الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزيد من دماء العراقيين من اجل المزيد من تحقيق الاهداف

حيدر نواف المسعودي

2012 / 2 / 25
الارهاب, الحرب والسلام



التفجيرات التي طالت مدنا عراقية يوم الخميس 23 / شباط ، وتوقيت تنفيذها وحجمها وما رافقها من هجوم مسلح ،لم استطع إيجاد سوى تفسير واحد لها ، ولم أجد من مصلحة لأحد في الوقوف ورائها سوى طرف واحد أصبح معلوم للجميع انه يسعى لإدامة واستمرار عزل العراق عن واقعه العربي والناي به بعيدا عن وسطه وامتداده ودوره كبلد عربي كان يتمتع بموقع ودور كبير عربيا وإقليميا ، يراد له اليوم تجريده منهما وتحجيمه ، ولاسيما أن القمة العربية المزمع عقدها في بغداد باتت وشيكة ، ويؤمل لها إعادة العراق الى وسطه الطبيعي واخذ دورا عربيا رياديا بعد انعقاد هذه القمة ونجاحها
إذن فالهدف أصبح واضح جلي من هذه التفجيرات وتوقيتها ، ويتمثل هذا الهدف في :
1. إيصال رسالة أن الوضع الأمني العراقي لازال هشا ، وان الحكومة العراقية غير قادرة على توفير الأمن لا للعراقيين ولا لضيوف القمة العربية ، التي بالتأكيد ستضم وفودا رسمية رفيعة المستوى من كل البلدان المشاركة ، إضافة الى تغطية إعلامية واسعة تستدعي حضور وتواجد وفود إعلامية كبيرة .
2. إفشال انعقاد القمة في موعدها في بغداد .
3. إبقاء العراق في عزلته العربية وابتعاده عن وسطه وامتداده ودوره العربي المؤمل له بعد القمة، واستمرار تبعيته وارتباطه لذلك الطرف الذي يريد للعراق إبقائه معزولا عن وسطه.
إما ما أثار جنون واستفزاز من يقف وراء هذه التفجيرات اليوم هو تلك البوادر في الانفراج وتحسن علاقات العراق مع وسطه العربي عموما والخليجي خصوصا والذي تمثل في:
1. عودة العلاقات مع السعودية وإعادة فتح السعودية لسفارتها وعودة سفيرها الى العراق ، وما يعنيه ذلك من بداية علاقات خليجية واسعة ومتطورة ، بسبب موقع السعودية القيادي ومكانتها خليجيا وضمن مجلس دول التعاون الخليجي وإمكانية ضم العراق لهذا المجلس التي كانت البحرين قد بادرت قبل عدة سنوات لاقتراح ضم العراق إليه ، ولكنها تراجعت عن ذلك وكافة دول الخليج الأخرى بسبب علاقات الحكومة العراقية المنحازة بالكامل لإيران التي تعتبرها دول الخليج عدوها الأول ، وموقف هذه الحكومة المنحاز من أحداث البحرين والمنحاز هو الأخر تماما للمعارضة البحرينية المدعومة إيرانيا .
2. نجاح مساعي تبادل السجناء بين العراق والسعودية ومن بينهم اؤلئك المحكومين بالإعدام لدى البلدين .
3. موافقة العراق على شروط الدول الخليجية لحضور القمة العربية في بغداد ، والتي تمثلت في إبداء العراق موقفا واضحا من النظام السوري يتطابق مع الموقف الخليجي الى حد نزع الشرعية عنه كأحد قرارات قمة بغداد والتعامل مع المعارضة السورية.
والشرط الثاني لدول الخليج العربي لحضور القمة العربية تحقيق المصالحة الحقيقية بين القوى العراقية وضمان التوازن بين مكوناتها والالتزام بقراراتها.
فيما أفادت مصادر خليجية أن من بين الشروط الخليجية الغير معلنة لحضور قمة بغداد كان طلب دول الخليج الى العراق اتخاذ موقف اكثر حيادية من أحداث البحرين والكف عن الحملات الإعلامية العراقية المضادة لحكومة البحرين والمؤيدة والمحرضة لحركة الاحتجاج الشيعية البحرينية والتي قيل إنها مدعومة وممولة وبتحريض إيراني .
وفي مقابل عدم موافقة العراق على هذه الشروط فان القمة ستعقد في الرياض وتكون مصغرة ومخصصة للشأن السوري فقط، على أن يدفع للعراق كافة التعويضات التي تكبدها جراء استعدادات وتحضيرات عقد هذه القمة.
هناك اكثر من طرف يقف وراء تفجيرات الخميس وان هناك أكثر من طرف يرجح انه يريد إفشال انعقاد القمة في بغداد:
1. هناك ولاسيما من الطائفيين ومحدودي الفهم والوعي من يتهم السنة بأنهم وراء زعزعة الأمن والاستقرار وعلى خلفية قضية اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وتداعياتها وما أثارته من مشاعر استياء وسخط وغضب شعبي واسع في أوساط العرب السنة : و أرى أن هذا الاتهام باطل ولا صحة له ويجافي العقل والمنطق ، لانه من خلال ما استعرضنا تبين أن احد شروط الدول الخليجية لحضور القمة هو تحقيق المصالحة الوطنية بين المكونات العراقية ، والتوازن بينها ، حتى أن البعض أفاد أن هناك ضغوطا عربية من بعض الدول لعقد المؤتمر الوطني للقوى السياسية العراقية المخصص للمصالحة و إنهاء الخلافات والنزاعات بين هذه القوى قبل انعقاد القمة والإعلان عن نتائجه ، بل أن هناك من قال أن عقد هذا المؤتمر قبل انعقاد القمة كان شرطا لبعض الدول لحضورها القمة ، والوضع القائم الآن يشير الى أن هناك أزمة طائفية الآن يعاني السنة فيها ضررا كبيرا وتهميشا واقصاءا وتعتبر القمة العربية فرصة لهم من خلال التدخل العربي لحل هذه الأزمة وفرض ضمانات متوازنة .
2. وقد يتهم البعض سوريا : في الوقوف وراء هذه التفجيرات لإفشال عقد القمة ولاسيما أن سوريا ولسنوات عدة ساهمت بشكل كبير في تصدير الأقوى والمجاميع الإرهابية الى العراق ، وقد يكون هذا الاتهام مقبولا ، لكن سوريا الآن في وضع حرج وهش ومنهار لايساعدها على القيام بهكذا عمليات ، ثم لاننسى أن العراق الآن هو الدولة العربية الوحيدة في المنطقة التي تمتلك سوريا معه علاقات جيدة ومواقف حكومة العراق ومنذ بداية الأزمة كانت ولا زالت الى جانب النظام السوري ، والعراق الآن يشكل منفذا ومتنفسا وسوقا لسوريا التي تعاني حصارا واسعا ، على هذا فلا يمكنها المغامرة بتهديد هذه العلاقة والقضاء عليها في مثل هذا الوقت الحرج .
3. وتبقى إيران: هي المتهم الأخير الذي تشير إليه أصابع الاتهام في الوقوف وراء هذه التفجيرات ومن مصلحتها إفشال القمة العربية في بغداد, لعدة أسباب منها:
أ‌. التخوف الإيراني من التقارب العراقي الخليجي وعودة العلاقات الطبيعية بين الطرفين ولاسيما السعودية التي تعتبرها إيران عدوها الأول سياسيا وعقائديا والتي كانت ولازالت تبذل المحاولات والمساعي لزيادة الهوة بين البلدين الشقيقين وعن طريق التحريض و إثارة الخلاف الطائفي بينهما.
ب‌. تخوف إيران من عودة العراق الى وسطه العربي والقومي والانسلاخ عنها ، وهي التي بذلت طيلة السنوات الماضية جهودا لسلخه عن هذا الواقع بإثارة الخلافات العراقية العربية ، وتأجيج النزعة الطائفية لدى العراقيين ضد أشقائهم العرب .
ت‌. عودة العراق الى وسطه العربي سيزيد من عزلة العراق إقليميا ولاسيما في هذا الوقت الحرج بالنسبة اليها فهناك إجماع دولي على زيادة عزلة النظام الإيراني ومحاصرته من جهة ، وهناك مخاوف إيرانية من سقوط نظام بشار احد أخر واهم حلفاء إيران في المنطقة ، والذي يعد عمق حزب الله اللبناني في المنطقة أيضا ، الذي يعتبر ذراع إيران في لبنان وسوريا .
ث‌. تعاني إيران حصارا قاسيا جدا ، ويعتبر العراق منفذا وسوقا وممرا تجاريا لخرق هذا الحصار ، وخاصة إذا علمنا انه تم تهريب اكثر من ملياري دولار من العراق الى إيران خلال الشهر الماضي كمحاولة للتخفيف من أعباء هذا الحصار عليها ، وهناك معلومات بان إيران تعمد الى استخدام المنافذ العراقية لتصدير نفطها فيما لو ضاق خناق الحصار عليها اكثر .
كل هذه الأسباب وغيرها أخرى كثيرة تجعل إيران تعمل بجهد وجد لمحاولات إبقاء العراق معزولا عن وسطه العربي ، وإبقائه تابعا ومحتاجا اليها ، فلو نجحت بغداد في عقد القمة العربية ونجح الانفتاح العراقي على وسطه العربي وعادت العلاقات والثقة العربية مع العراق ، ووفر العرب الدعم السياسي الكامل للعراق وأصبحوا البديل له عن إيران ، فكل ذلك سيؤدي الى خسارة إيرانية كبيرة سياسيا واقتصاديا وامنيا ولوجستيا وإستراتيجيا ، فإيران تعتبر العراق ذراعها الطويلة الآن في المنطقة وعمقها الإستراتيجي وخط المواجهة الأول لها ضد كل أعدائها .
من خلال ماتقدم يتبين من يقف وراء زعزعة الوضع الأمني في العراق في هذا الوقت ، ومن له المصلحة في إثارة الخلافات والفتن بين العراقيين أنفسهم لإدامة الخلافات والانقسامات والتشظي وبالتالي زيادة ضعفهم وتشتتهم وحتى تقسيمهم أقاليم ودويلات كما يحلم كل الأعداء ، ومن يقف أيضا وراء إدامة الخلافات واتساع الهوة والتباعد بين العراقيين وأشقائهم العرب وسلخهم عن امتدادهم العربي لإبقائهم فريسة سهلة لإيران التي تريد فرض هيمنتها وسطوتها واحتلالها للعراق ونهب خيراته وثرواته وأمواله وتحقيق أحلامها في التوسع في العراق ومن خلاله في المنطقة كلها في البحرين والسعودية وسوريا ولبنان ...الخ.
إذن فالمبدأ الأساسي هو المزيد من سفك دماء العراقيين والمزيد من هتك الأرواح من اجل المزيد من الانتصارات في نهب العراق وسلبه وإضعافه وتقسيمه وعزله، وإبقائه مزرعة تدر المال والثمار واللحوم والحليب للسيد المالك الإيراني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة