الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أنا حر؟

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2012 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أنا سامي البدري.. إنسان أحمل هوية التعريف العراقية المرقمة (00202273 )، مدون فيها إسمي وإسم أبي وأمي وإسمي العائلي ولون بشرتي وعينيّ وطولي ومحل ولادتي وتاريخها وجنسي... ولكن دون أي تثبيت لحريتي أو أني أتمتع بحقوقي المدنية والانسانية... فمن يثبت لي أني حرا، ومن يكفل ويضمن لي حريتي؟
يقول دستور بلادي إنه يكفل لي حريتي الشخصية عبر سلسلة من مواده المسجلة على الورق، إلى جانب حرية المعتقد والضمير وحرية التعبير ونشر آرائي و... و... و... لكني عندما أردت السفر منعت.. وعندما إعترضت على المادة التي تفرض عليّ الخضوع لأن يكون دين المجموع المصدر الرئيس لتشريع القوانين أتهمت بالكفر والمروق.. وعندما إعترضت على قانون الانتخابات ونزاهتها أتهمت بمعاداة الديمقراطية.. وعندما عبرت عن رأيي في مواقف رئيس حكومتي السياسية أتهمت بالعمالة لجهة أجنبية وسجنت وعذبت.. وعندما إعترضت على سوء إداء وزرات حكومته أتهمت بالتعريض بالرموز الوطنية وسجنت وعذبت.. وعندما طالبت بفصل الدين عن الدولة وعودة رجال الدين إلى دور العبادة أتهمت بالتجاوز على الرموز الروحية للشعب وسجنت وعذبت.. وعندما طالبت بتقديم جميع الأوهام الاجتماعية والسياسية إلى العدالة أتهمت بالارهاب وسجنت وعذبت... فماذا تبقى من حريتي وضماناتها الدستورية غير الأوراق المكتوبة عليها والمهملة في أدراج مكاتب الساسة؟
فهل أنا حر؟
السيد وزير حقوق الانسان في حكومة بلادي قال في تصريح له، عبر شاشة تلفزيون الحكومة الرسمي، نعم، وإستشهد على صحة تصريحه بإحدى مقولات رئيس حكومته وإحدى مواد الدستور.
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى مقر وزارة حقوق الانسان من أجل أن أقدم له شكوى على ما تعرضت له من سجن وتعذيب بسبب تعبيري عن حريتي في الرأي فوجدته في إجتماع جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية.. وفي اليوم التالي وجدته مشغولا بإجتماع هام.. وفي يوم آخر وجدته مشغولا بإجتماع مع مدير منظمة (هيومن رايتس وش) المدافعة عن حقوق الانسان.. وفي يوم آخر وجدته في إجتماع هام آخر.. وبعد شهرين من المراجعات المضنية إستقبلني السيد الوزير وهو يستعد للخروج من مكتبه لإجتماع هام ليقول لي بلهجة أبوية : (مواد الدستور ولوائح حقوق الانسان العالمية كلها تضمن حقوقك يا ولدي) .. فهل صرت حرا؟
في طريق عودتي إلى البيت حدث إنفجار عبوة ناسفة، أمام إحدى الكنائس، أودى بحياة سبعة أشخاص فصرخت بأعلى صوتي أن القوات الأمنية تقصر في واجباتها في حماية أرواح المواطنين فضربني أحد رجال الشرطة حتى أدمى وجهي وأمرني بالكف عن سماع إدعاءات الاعلام المعادي. وفي الشارع التالي صادفتني مظاهرة نسائية تحتج على تصريحات وزيرة شؤون المرأة المعادية لحقوق المرأة في حرية الملبس والقناعات فإنضممت إليها مرددا بعض شعاراتها، فضربني رجل بملابس مدنية وأمرني بالابتعاد عن المظاهرة، دون أن يكشف لي عن شخصه وعن صلاحيته في ضربي وإبعادي عن المظاهرة. وفي الشارع التالي صادفتني مظاهرة لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل وهم يطالبون الحكومة بتوفير فرص العمل فإنضممت إليهم مرددا معهم شعارات مطالبهم العادلة فألقى رجال الشرطة القبض عليّ وسجنت وعذبت بتهمة التحريض على الفوضى والاخلال بالأمن... فهل أنا حر؟
في التحقيق سألني ضابط الأمن عن سبب ترديدي لشعارات معادية للحكومة فأجبته إني أعبر عن رأيي فصرخ مزمجرا في وجهي: وحريتك لا تتحقق إلا بإتهام الحكومة يا إبن (.........)؟ أنت حتما مدفوع من قبل جهة معادية تستهدف أمن ووحدة البلد... وأمر مساعديه بحبسي وتعذيبي ... وقبعت في المعتقل، تحت صنوف التعذيب المهين، لمدة ثلاثة أشهر دون أمر قضائي أو عرض على قاض أو محكة.. فماذا تبقى من حريتي التي نص عليها الدستور ويتحدث عن ضمانها رئيس حكومة بلادي ووزير حقوق الانسان؟
قبل ساعة من الآن نشرت شكواي هذه في أحد المواقع الألكترونية، وها أنا جالس أرقب تعليقات زملائي من الصحفيين والكتاب والشعراء... لحظة أرجوكم فثمة طرق شديد على باب بيتي ... أه! كسر أحدهم قفل الباب بإطلاقة نار من بندقية على ما يبدو... أوه! صراخ رجال الشرطة ملأ بيتي و....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اغتيال نصر الله، ما مستقبل ميليشيا حزب الله؟ | الأخبار


.. اختيار صعب بين نور ستارز وبنين ستارز




.. نعيم قاسم سيتولى قيادة حزب الله حسب وسائل إعلام لبنانية


.. الجيش الإسرائيلي: حسن نصر الله وباقي قادة حزب الله أهداف مشر




.. ما مستقبل المواجهة مع إسرائيل بعد مقتل حسن نصر الله؟