الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية

أحمد عبد العزيز

2012 / 2 / 29
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي


لطالما كانت الحرية أسمى الأماني، لذا فقد يدفع المرء الغالي والنفيس من أجلها، ولا شك أن ثورات الربيع العربي التي لم تكتمل بعد لا زالت تواجه العديد من التحديات، كما أن الفرصة لا تزال موجودة أمام العديد من الدول العربية للانضمام لقطار الحرية الذي أقلع من تونس ثم انطلق إلى مصر، ومر بليبيا واليمن وسوريا، واقترب من المغرب والجزائر.

لا شك أن الثورات الشعبية التي اندلعت في البلدان العربية كانت تضم جميع أطياف المجتمع، فرغم أن الشباب لعبوا الدور الأكبر في الحشد لها، إلا أنها لم تقتصر على فئة معينة من المجتمع، كما أن المرأة قد لعبت دوراً نضالياً كبيراً في المظاهرات، فخرجت لتنادي بإسقاط الظلم والفساد والاستبداد، ودعت -مع من دعا- إلى بناء وطن ديمقراطي حر، يحتوي الجميع تحت راية العدالة الاجتماعية.

وكما أن ما تصبو إليه الثورات العربية هو التخلص من براثن الظلم، والمضي قدماً نحو الحرية، فإن المرأة كعنصر مؤثر في المجتمع لابد وأن تنال نصيبها من الحرية، وبالطبع ستحظى بدور أكبر في المستقبل في إطار الثورات التي انطلقت من أجل تغيير المجتمع وإصلاحه.

ستشهد الفترة القادمة مجموعة من التغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق، فرغم أن الفترة الحالية تشهد بعض التخبطات، فإنها تفرز ما يحتويه المجتمع من قيم، كما أنها تبرز السلبيات ليسهل مواجهتها، والتصدي لها، كذلك فإن عصر السماوات المفتوحة قد ألقى بظلاله على واقعنا المعيش، فأصبحت كل الأحداث على الملاً، كذلك فإن أي مساس بحقوق المرأة سيتحرك من يتصدى له، كما أن المرأة نفسها لن تتهاون أمام أية انتهاكات ترتكب، فقد كسرت الثورات العربية حاجز الخوف الذي حال بين الشعوب وحرياتها.

الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم هو أن تعبر عن نفسها، فتشارك في الحياة السياسية بشكل ملموس، وتطالب بالحريات، وترفض القمع، وأن تسعى لنشر ثقافة الحرية، واحترام الآخر، كما أن عليها أن تتصدى لأية محاولات لفرض شكل محدد من الحياة عليها أو على المجتمع بأسره، فالأحزاب السياسية أياً كانت توجهاتها فهي سياسية لا دخل لها في شئون الأفراد، ولا حياتهم الخاصة، ولا ملبسهم، ولا مأكلهم، ولا مشربهم، فقط عليهم أن يسعوا لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، كما أن الخضوع لتصورات تفرضها أية أحزاب من شأنها أن تعيق حرية المرأة أو أن تتحكم في نسق حياتها لن يعدو عن كونه عودة للوراء مرة أخرى، كما أنه حجر عثرة في طريق الحرية التي نادت بها الثورات العربية.

لا أعتقد أن حقوق وحريات المرأة سوف تندرج تحت أية برامج سياسية تتبع الأحزاب الإسلامية السياسية، فبعضهم يتعامل معها على أنها كائن مختلف، وكأنها هبطت من كوكب آخر، فيدرج في سياق حديثه عن برنامجه الخاص بمناهج التعليم أن المرأة لها طبيعتها الخاصة، وأنه ليس كل ما يصلح للرجل يصلح للمرأة، كما أن هذه الأحزاب تضع المرأة دوماً في خانة الأم والمربية والقائمة بأعمال المنزل وفقط، مع إغفال كونها إنساناً لديه أحلامه وطموحاته التي يحق لها السعي لتحقيقها، كما أنها تشكل عنصراً هاماً يجب استثماره في بناء المجتمع، والتحول الديمقراطي، فقد شاهدنا المناضلة اليمنية (توكل كرمان) وهي تحصل على جائزة نوبل للسلام بعد نضالها ضد النظام اليمني القمعي، كما أبرزت الثورة المصرية العديد من الأسماء لمنضالات، وشهيدات، ومصابات، كلهن خرجن لإعلاء كلمة الوطن، والتعبير عن مجتمع يحلم بغد أفضل.


بالطبع تتحمل المرأة بشكل ما مسئولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً، فالتي تسكت عن حقوقها، أو تتنازل عنها طواعية تشارك في إنتهاك حقوقها، كما أن التي ترضى بالأمر الواقع، وتقبل الانتهاكات، بل ونرى بعض النساء تؤيدن من يتحدثون باسم الدين، حتى وهم ينتهكون حقوق المرأة، وينتقصون منها، ويتحدثون عنها باحتقار؛ ثم توافقن على تلك الآراء، إنهن يوافقن على رفض حريتهن، كما يوافقن على احتقارهن؛ يمكن تغيير تلك الحالة بالاستمرار في حملات التوعية التي من شأنها أن تضع حداً لتلك الانتهاكات، وتتصدى للتأثيرات الفكرية التي تمارسها بعض القنوات الفضائية من أجل فرض ثقافة بعينها على مجتمعاتنا العربية، كما أن على المرأة المطالبة بحقوقها، والمشاركة السياسية سواء في مجلس الشعب أو المجالس المحلية، والأحزاب، وعليها أن تطالب بحقها في التواجد داخل البرلمان، وكان لابد أن تتوفر لهن مقاعد في مجلسي الشعب والشورى، وذلك بأن تُخصص لهن كوتة من أجل أن يتسنى لهن المشاركة السياسية التي هي حق أصيل لهن.


الدور الذي يجب أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها، هو أن يعيش كإنسان، ويدرك أن المرأة إنسان، ويسعى للوقوف إلى جانبها للمطالبة بحقوقها، كما أنه لابد أن يفسح المجال للحوار البناء، وينبذ التعصب وفرض الرأي الغير مُجدي، علينا كمجتمع يحتوى الرجال والنساء أن نتعايش سوياً، ونسعى لأن نرى مستقبلاً أفضل، وليعمل الجميع، ويكون الفيصل هو الكفاءة، ولتطمح المرأة لتنمية ذاتها، وليقف الرجل إلى جوارها، وها هي الإعلامية بثينة كامل تظهر كأول مرشحة لرئاسة الجمهورية في مصر، وهو تقدم ملحوظ في ظل السعي الدؤوب نحو بناء دولة حرة، فلتشارك المرأة في جميع المجالات، وليكن اختيارنا للأفضل وليس تعصباً لفكرة بعينها، أو رفضاً ذكورياً لوجود المرأة خارج بيتها، عليها أن تشارك، وعلينا أن نشجع الأفضل، وكلنا أمل أن تنجح ثورات الربيع العربي في إحداث نقلة ثقافية وحضارية تدفعنا نحو غد مشرق بشمس الحرية التي تعلو سماء العدالة الاجتماعية، ولا يراها إلا الأحرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع