الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرة اليوم للاتحاد العام التونسي للشغل، وماذا بعد؟

محمد عمامي

2012 / 2 / 25
الحركة العمالية والنقابية


الآن، وبعد مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل، حري بمختلف القوى اليسارية والعمالية والمنظمات الديموقراطية والنسائية والحقوقية والإنسانية أن تعيد تقييم سياستها وبرامجها. ويمكن فورا تسجيل بعض العناصر التقييمية التي سمح بها الزخم والعنفوان الذين أبدتهما المنظمة الشغيلة من خلال مسيرتها الضخمة، والتي استطاعت أن تلف حولها مجمل القوى الرافضة للاستبداد الخوانجي/الليبرالي المدعوم من أعتى القوى العالمية والعربية وأكثرها عداء للثورة.

1/ ليس من السهل على التحالف المعادي للثورة أن يمرّر مخطّطه الهادف إلى إفراغ الثورة التونسية من محتوياتها الاجتماعية والديموقراطية طالما تتمتّع الحركة النقابية بهذه القوّة والقدرة على التنظيم والإعداد للمواجهة كلّما تسنّى للقواعد النقابية وهياكلها الممثلة تفعيل كلمتها، وتجاوز المكبس البيروقراطي الجاذب نحو الوفاق الطبقي والسلم الاجتماعية.

2/ إن الشباب والنساء وسكّان الجهات المحرومة الذين يواصلون الدفاع عن ثورتهم ويكافحون من أجل تحقيق أهدافها يجدون في الاتحاد العام التونسي للشغل سندا عظيما وخلفية أكثر من ضرورية لانطلاق نضالاتهم ودعم لتحرّكاتهم. وهو ما جعلهم يتجنّدون للدفاع عنه لأن في ذلك دفاع عن أنفسهم وقدرتهم على مواصلة النضال.

3/ إنّ بعض الأحزاب اليسارية المتردّدة التي – وباسم التكتيك - تمدّ أيديها للوفاق مع أطراف من النظام القائم و/أو أجنحة من البرجوازية المرتهنة بالرأسمال المعولم، مدعوّة اليوم إلى التخلّي عن تلك الأوهام وإلى التنبه إلى مراكز القوّة في الحركة الشعبية والانخراط بصفة واضحة وجذرية في المسار الثوري الذي، وإن تعطّل بفعل أوهامهم الانتخابوية والشرعوية، فهو لم يمت بل هو قادر على التقدّم نحو إسقاط الحكم الاستبدادي النهاب.

4/ إنّ وزن الإتحاد العام التونسي للشغل وحيوية الحركة النقابية وإسهامها الحاسم في المسار الثوري يحتّم على اليسار أن يعدل عن مشيريعاته الجبهوية الضيّقة المتناحرة والمرتبطة بالمصالح الانتخابية، وأن يطرح، عوضا عن ذلك، مهمّة بناء قطب عمّالي شعبي حول الإتحاد العام التونسي للشغل الذي وحده قادر على محورة جميع الفعاليات والقطاعات الشعبية. إنّ هكذا مهمة لتبدو أمام الهجمة السلفية/الليبرالية على غاية من الإلحاحية والفورية. إنّ الديموقراطية النيابية المزعومة تقف اليوم عائقا أساسيا أمام تحقيق أهداف الثورة لأنها ليست سوى ديموقراطية المال والفساد والعمالة لكبار الرأسماليين من كلّ العالم.

5/ إنّ السلطة الوحيدة القادرة على إعادة الثروة والكرامة والحرية للشعب هي سلطة الشعب نفسه، سلطة العمال والمهمّشين والنساء والشباب والمواطنين البسطاء من جميع الجهات والقطاعات الشعبية. وهي لا يمكن ان تتكوّن من فريق مركزي محدود من الوكلاء، يعهد لهم مصير الشعب لسنوات، يفعلون خلالها ما يحلو لهم ويحضّرون، على مهل، التربة لحكمهم الدائم ويعادون مصالح الشعب الذي قيل انّه انتخبهم.

لقد ردّ شعبنا أثناء ثورته على ذلك النموذج من السلطة بلجانه ومجالسه الشعبية التي زاوجت، بمقدرة فذّة، بين الدفاع على المواطنين وأملاكهم وكرامتهم، وبين التسيير السلس والمتضامن لشؤون المواطنين انطلاقا من الأحياء والقرى والمدن. وهو النموذج الذي يجب تعميمه على جميع هياكل الدولة المراد بنائها على أنقاض دولة الفساد والنهب والعمالة. إنّ الانتخابات القاعدية لممثلي الشعب، من المجال المحلي إلى المجال الوطني، سيمكن من إفراز ممثلين حقيقيين لا وهميين للشعب وسيسمح بتشكيل مجلس فدرالي وطني يعبّر أعضاءه أكثر ما يمكن عن خيارات الشعب بأقسامه وطبقاته وقطاعاته وجهاته المختلفة، محافظا، في الوقت نفسه، عن سيادة ممثلي الشعب في مناطقهم وجهاتهم ومؤسساتهم وقطاعاتهم.

6/ لكي لا تكون مسيرة اليوم صرخة في وادي، ولكي لا تعود السلبية والانتظارية إلى التفشي فتعيد المبادرة لسلطة الظلاميين، يتعيّن على النقابيين والقوى اليسارية والديموقراطية أن ينخرطوا في النضالات الجارية، منذ ما قبل الانتخابات وبعدها، في كثير من الجهات والقطاعات الشعبية والعمالية.

7/ يجب أن تتحوّل تلك المسيرة إذن، إلى فاتحة لمرحلة جديدة من مسار الثورة. إنّ الاعتصامات والتجمعات والاضرابات التي تتفاعل هنا وهناك يجب أن تتطوّر وتتعمّم، فتشمل أكثر ما يمكن من الجهات والقطاعات والمدن. ولا يخفى على أحد الدور البارز الذي يمكن للنقابيين أن يلعبوه في هذا الشأن. وببناء قطب عمالي شعبي سيمكن صهر تلك التحرّكات ومدّها أكثر من أيّ وقت مضى على كامل المجالات وبلورة برامجها وأهدافها الثورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماعلاقة متطلبات سوق العمل بالتخصصات الجامعية؟


.. طلبة كلية لندن ينظمون وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي تأييدا




.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين