الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدت أفرق مرة أخرى بين اليمني واليماني!

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


ان واحدة من اكثر الشتائم التي كانت تتردد على السنة الشاتمين في العراق هي (ابن اليمني)، ولما سألت في صغري عن معنى تلك قال لي الكبار ممن (اجتهد) في الشتم والسب واللعن, وما أكثرهم في بلادنا, بأن المقصود باليمني هو نوع من الأحذية اليمنية الصنع, وعلموني كيف أتفادى التورية في (اليمني) فقالوا قل لابن اليمن (يماني), ولعل العراقيين هم أفضل من ميّز (اليمني) عن (اليماني). وعندما كبرت ماعاد للنعال اليمني أثر في العراق فعاد ابن اليمن عندنا وعند الجيل الذي تلانا يلقب باليمني من دون احراج وما عادت (اليماني) منجدة, وجرى ذلك في وسائل الاعلام العراقية ايضا. ولما رأيت في اليمن ثورة مدنية تدعوا الى الديمقراطية وحقوق الانسان وتنبذ الدكتاتورية و (القاعدة)، تناسيت النعل (اليمني) القديم وصارت كلمة (اليمني) عندي وعند أمثالي من العراقيين ذوي اللسان الطويل تعني نَسَباً ليس فيه التباس ولا تستدعي اللجوء الى الشواذ في النسب عند العرب على نحو (يماني) أو (بحراني)، ولم تعد هنالك حساسية عندي في نعت شخص بال (يمني) فالكلمة اليوم تعني بلا شك انتسابا لبلد فيه شعب واع كبر في عيني، وعين العراقيين ائمة اللغة والفصاحة الذين لم يسلم من فمهم ونقدهم ونبزهم احد فلم يستثنوا صديقا ولا غريبا منه طالما رأوا عليه حجة. وسارت باليمن وثورته و وولائات شعبه وتجاذبهم وتنافرهم الأيام الى أن رضوا بالحل الوسط, فكان ذلك عندي قمة العقلانية ونكران الذات ورأيت يمنا يميل الى المدنية والتحضر, ولما عرفت بأن الحل الوسط هو تكليف رئيس توافقي لحكم البلاد, قلت: ليس في ذلك ريب انه نوع من الأعراف الديمقراطية، ولما كان الشخص المكلف هو نائب الرئيس بلعت ريقي بقوة وقلت: ايه فيه شئ من الديمقراطية، ولما غيروا فكرة (الانتخابات) الى (استفتاء) كاد الريق يطبق على انفاسي مرة اخرى فقلت بصوت مخدوش مبحوح مذبوح: نعم هي ديمقراطية مادام هنالك من عارض الاستفتاء ومن ناصره وليقل الشعب اليمني كلمته فهو جدير باختيار اوليائه, ألم يثور اليمنيون على رئيسهم المزمن؟ بل ألم يحرّقوه ليجعلوا في جبينه عاهة محبوبة عند الكثير منهم ممن لطخوا جباههم بانفسهم تقربا الى الله زلفى حتى صيروه نسخة مطابقة phenocopy اليهم على قول أهل علم الوراثة؟ وفيما انا أعاني من شدة بلع الريق أتتني الأخبار اليمنية بحصول المستفتى فيه، نائب الرئيس التوافقي (عبد ربه منصور هادي) على 99,08% من (نسبة) الأصوات! وسمعت الأخبار تقول بأنها (نسبة مطلقة)! فحكّيت رأسي بأظافري التي طالت ونظرت الى الأمام محدق حتى هُيأ لي اني (جاحظ) واستعديت لبلع ريق كبيرة بعد أن أعددت الاسعافات المتوفرة خشية حدوث طارئ لاسمح الله، فلما تكلمت، وأنا أبلع الريق، خرج صوتي فيه ازيز رفيع وانا أسأل: كم تجادلنا في المطلق والنسبي؟ وكم لعنّا الرقم 99% ؟ وكم فرحنا لليمن في محاولتهم تجاوزه؟ الا انه يبدوا بأن قربتي مازالت مثقوبة. فتذكرت عراقيتي وعدت مرة أخرى افرق بين (اليمني) و(اليماني).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-