الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اصبح العرب ظاهرة صوتية مقطوعة الصلة بالمدنية ؟

سامي بن بلعيد

2012 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


انظروا الى تأريخنا العربي منذ الازل
انه تأريخ يتسم بالصراع والتعصُّب على مر العصور فلم نلتمس ولن نسمع عن اي مرحلةٌ تأريخيةٌ عربية ساد فيها الاستقرار بشكل شبه كُلي او انها حققت تقدم حضاري على شعوب أُخرى غير تلك الحُقبة التأريخية الذهبية من عصر الاسلام ... ولكن تلك المرحلة لم تترك ذلك العمل الجبار في عقلية الاُمّة العربية والسبب ليست
في المنهج ولا في رجال ذلك الزمن ولكنه في شخصية الانسان العربي تلك الشخصية العاطفية الانفعالية للبدوي .

العربي يقول اشياء ويدعي بأنّه صنع المنجزات والانتصارات ومن كُثر ما يقولها يصدق نفسه ويعتبر نفسه قد انجز مالا ينجزه احد ولم يعد بحاجة الى عمل اي شيئ
العربي عاشق ومفتون بالظهور ويميل الى الترفيه ان امكن له ذلك ... فقد نستطيع ان نقرأ بعض من شخصيتنا في النصف الاخير من القرن العشرين ... فمن يلاحظ افراد العائلة السعودية وسلوكهم في الخمسينيات والستينيات _ وبرغم انهم اغلب الداء _ ولكننا كُنّا نلتمس بعض المواقف هنا وهناك مما يظهر بعض الانتماء الى الاصالة شيئٌ ما ... والتمسنا تقشُّف بعضهم قبل ظهور الذهب الاسود ... ولكنهم ومع تدرّجهم في التآمُر على سائر الامة من اجل ضمان عروشهم وضمان مصالح الغرب نرى اولئك الذي كان الفقر والعوز ظاهر على وجوههم لم يعد في حسابهم من كانوا وكيف اصبحوا .؟.. احد امراء العائلة الذي صرف المليارات في زواجه الاول وطائرة ضخمةٌ تتنقل به على جميع دول العالم لمدة شهرين ... وحالات البذخ التي كان يظهر بها ... ويظهر بها اغلب افراد العائلة عندما يجوبون منتجعاتهم الخاصة في اوروبا وامريكا .... لم يجد هناك اي تحليل للظاهرة

ولم يقتصر الامر على تلك العائلة ... فالعائلات هي من تصدر حكم الشعوب العربية وكلاً منهم سخّر الارض والانسان لمصالحه ورفاهيته ... والاسوى من ذلك اننا رأينا افراد سموا انفسهم بقادت ثورات وانتهجوا الديمقراطية والاشتراكية وكانوا في البدايةَ قريبين من الناس .... ولكنهم عندما وصلوا الى مواقع الحكم تغيّرت كل سلوكياتهم واعمالهم ولم يتكبروا ويبذخوا فحسب بل ضربوا الجماهير التي صفّقت لهم واذاقوها الويلات .

لا إله إلاّ الله .... المتدينين يقولون اشياء جميلة من على ظهور المناير ويسحرون الالباب ببلاغة بيانهم ... اشكالهم جميلة وهم يذهبون الى المساجد ... ولكنهم على الارض غير موجودين ... بل انهم ومقابل ساعة جميلةٌ يجعلونك تبكي من الخشوع ولكن للاسف مقابل تلك الساعة يجعلونك تبكي باقي الاسبوع من طباعهم الجلف والمخالف لما يقولوه ... اما اذا سيسوا الشريعة فيا ويلك ويا سواد ليلك يا عربي .

العربي الانسان اصبح شخصية غريبة الاطوار وكثيرة التقلبات يدفعه حب الظهور وحب المادة الى التقلُّب مثل الحرباء ... حتى المواطن العادي صار ينظر الى المادة ويضعها في ميزان اغلى منه واغلى ممن حوله واغلى من الوطن .... ومثال ذلك آلاف المتسولين في صنعاء والذين كانوا ضحية لنظام علي صالح خرجوا يهتفون بالروح والدم نفديك يا علي مقابل شيئ زهيد من المال لا يفي بمتطلبات يومهم .

عامة العرب يتظاهرون بالطيبة والتواضع وبالوطنية عندما يكونون بعيداً عن تأثير المادة وعندما يصل بعضهم الى مركز مالي معين عن طريق البيع والشراء بأقوات الناس او بكرامتهم او بأرواحهم فان الحال يتغير .... ياما مثقفين وكُتّاب وسياسيين وباحثين وتربويين وادباء وعلماء وحتى مفكرين باعوا شرف المهنة الانسانية الرفيعة مقابل المادة وسخّروا عقولهم وكفاءاتهم من اجل خدمة الحكام من اسياد نعمتهم ... وتلك كانت من بين الاسباب القاتلة التي دفعت العقل العربي نحو التفكُّك من جهة ونحو الجمود من جهةٌ اخرى ... حتى اصبحنا يشخصية ثقافية اجتماعية اقتصادية استهلاكية ... ولا تمتلك قدرة على انتاج المعرفة وذلك منع عنها قُدرت التحليل والتشخيص التي تمكّنها من رؤية ذاتها (كينونتها ) وتنتقدها وتصلحها .

السؤال الذي ارهق كبار المفكرين لعقود لا زال يطرح نفسه ولو ان ثورات التغيير السلمية قدّمت الكثير من الاجابات وما زالت تحمل الكثير ولكننا لا زلنا امام مرحلة عصيبة على كل العرب ... لماذا نحن نسير عكس حركة التطور الحضاري العالمي ؟

لماذا لم ننجح بالاسلام وقد نجح به رجال من قبلنا ؟
لماذا لم ننجح بالاشتراكية ... بل تضررنا منها ولم يتضرر منها آخرون عملوا بها ونجحوا على الاقل لزمن ؟
لماذا لم ننجح بالرأسمالية حتى بجانبها الليبرالي ... بينما نجح بها اناس غيرنا ؟
لماذا لم ننجح مثل اقطار اسلامية أُخرى في آسيا وبين اوروبا وآسيا ؟
لماذا اصبحنا نعيش في حالة اغتراب فكري عميق ليس على مستوى الاقطار بل داخل الاقطار نفسها؟
لماذا نواصل الصراع والتناحر السلبي الخارج عن سنة الاختلاف الصحّي ؟
لماذا ولماذا ولماذا ؟

هل صح علينا قول اليهود اننا لسنا مؤهلين لحكم انفسنا واننا بحاجة الى من يحكمنا ويرعانا ؟.
هل صح علينا قولهم بأننا نميل بطبائعنا الى الطبع العبثي الحيواني كالقرود ؟


في النهاية اضيف اليكم سؤالي هذا
هل بأمكاننا ان نغيّر .... كيف ومن اين تكون نقطة البداية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمقراطية الحل
أحلام أكرم ( 2012 / 2 / 24 - 11:46 )
إذا أردنا إختصار الوقت فالحل الوحيد الباقي هو فرض الديمقراطية .. فرضها من خلال القوانين العلمانية المتحضرة والتي تستند إلى حقوق الإنسان العالمية .. كفانا تشدقا بالخصوصية الدينية .. نحن شعوب مثل بقية شعول العالم .. ولسنا أعلى درجة منهم لتميزنا بالدين .. فرض الديمقراطية وفصل الدين عن الدولة .. قد يأخذ بعض التمرد .. ولكن هذه القوانين ستثبت للناس بأنها أفضل ما وصلت إليه البشرية .. وأنها تتماشى مع روح الأديان أكثر كثيرا من قوانين الشرائع الدينية .. المسار الثاني .. هو مناهج التعليم .. وأدها بالكامل .. وإصدار مناهج تنتمي للقرن الواحد والعشرين .. مرتبطة مع حوارات توعوية على جميع الإذاعات ..
لقد أصبحنا مسخة من شعوب .. يتندر بقضائها وعقلها الجميع وليس الغرب فقط


2 - رد على احلام اكرم _الديمقراطية الحل .
سامي بن بلعيد ( 2012 / 2 / 24 - 20:09 )
لا خلاف فيما انتي ذهبتِ اليه ولكن فرض الديمقراطية لتكون هي الحل عن طريق
القوانين العلمانية المتحضّرة والتي تستند على حقوق الانسان حسب قولك ... هل هي بحاجة الى عقول تستوعب ذلك ؟
انا لست متعصباً للدين ولكنني لست ضدّه وكُلّنا يدرك انه مكوّن ثقافي مهم ولم تستطع الغائه الانظمة العلمانية ولكنها وصلت مع الدين الى حالة سلام ومع كل شيئ حولها ... على اعتبار انها لا توجد حقيقة مطلقةً تمتلكها انخبة معينةٌ او نظريةٌ معينةٌ دون غيرها .
فأنا أحب ان الفت انتباه حضرتك الى الديمقراطية التي مارسناها بشكل علماني في الستينات والسبعينيات من القرن المنصرم ... لم تترك أثر ايجابي لانها قامت على صراع الاضداد .. ناس مع الدين وناس ضده وناس مع كذا وضد كذا ..... الخ فتلك المرحلة لم تكن ديمقراطية لانها حوّلت كل شيئ حولها الى صراع انتهى بحروب في اغلب الاوقات .
فنحن بحاجة الى التكامل عبر قراءات تجسّدها ثورات الربيع العربي التي تركز على بناء الانسان من اجل خلق مجتمع يستطيع التعاطي مع الاشياء من حوله من خلال شخصيةٌ وطنيةٌ جامعةٌ... بعيدة عن الانانية وحب الظهور والاقصاء
مشاركتك علمتني كثيراً... تحيتي


3 - الرد على حميدو
سامي بن بلعيد ( 2012 / 2 / 24 - 20:13 )
بالفعل انا سأتابع الحوار المتمدّن برغم اني متابع قديم
واتمنى ان لا نكون او لا نظل ممن لا يرى إلاّ ما يرى
نصيحتك علمتني
تقديري


4 - القاسم المشترك هو الكرامة الإنسانية
أحلام أكرم ( 2012 / 2 / 24 - 21:52 )
الديمقراطية التي أتحدث عنها هي الديمقراطية التي اعيشها الآن في بلاد نسميها بالكافرة بينما أعطتنا قوانيها المواطنة الكاملة والجنسية بلا تمييز باللون او ذكر للعقيدة .. والتي اعادت لي الإحساس بقيمتي كإنسانه . والإحساس بالأمان بأن حقي لن يغبن محاباة لمواطن آخر من عقيدة اخرى ما نراه على الشاشات الفضيه من تهجير لثمانية عائلات من قريتها لمجرد أن إنسانة مسلمة أحبت إنسان مسيحي يثير حنقي ويدفعني لليأس لهذا فإنني أؤمن بأنه وإختصارا للوقت وللأرواح .. فرض القوانين العالمية المتسقه مع حقوق الإنسان أينما كان والتي ومع الوقت سيكتشف المواطن فيها العدل.. نعم نحن بحاجه إلى الإحساس بالتكامل ولكن لن يترسخ هذا الإحساس بدون الإحساس الأول بإحترام الكرامة الفردية .. وهذا أيضا لا يمكن الوصول إليه بدون عدل إقتصادي يضمن لقمة عيش كريمة للمواطن .. فترة زمنية يستطيع خلالها المواطن الإنسان النضج والإحساس بأن مستقبله ولقمته وحياته
ترتبط مع الآخر .. وأن هذا الآخر له نفس الآمال والطموحات والحقوق

للأستاذ سامي تحياتي .. .. ..


5 - نعم انها الهدف الاسمى للجميع
سامي بن بلعيد ( 2012 / 2 / 25 - 01:10 )
نعم استاذه احلام فالكرامة الانسانية هي الغاية الاسمى لكل الاجناس وما تفضلتي في طرحه انا اتفق معك تماماً وانا بنفسي التمست ما التمستيه انتِ من خلال حياتنا في المجتمع الغربي والذي تميز بتلك الثقافة التي جعلتنا نحس بآدميتنا ونحن نعيش بينهم برغم اننا لا نحس بها كثيراً ونحن نعود الى البلاد العربية ... ونحن نتمنى ان يتغير المجتمع العربي ليحقق مكاسب مدنية مشابهه
ولكن التمني لا يجدي فيبقى السؤال الموضوعي كيف يتم التغيير ؟
وسأترك الاجابة لك وسأكتفي بالاشارة الى بعض المفارقات ومن اهمها ان لا نفكر بطريقة النقل الآلي للافكار دون تبيئه ولا تنقية او تمحيص لان ذلك قد تجرّب ولم يجدي
وكما هو معروف ان العقل العربي قد وصل الى درجة الجمود ولم يعد لديه قدرة على صنع المعلومة فالطريقة الوحيدة الضامنة لاحداث التغيير الدافع نحو المدنية هي اعادت احياء العقل
العربي وهذا انا اعتبره مدخل الاجابة على السؤال اعلاه
تحيتي استاذه احلام


6 - متى يعلنوا انقراض العرب ؟
سرحان ( 2012 / 2 / 25 - 09:15 )
يبدو لي أحيانا أن حالة العرب حالة ميئوس منها ، متى يعلنوا انقراض العرب ؟


7 - الأولوية لإعادة الإعتبار للعقل العربي وأنسنته
أحلام أكرم ( 2012 / 2 / 25 - 17:02 )
http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/11/694652.html?entry=homepagearaa
الأولوية لإعادة الإعتبار للعقل وأنسنته
الأخ سامي .. أوافقك 100 % الرابط أعلاه لمقاله كنت كتبتها عن هذا الموضوع بالتحديد .. مع ألف شكر على تواصلك .


8 - سؤالك يحزُّ في ذهني وحسّي
سامي بن بلعيد ( 2012 / 2 / 25 - 20:58 )
متى يعلنوا عن انقراض العرب ؟
تخوّف قد طرح في الذاكرة ما يكفيها ان تقتنع بذلك الاعلان
ولكن العقل الباطن لا زال عنده الامل رغم ان ذلك العقل سيكون هو المُتسبّب الرئيس في ذلك الاعلان ان حصل لا سمح الله

استاذ سرحان ... لك التحيّة


9 - التوافق والتكامل سمة عصرية
سامي بن بلعيد ( 2012 / 2 / 25 - 21:24 )
التوافق في ألآراء سمة’ مُميّزة وهي السبيل الى قاعدة التكامل الانساني
استاذه احلام لكِ مني كل الاحترام والتقدير

بالنسبة للرابط اللي حطيتي لي انا حاولت ادخل وبالفعل طلعت النتيجة وعنوان المقال
ولكنني عندما حاولت الوصول الى الصفحة كانت تطلع بلغة أُخرى او انها اشبه بحلقات فلن اتمكّن من قراءة موضوعك
بدون احراج او تكليف انا سأطرح ايميلي
ولو تكرّمتي ترسليه عليه ... ولك اطيب تحيه
[email protected]

اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط