الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع أمرأة في السبعبن قصة قصيرة

محمد عبد الله دالي

2012 / 2 / 25
الادب والفن


منذ صباها يراودها أمل الوصول إلى هدفها لتنال شهادة في القانون ،لذلك نراها شعلة متقدة ، وهي تعمل بين صفوف الطلاب في الجامعة ،نجدها حاضرة في كل النشاطات وتتبنى كل صغيرة وكبيرة للدفاع عن حقوق الطلاب ،حتى أُطلٍقَ عليها زملاءها محامية الجامعة ،لجمالها وخفة دمها ،ودماثة أخلاقها ،وعفتها . دغدغت قلبها نسمات حب عذريه بريئة
فأصبح نشاطها مقترن بهذا الحب ،الذي كان سبباً باندفاعها ،في كل النشاطات المطلبيه في الجامعة ، وهي تعمل في كل اللجان الأدبية والفنية ، حتى أصبحت من قادة الطلاب المعروفين ،مما لفت أنظار السلطات ، فأدرجت ضمن سجلات قوى الأمن وُضِعًتّ تحت المراقبة ،لرصد تحركاتها ،وهي تعمل بسلامة قلب وعلى سجيتها .
وفي صبيحة احد الأيام المشحون بالأزمات والشباب يستعدون لتنظيم تظاهرة خارج الجامعه وشاركت فيها بعض منظمات المجتمع المدني مطالبة تحسين الأوضاع الدراسية والمطالبة بهموم الشعب .اقرب شاب ، وهمس في إذنها قائلاً :ــ
ـــ أرجو الانتباه عندما تتحركين هناك عيون ترصد كل صغيرة وكبيرة ،التفتت نحوه ،مستغربة .. سألت نفسها ، من هذا الشاب ؟ ولماذا حذرها ؟ راودها شعور إنه من الأصدقاء تابعته بنظرها ،لم تدقق بوجهه جيداً استدركت ، قد يكون من الأمن .. زمت شفتيها غير مكترثة لكن تولد لديها إحساس ، حاولت ان تتخلص منه فلم تقدر .
وفي أحد النشاطات كان لزاما عليها توزيع بعض النشرات ولصق البعض منها على الجدران ،شاهدت ما كانت تتوقعه رأته في الجانب الآخر يقوم بنفس المهمة وأحست إنه لم يرها حاولت إخفاء نفسها بعباءة كانت تلبسها ،وانسلت بخفة بعيدا وأخذت تراقبه عن بعد ،كانت فَرِحةُ به أحست إن قلبها يكاد ان يقفز نحوه ليحيه ضَمت قبضتها وهي تبتسم إشارة على تصميمها بالعمل ،ومن حينها لم تره لفترة من الزمن انتابها حزن خفي لا تقدر عن الإفصاح بهِ لأحد ، لأنها لم تتأكد من مشاعره نحوها
استمرت بالبحث عنه في رحاب الجامعه تتمشى وهي تفتش بعينيها كل الوجوه ،التقطت أذنها خبراً من بعض الأصدقاء وهم يتحدثون ...إن أحد الزملاء أختقى لفترة عن أعين رجال الأمن .. لملاحقته قبل أيام وهو يقوم بتوزيع المنشورات ولصقها على الجدران .تنهدت سحبت نفساً عميقاً ،وابتسامة خجولة تشرق على محياها ،حدثت نفسها قائلةً:ــ
ــ إذن هو بسلام ،وسيعود .
دلفت في زحام الطلاب وهي تدفع بصدرها الهواء،وشيء من الأمل والفرح يداعب مخيلتها .مرت أيام ربيعيه جميلة .. وفي إحدى الاحتفالات الوطنية ،اقترح زملاءها ستكون هذه السنة الحفلة تنكريه ليتسنى للزملاء المختفين من الحضور .
كانت الفرحة لاتسعها بهذا الاقتراح ،وتمنت ان تراه مرة أخرى ،الطلاب منشغلين برفع اللافتات ،والزينة أحست إنها مُراقبة جالت بنظرها بين أروقة القاعة باحثة عنه .. وأثناء الحفل والقاعة تعج بالمدعوين ،والبعض يوزع المرطبات وهناك مجموعة تستقبل الضيوف ،أعلن عريف الحفل بدأ الحفل مرحبا بالضيوف ،وألقى كلمة ترحيبيه ،وإذا هي أمام شخصية تاريخيه وبملابس تدل على الشخصية التي يمثلها .. رحب بها وتحمد لها بالسلامة .
فاجأها.. أصابتها الدهشة وبدأ عليها الارتباك ،لم تعرفه أول الأمر إلا بعد ان سألها ،لماذا هًربتٍ ذلك اليوم وأنت تقومين بواجبك ؟
ابتسمت قائلةً :ــ
أنت تراقبني إذن ؟
ـــ لا كنت أحميك .. كنت خائفاً أن أفقدك لأن أولاد الحرام كثيرون ،وعيونهم في كل مكان .
احمرت وجنتاها خجلا بالرغم من إنها تحمل له في قلبها صورة نقية ..كانت العيون ترصد لقاءهما الأول .
حاولوا اختطافها ، فهربت حفاظا على عفتها وشرفها ،وهو أودع غياهب السجن دامت الفرقة سنين .حاولت متابعة أخباره عن بعد ولم تفلح ،مرت عليها الأيام والسنون سيطر عليها اليأس ،وأفقدها الانتظار زهرة شبابها غزا الشيب والتجاعيد وجهها ،كانت تسعفها الذكريات لاستعادة معنوياتها ،كَبُرًتْ وكبر معها الأمل لأيمانها بحركة التاريخ ولا بد من التغير ،تسارعت الأحداث وانتهى الدكتاتور وسقط اعتي العروش وتهاوت أصنامه الواحد بعد الآخر ، واستمرت الحياة بكل ما فيها من سلبيات ، وصمم الشباب أن يخرجوا إلى فضاء الحرية وتحتً نصب الحرية ،وهو يطالبون بإصلاح النظام والقضاء على الفساد والمحاصصه ..فكانت المشارك الأول وهي تحث الخطى أمام الشباب ، كانوا يحترمونها ويقدرون توجيهاتها ،فهي محط أنظارهم لما تملكه من خبرة تنظيميه .
النشوة تأخذها الى الزمن الجميل ، عادت حركتها بين صفوف الشباب ... لكن أصدر كبر السن حكمه عليها وحَدَ من حركتها لأنها تجاوزت السبعين من العمر ،لكنها بقيت تعيش بروح الشباب ، فالابتسامة هي..هي لاتغادر فمها الجميل وفي إحدى الصباحات والشباب يستعدون للنزول الى الساحة والتجمع تحت نصب الحرية ، كانت تعاني من ضيق في التنفس ،فاستعدت وكتبت عدة شعارات ، علقت إحداها على صدرها والآخر على ظهرها ، وهمت بالخروج ،وعند وصولها كان لديها إحساس ان شيئاً سيحدث . وهي تحث الخطى الى وسط الساحة بين هتافات ودبكات الشباب هبت عليها رائحة استنشقتها بعمق ،كأنها ريح يوسف شعرت أن تنفسها أخذ يزداد وضربات قلبها آخذت بالارتفاع فقدت سيطرتها وسقطت بين يدي الشباب ، وبعد فترة من الزمن فتحة عينيها وإذا هي في العيناية المركزة ،وحلقة من الشباب والأطباء حولها وجمع من المعجبين بهذه المرأة الرائعة .
طافت بعينيها على وجوه الشباب ..و على الشعارات التي علقها الشباب على جدران الغرفة ابتسمت وهي تصفق انتم الحياة ايها الشباب صفق الجميع وهم يطبعون قبلاتهم على جبهتها ... كان رجل التاريخ ماثلا أمامها وهو يتكأ على عكازة وابتسامته المعهودة تعلو محياه ..مردداً الحمد لله على السلامة اقترب منها ببطء وهو يقبل يدها قائلاً: ــ
ـــ وطن أنتِ فيه لا يُهزُم ،سوف لن نفترق بعد اليوم .
كانت الدمعة تأخذ مجراها على خارطة تجاعيد وجهها الذي احتفظ بكل جماله وأنوثته ..كان لقاءهما تظاهرة وطنيه رائعة وسط هتافات الجميع .

محمد عبد الله دالي / 25 شباط 2011
×××××××××××××××××××××××××








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امل لا يموت
طاهر الشريفي ( 2012 / 2 / 25 - 08:53 )
تجهض الاحلام يا محمد وتحاربها كل شرور الواقع لكنه الامل وحده الذي يدفعها نحو الانتصار هنيئا لك لقد عبرت عن لحظة الحب بوميض الامل المنتصر رغم تجاعيد السنين...تقبل تقديري واحترامي لما قصصت هنا باسلوبك الهاديء ورقة التعبير.دم سالما

اخر الافلام

.. -لبلبة ربنا تاب عليها واتحجبت-??‍?? لما لبلبة مشيت في الشارع


.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف




.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين


.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص




.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة