الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة الى موسكو ومواصلة الدراسة

سعاد خيري

2012 / 2 / 24
سيرة ذاتية


العودة الى موسكو ومواصلة الدراسة
عاد زكي خيري الى الوطن وقمت بكل ما يلزم لتصفية مستلزمات وجودنا في براغ وسافرت ومعي يحيى الى موسكو. وقدمت لي ادارة جامعة الصداقة غرفة خاصة , وساعدتني منظمة الحزب ماديا لاهئ ظروف مناسبة ليحيى واستطيع التوفيق بين الدراسة ورعايته. ورفضت كل اقتراح لوضعه في دار الحضانة, رغم صعوبة القيام بكل شيء من تهيئة الطعام وغسل الملابس وتحميمه في غرفة واحدة, والتوفيق بين كل ذلك والدراسة.
ومع ذلك كنت سعيدة جدا وانا اتابع تطوره وخطواته الاولى واستمع الى وقعها في الممر خارج الغرفة. واحتفلنا بعيد ميلاده الاول بحضور الطلبة العراقيين الاصدقاء ومعلمتي للغة الروسية التي اصبحت صديقتي منذ سنة التحضيري وحتى الان. وكنت ازورها كلما زرت موسكو ونادرا ما اراسلها لانني لا احب كتابة الرسائل.
عدت الى موسكو ومعظم اصدقائي انهوا دراستهم وعادوا الى الوطن. وعلي ان اجد اصدقاء جدد ممن كانوا في الكورس الاول عندما رحلت. ولكن كان مع القادمين الجدد بعض المعارف من العراقيين. التفوا حولي وحول يحيى. ومنهم جمشيد الحيدري واحمد , شاب اعتقله البعثيون عام 1963 وعذبوه اقسى تعذيب وبقي صامدا , وعبد الاله سباهي. كما انتقل الى دراسة الدكتورا من معارفي القدامى كل من عبد الزهرة وفلاح النهر.
وبعد اقل من شهر على عيد ميلاد يحيى الاول وبينما كنت خارجة لقسم الدراسة وانا على عجل انزلقت على الجليد وكسر ذراعي الايمن !! ويا للطامة الكبرى!! نقلت الى المستشفى والقلق على يحيى يمزقني. جبرذراعي وكان الكسر مركب ومصحوب بتفتت العظام, الامر الذي يستدعي الاعتناء الاكثر والامتناع عن تحريك الذراع
حضر الكثير من الاصدقاء لمساعدتي والعناية بيحيى ولكن ليس طول الوقت وكلفت ادارة الجامعة منظمة الشبيبة بتكريس عدد من الطالبات للعناية بيحيى ولكنني رفضت وقبلت بادخاله دار الحضانة.
كان ذلك اقسى قرار اتخذته بحق يحيى وبحقي!! فلم تكن دور الحضانة في الاتحاد السوفيتي كما كنا نسمع او نقرأ عنها . فقد حرموني من رؤيته شهرا كاملا بهدف ترويضه على الحياة الجديدة. ولكنه اضرب عن الطعام ولم يتحمل النظام القاسي الذي فرضوه عليه. فمرض. وكنت اقف يوميا لساعات على باب دار الحضانة طلبا لرؤيته ودموعي تجري دون جدوى . وشكوتهم الى ادارة الجامعة . فاتهموني بخرق انظمتهم ومحاولتي رشوتهم. ولم يسمح لي برؤيته الا بعد شهرين . وقد تغير يحيى تماما فقد نحف كثيرا وانتفخت بطنه ولما احتججت على ذلك قالوا لانك دللتيه كثيرا فلم يتحمل نظامنا!! لم استطع اخراجه فورا لان الكسر تشوه فاعيد تجبيره.
واخيرا صدر قرار بامكانية عودتي الى العراق بعد ستة اشهر. وكانت هذه من اعز امنياتي. والحلم على وشك ان يتحقق !! العودة الى الوطن!! وتأججت عواطفي فكتبت ما جاشت به عواطفي, تحت عنوان, لقد فتح التاريخ لي ابوابه !! فلاكن اهلا لذلك!! واحتفظت بما كتبت مع اعز وثائقي التي تركتها في موسكو امانة , ولكنها فقدت مع ما فقد من وثائق حتى قبل ان ينهار الاتحاد السوفيتي. ولشعوري بالمسؤلية اتجاه الجامعة قررت بهذه الستة اشهر ان انجز ما تبقى من دراستي, اي مهمات سنة ونصف بستة اشهر. وقابلت العميد وكان انسانا رائعا. وسألني قائلا , هل حقا يمكن تحقيق ذلك!! لاسيما وهو يعرف تاريخي وحالتي الصحية وفقا لتقارير الاطباء. قلت نعم وسترى!! وكان لديهم الكثير من الامثلة السيئة . حيث تجد بعض الطالبات الحجج للتهرب من اكمال دراستهن وتسبب لادارة الجامعة الكثير من الحرج . وكنت حقا عازمة على تحقيق ذلك مهما كلفني من جهد وتضحية واصعبها ابقاء يحيى في دار الحضانة, لاثبت للحزب وللجامعة ولنفسي باني جديرة بثقتهم!!
وبدأت برنامجا للدراسة مكثقا . وساعدني الطلبة العراقيون بتزويدي باسطوانات لمحمد عبد الوهاب وام كلثوم . يبدأ يومي الدراسي في الساعة السادسة صباحا وبعد كل ساعة من الدراسة المركزة كنت استمع الى اغنية او بعضها, مع السير او اجراء تمارين رياضية على انغامها. وفي مساء كل يوم ازور يحيى , بعد تدخل ادارة الجامعة لنقله الى دار حضانة افضل واقرب واجازة زيارته يوميا. وهكذا اجتزت امتحان بعد اخر واستعنت ببعض الطلبة السوفييت لمساعدتي ببعض المواد الصعبة وكانت نتائجي باكثر من 75 بالمائة منها ممتاز !! الامر الذي يؤهلني لاخذ الشهادة بالامتياز !! ولكنني لم استطع انهاء كل الامتحانات وكتابة الاطروحة والدفاع عنها قبل نهاية السنة الدراسية لانال الشهادة مع الخريجين واحضر الاحتفالات معهم واتمتع ببهجة التفوق. وهكذا نلت شهادتي لوحدي بعد شهر بدون احتفال كما كان اطلاق سراحي من السجن بعد اكثر من شهر ونصف على ثورة 14/تموز بدون احتفال, وزواجي بدون احتفال مناسب . ومع ذلك كنت سعيدة لانني لم اخيب امل عميد الجامعة وقمت بواجبي قبل ان يحل موعد سفري الى العراق والذي تأخر بعد ذلك اربعة اشهر اخرى , لاسباب فنية وفي مقدمتها جوازات السفر المزورة, لاسيما ويحيى معي منذ اليوم التالي لاخر امتحان فقد اخرجته من دار الحضانة وتمتعت واياه بالحياة الطبيعية وبقيت على احر من الجمر بانتظار العودة للوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة “إن بي سي”: إدارة بايدن ناقشت إمكانية التفاوض على صفقة


.. 5 مرشحين محافظين وإصلاحي واحد يتنافسون في انتخابات الرئاسة ا




.. نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي توحي بصعود اليمين في معظم ا


.. اليمين الشعبوي يتقدم في الانتخابات الأوروبية




.. كتائب القسام تستهدف قوات إسرائيلية شرق مدينة خان يونس جنوب ق