الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرقص فوق جثث الأطفال

تميم منصور

2012 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


دروس وعبر كثيرة وثقافة حربية متنوعة اكتسبناها من مدارس المؤسسات الأمنية الإسرائيلية ، أما عن طريق الأعلام الذي هو بمثابة جناح من أجنحة المؤسسات الأمنية الإسرائيلية ، وأما من خلال مسلسل الاعتداءات والحروب الشبه يوميه التي تمارسها المؤسسة المذكورة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس العربية ، أو على الجبهة اللبنانية بين الحين والآخر بطرق وأساليب مختلفة ، من بينها القصف المباشر أو زرع شبكات جاسوسية داخل لبنان تدعمها طائرات بدون طيار، هذه الطائرات لا تغيب عن الأجواء اللبنانية ، مثلها مثل القطع البحرية الإسرائيلية التي تتفسح دائماً داخل المياه الإقليمية اللبنانية ، هذا باستثناء العمليات الإرهابية التي تقوم بها هذه الأجهزة وراء الحدود .
من الدروس البديهية التي أصبحنا نعرفها واللغة الصوتية التي تطلقها صفارات الإنذار بأصواتها المزعجة التي تسبب الاشمئزاز وتوتر الأعصاب وتصم الآذان ، ربما لا يوجد حتى اليوم دولة في العالم تستعمل مثل هذه الصفارات سوى إسرائيل ، لأنها دائماً مرعوبة وخائفة خيفة المتهم المذنب القاتل ، فالقاتل يتواجد دائماً في خانة الحذر والخوف ، كما انها لا تستطيع العيش دون أن تتبنى عدواً واحداً وأكثر حتى تجد المؤسسة العسكرية المبررات لوجودها وهيمنتها ، وإذا لم يتواجد مثل هذا العدو فالمؤسسة العسكرية والمخابرات تخلقه بكل الطرق ، كما هو الأمر حالياً مع إيران .
ما أصبحنا نعرفه من أنغام صفارات الأنذار، هو الصفير الذي يشير إلى حالة التهدئة وانحسار الخطر ، والصفير الثاني المتقطع هو مؤشر لحالة الأنذار .
في الأسبوع الماضي عندما علمت الشرطة الإسرائيلية عن حادث الطرق الذي أسفر عن اشتعال النار في حافلة الأطفال الفلسطينية ، أصيب المسؤولون في هذا الجهاز بالذعر والقلق، وقد طفحت عيونهم بالدموع ، كما أن أحداً منهم لم يبق في مقعده ، هبوا وقوفاً محاولين الاستفسار عن هذا الحادث المأساوي ، لأنهم ظنوا بأن الضحايا هم من الطلاب اليهود .
لكن سرعان ما عاد الهدوء والطمأنينة وحالة الارتخاء لقيادة الشرطة وديوان رئيس الوزراء ووزارة المواصلات والمعارف بعد أن وصل إلى أسماعهم أنباء صفارات التهدئة ، هذه الأنباء سقطت عليهم كالمياه الباردة فأطفأت لهيب احتقانهم وقلقهم ، لأن الضحايا ليسوا من اليهود بل أطفال فلسطينيون .
هذا ليس تجنيا على أحد ، بل هو اعتراف وإدانة لهم عبروا عنه بواسطة الصحف بأنفسهم - صحيفة هآرتس وصحيفة اسرائيل هيوم – اعترفوا بان التصرف في حالة النشوة يصبح انفعالا تسيطر عليه الغريزة أكثر من العقل، لقد عادت جميع المركبات التي أرسلتها القنوات الفضائية الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة بعد أن استمعوا إلى صفارات التهدئة ، لم يعد هناك حاجة لأية تغطية إعلامية ما دام الضحايا من غير اليهود ، كانت الذريعة بأن الحادث المأساوي وقع وراء الخط الأخضر ، أي داخل الأراضي الفلسطينية .
مع ان الخط الأخضر قد اختفى من قاموس إسرائيل السياسي والجغرافي منذ سنوات ، لكنهم أعادوا له الحياة فجأة ، كانت التغطية الإعلامية الإسرائيلية لهذا الحادث هزيلة ومخزية على اعتبار ان الأمر لا يعنيهم – وكل واحد يقلع شوكو بايدو - عندما حاولت طواقم التلفزة الفلسطينية وقنوات إعلامية محلية وعالمية الوصول إلى موقع الحادث لتغطية أحداثه ، عاد الخط الأخضر وأختفى مجدداً من الوجود ، فقد قامت حواجز الاحتلال العسكرية بمنع وصول طواقم الإسعاف وطواقم الأعلام الفلسطيني إلى موقع الحادث .
هذه صورة واحدة من صور الممارسات الإسرائيلية العنصرية التي تمثل المؤسسة الحاكمة بكل اذرعها المدنية والعسكرية ، أما حالات العنصرية التي كشفها هذا الحادث المأساوي لدى الكثير من المواطنين اليهود العاديين ، فقد أبرزت معدنهم الحقيقي و تصرفهم الممجوج وهولا يليق الا بهم، ويؤكد بأنهم مجردين من المعاني الإنسانية وأنهم من فصائل الحيوانات الكاسرة آكلة الجيف و أحفاد القبائل التي اعتادت في الماضي أكل لحوم البشر ، لأن الإنسان الذي يرقص فرحاً فوق أشلاء أطفال احترقت أجسامهم بسبب الحادث المذكور هو عملياً ينهش من لحوم أشلاء هؤلاء الضحايا .
بعد التأكد من سماع صفارات التهدئة ، ظهرت في الحال فوق زوايا وصفحات المواقع الالكترونية جملاً وعبارات فيها الإدانة لغالبية الإسرائيليين ، لأنهم المسؤولون عنها ، هذه العبارات هي ثمرة العنصرية التي زرع بذورها الاحتلال ، كما انها تدل على الكراهية العمياء ، وهي جوقة من الجوقات التي يمثلها قطعان المستوطنين الذين ينكلون يومياً بالفلسطينيين ويتصرفون كالكلاب السائبة ، كما انها جوقة من جوقات الجنود الذين يشعرون بالسعادة وهم يشاهدون طفلة فلسطينية تبكي في حضن والدتها ، أو يشاهدون طالب فلسطيني لم يصل إلى قاعة الدراسة أو حامل تولد على الحاجز أو مريض يتعذب في الوصول الى المستشفى ، يشعرون بالسعادة وهم يستمعون الى أنين معتقل فلسطيني داخل زنازين الاحتلال ، والكابتن " جورج " اكبر مثال على ذلك ، اعترف زملاءه بأنه كان لا يستطيع دخول الفراش قبل إشباع المعتقل "الديراني" تعذيباً .
ما قام به تلاميذ نتنياهو وبن اليعزر وعوفاديا يوسف وليبرمان ويشاي وساعر وبراك وغيرهم من جوقة العنصرية ، ما هي الا مقطوعة من السنفونيات التي يعزفها غالبية جمهور كرة القدم داخل الملاعب الاسرائيلية وأشهرها – الموت للعرب - .
ان الذين قاموا بالتعليق على حادث باص الأطفال بصورة بعيدة عن الانسانية في المواقع الاسرائيلية كشفت عن عمق العنصرية التي يزداد لهيبها يومياً وتنذر بحرق كل شيء ، لقد كشف هؤلاء عن اسمائهم بوضوح ، لأنهم يعرفون بأن أحداً لن يعاقبهم أو يردعهم ، سوف تتكرر هذه الظاهرة كلما سقط ضحايا فلسطينيون ،لأن النشيد الوطني الثاني لدى جمهور واسع من الأسرائيليين هو: العربي الجيد هو العربي الميت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟


.. مسؤولون أميركيون: إسرائيل عقبة أمام مستقبل المنطقة.. فهل تُغ




.. الردع النووي ضد روسيا والصين.. الناتو ينشر رؤوسا مدمرة | #مل


.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات وسط حر شديد | #رادار




.. شبكات | 20 لصا.. شاهد عملية سطو هوليوودية على محل مجوهرات في