الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسألة التعليمية في المغرب

حميد المصباحي

2012 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


المسألة التعليمية في المغرب
في النظام العالمي للتعليم,هناك حافزان,ينبغي توفر أحدهما لنجاحه,الأول برغماتي نفعي,بحيث يصير التعليم,مرادف لإحراز تقدم معرفي,يتوج بشهادة عالية,تخول لصاحبها
الحصول على عمل قار,يحقق به ذاته ويثبت به جدارته المهنية التي يترقى بها اجتماعيا,فينتقل من طبقة إلى أخرى,ويكون مدخلا ربما أسريا لتحقيق قفزة للأسرة بأكملها,وقد كانت هذه هي غاية ديمقراطية التعليم وانتشاره وحت إلزاميته الأخلاقية والقانونية,بحيث تراكم المعرفة يقود إلى الثروة بعاملين,أحدهما تجاري وراثي والأخر مهني لايتأهل له الأفراد إلا بالتدرج في مستويات التعليم,العلمي أو الأدبي والفني,وهناك العديد من الدول التي اعتمدت هذا الخيار,وقبل المجتمع به,فانخرطت الأسر فيه,وبذلك كانت فاعلا في عمليات التحصيل العلمي والمعرفي,وخصوصا الأسر الفقيرة وحتى المتوسطة,بل إن النخب نفسها اعتمدت هذا المعيار لتجديد نفسها في السياسة والثقافة والتكنولوجيا,أما الحافز الثاني فقد كان أخلاقيا,بحيث اعتبرت المعرفة قيمة أخلاقية,بها ينال المواطن احترام المجتمع,وكل التجمعات المدنية,التي تدعوه لحسم اختلافاتها,وتغليب كفة أحد المختلفين حول الكثير من القضايا الشخصية وحتى الجماعية,من هنا صار التعلم حاجة روحية,وأخلاقية بها يكتسب المواطن مكانة رمزية وثقافية,تؤهله لآن يصيرحضوره قويا وفاعلا,في مختلف الأنشطة,كيفما كان طابعها,فما هو الحافز الذي اعتمده النظام التعليمي في المغرب؟؟؟
لم يحدد المغرب اختياراته,بل اعتبر التعليم مؤسسة لإدماج أفراد المجتمع في الثقافة العامة للمجتمع المغربي,والتي عرفت بالثقافة الإسلامية العربية,لينتبه إلى النكونات الأخرى فيما بعد,أي الأمازيغية والأندلسية واليهودية ليضيف فيما بعد الجذور الإفريقية,وهذه كلها لم تكن أجوبة عن كيفية التحفيز على التعلم والتحصيل الدراسي,بحيث أن السر هي التي ابتدعت الحوافز لآبنائها,من خلال اعتبار التعلم الوسيلة الوحيدة للتأمين على مستقبل الأفراد وضمان حياة لايحتاج صاحبها للكد والعمل اليدوي المتعب,وقد كان هذا الحافز قويا للمجتمع المغربي,بحيث كانت الوظيفة مفرحة للأسر,وتتويجا لتضحياتها العظام بعد سنوات من الصبر والمعاناة,لكن هذا الحافز سرعان ما تراجع,فظهور العطالة,وانتشارها في كل البيوت المغربية,التي علقت آمالا كثيرة على شهادات أبنائها,كانت خيبة قاسمة,منها بدأ تراجع الأسر عن الإهتمام بدورها في مراقبة التلميذ وتتبع مساره التعليمي,وحثه على التحصيل,بل وتراجعت حتى عن معاقبة أبنائها عندما يخلون بواجباتهم المدرسية,واستفحل الأمر أكثر,مع عطالة ذوي الشهادات العليا والدكتوراه,فأي أمل بقي للأسر المغربية من أجل الترقي الإجتماعي والإقتصادي؟لقد أحبطت,وعندما انتبهت الدولة لذلك وكذا الفاعلين السياسيين,اختزلوا ذلك بتراجع الجودة,كنتاج لغياب كفاءة المدرس,أو تراجعه عن تأدية واجباته المهنية,وهي تبريرات غايتها غض الطرف عن فعالية الأسر في دعم عمليات التعلم,وحركية المجتمع التي اعتادت على اعتبار التعلم وسيلة لتحسين الوضع الإجتماعي وتحصينه من وحشة الحاجة والفقر وحتى الجهالة,فهل بإمكان الحافز الأخلاقي إعادة الإعتبار للمدرسة المغربية؟وهل المشكلة في النظام التعليمي المغربي تكمن فقط في المناهج وأسلوب التدريس,أم أن الأمر أعمق وأخفى من هذه الترميمات؟
من المؤكد أن الحوافز الأخلاقية لها دورها,شريطة أن تغذى باحترام الواجب,وشفافية الإختيارات وغاياتها,لكن نفعية النتائج لايمكن تجاهلها,إلا عندما تفتح أبواب أخرى للترقي,بعيدا عن الحيف وشكليات التنافس على المناصب,فالتعليم يصير وسيلة لتغيير الوضع الإجتماعي عندما تفتقد وسائل أخرى,بحيث ينبغي للثروات أن تكون متحركة,بالرواج الإقتصادي,في شكليه التجاري والصناعي والتقني,آنذاك لن يصر على استكمال الدروس إلا المؤهلون علميا والعاشقون للمعرفة,فأنت تجد الآلاف في العلوم لايبرز منهم أي عالم,والعدد نفسه في الآداب ولا يبرز منهم أي أديب,وكأن التحصيل صار نشاطا معاشيا كالزراعة والتجارة وغيرهما من الفعاليات البشرية,وهذا خطر على التحصيل العلمي والمعرفة بمختلف اتجاهاتها,لذلك,فإن أي نظام تعليمي في المغرب ليمكنه ضمان فعاليته إذا لم يجب عن الأسئلة المحرجة,وليس التهرب نحو المناهج والمدرسين,فأي الحوافز تناسب التلميذ المغربي,وتدفعه للتحصيل,وتعيد للأسرة المغربية اهتمامها بالمدرسة وتتبع أبنائها؟وهذا العنصر مساعد للمدرسة وداعم لها ولرجال التربية والتكوين أنفسهم,فعندما يلمس المدرس اهتمام الأسرة وتتبعها لآبنائها يشعر بمراقبة اجتماعية وتشجيع على المزيد من العطاء,والدليل على ذلك,المؤسسات الخصوصية التي تربط الإتصال بذوي التلميذ وتحتم التواصل بيم المدرسين والآباء بشكل دوري,وهناك نلمس فعالية محيط التلميذ,المتفاعل مع المؤسسة,تتبعا ومساءلة,وبعد ذلك لاقبله يأتي دور ملاءمة المناهج مع الحاجيات الجديدة للعصر,من حيث القيم والمعارف والتخصصات,مع تفعيل الإجتهادات الخاصة لرجال التعليم,وتعميم الصالح منها,كتجربة قابلة للفحص,أو على الأقل تأهيل أصحابها للتفكير في المناهج ومدهم بما يطور خبراتهم العملية من معارف ونظريات,تعاد قراءتها في ضوء الواقع المغربي,لاتعليبه ليصبح على مقاسها,أو تنميطها لتصير معبرا عنه,بلي عنقها قسرا.
باختصار,إن المشروع التعليمي الناجح,لاينبغي أن يكون حصيلة للتوافق السياسي,ولا التقاربات الإيديولوجية,ولا إرضاء للمؤسسات الدولية,بل عليه أن يستمد مقوماته من الثقافة المغربية,بما هي هوية,غير منغلقة,لكنها ليست تابعة أو واثقة من كل ما سبق أن جرب في بعض الدول المتقدمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو