناس أحجمت عن اللحاق بهم في استصلاحها؟ عن أي إنتاج يتحدثون؟
مع الإدارة بالقوة نتخبط ونتلاطم، نتحرك جميعا كريش تعصف به الرياح، فيجبر البرلمان أحد نوابه على الاعتذار للمشير، ولا يطالب المشير بالاعتذار عن كل القتل والسحل للثوار الأبرياء، ولا يطالبه بتسليم الجناة للعدالة، ولا يطالب مصطفى بكري بالاعتذار عما قاله بحق البرادعي، فمن مؤشرات الإدارة بالقوة أنها كالأمواج المتلاطمة التي تتقاذف شعوبها ومفكريها وثوارها دون رحمة كي تغرقهم في يأسها.
لقد كسر الناس طوق الخوف، وليس أمامهم إلا طوق اليأس الذي لم يكسروه بعد كسرا كاملا واضحا، وعليهم أن يكسروه وأن يكملوا ثورتهم حتى يصلوا بها بر الأمان، في ظل إدارة تدير البلاد بالفعل ولا تديرها بالقوة، حتى يصلوا بالبلاد لاستقرار بالفعل، وانتاج بالفعل، وديمقراطية بالفعل وتنمية بالفعل، بدلا من كل ما يجرى الآن من سعي لاستقرار من خلال التهديد والقمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار