الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد احتلال العراق..اسرائيل الى أين؟

سامي حسن

2005 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يرى بعض المحللين أن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في التدخل العسكري المباشر والذي توجته باحتلال العراق سوف تؤدي إلى احداث تغيرات سياسية واجتماعية وثقافية ستطال معظم دول المنطقة بما فيها دولة الصهاينة ًاسرائيل"، الأمر الذي يطرح مجموعة من الأسئلة من مثل:
هل هناك تغير في سياسة أمريكا اتجاه اسرائيل؟ وهل تريد وتستطيع أمريكا فعلاً الاستغناء عن خدمات إسرائيل؟ فيما لو بقي هناك خدمات؟! ألا نلاحظ حجم التدخل السياسي والعسكري الأمريكي في المنطقة؟! وتهافت العديد من الدول على تقديم نفسها كخادم للمصالح والأهداف الأمريكية؟! إذن: ما هو مستقبل إسرائيل؟؟؟ وهل نستطيع القول أنها لم تعد دولة وظيفية ، وأنها لم تعد كما نقول مجرد أداة بيد الولايات المتحدة وكلب حراسة لمصالحها في المنطقة؟ ألا نلاحظ أنها أصبحت شريكاً لأمريكا؟ وانها تسعى وتصارع لتحسين شروط هذه الشراكة بل و الانفكاك منها إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً؟ ماذا عن الصراع العربي- الصهيوني؟ هل أمريكا جادة فعلاً في حل هذا الصراع حلاً حقيقياً يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ويؤمن الاستقرار في المنطقة؟ وهل يمكن لاسرائيل قبول هكذا حل والتعايش معه؟ هل نلاحظ أي تحولات جوهرية في المشروع الصهيوني ، وفي بنية اسرائيل التي يصر الرئيس الأمريكي المدافع عن الديمقراطية والعلمانية وحقوق الانسان على حمايتها وضمان تفوقها واستمرارها كدولة لليهود؟!
تتعدد وتتباين الاجابات على الأسئلة المطروحة لتصل حد التناقض أحياناً ، وبتبسيط واختصار شديدين يمكننا أن نميز ثلاث إجابات:
الأولى: ترى أن العلاقة الأمريكية الاسرائيلية ومستقبل اسرائيل محكومة بقانونيين رأسماليين هما(العرض والطلب) و(التكلفة والمردود) فإذا افترضنا أن العرض والمردود متوفران فالسؤال المطروح: ماذا عن الطلب والتكلفة ؟. إذا نظرنا للموضوع من الزاوية الاسرائيلية نقول إن الأمن الاسرائيلي يقوم على ثلاث ركائز هي :تهويد فلسطين والعلاقة مع المركز الامبريالي ونجاعة الأداء، وإن ما يجري في اسرائيل الآن هو الاستعداد للانخراط في الاستراتيجية الكونية لأمريكا، حيث ترى أن مستقبلها مرهون بذلك الانخراط ولكن ذلك يصطدم بالبنية اليهودية الاستيطانية لاسرائيل وبعدم انسجام المجتمع الاسرائيلي وانقسامه إلى مجتمعات. أما إذا نظرنا للموضوع من الزاوية الأمريكية فإن أمريكا تحتاج إلى ركائز لمشروعها وتعتبر إسرائيل أحد هذه الركائز وجزء من الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن هنا لا يمكن الخروج من الأزمة الذاتية للوضع العربي إلا على مسطرة الصراع مع العامل الخارجي، وبالعودة إلى حساب التكلفة فهناك بعدان: التكلفة على أمريكا والتكلفة على إسرائيل، والسؤال هنا كيف نجعل التكلفة أعلى؟ أما على الجانب الفلسطيني فقد ثبت أن الفلسطينيون لا يمكنهم حسم الصراع مع إسرائيل لا سلماً ولا حرباً، ويجب إعادة النظر في المفاهيم الفلسطينية وفي إدارة الصراع، والدولة الفلسطينية لن تقدم شيئاً للشعب الفلسطيني والمطلوب هو استمرار الاشتباك وتطويره.
الثانية: ترى أن إسرائيل ليست وحدها دولة وظيفية، فالدول العربية هي أيضاً دول وظيفية وبعضها بدأ يفقد دوره، ولما كانت المواجهة العسكرية مستحيلة فلا بد أن تكون المواجهة بأشكال جديدة، ولا بد من التحويل الديمقراطي في المنطقة العربية، التي يشير تاريخها إلى أنه تاريخ تدويل، ففي علاقة الداخلي بالخارجي ليس هناك داخل، وضمن هذا النمط من الاجابة هناك من يدعو إلى ضرورة التمييز بدقة بين الدور الوظيفي لبعض الدول العربية والدولة الوظيفية(اسرائيل)، فأمريكا تسعى لخلق أنظمة عريبة سياسية للعب أدوار وظيفية جديدة بعد أن أصبح تغيير الأنظمة العربية ضرورة بسبب عدم قدرتها على ضمان الاستقرار والحفاظ على النفط، وطالما أن إسرائيل هي الدولة الأكثر استقراراً في المنطقة فستبقى علاقتها مع أمريكا استراتيجية
الثالثة: ترى أن النظام العربي هو نظام غير موحد وليس أكثر انسجاماً من اسرائيل ، وإن الصراع العربي الاسرائيلي على المستوى الاستراتيجي قد تراجع والمعركة لم تعد عربية اسرائيلية، بل هي وكما نلاحظ اليوم فلسطينية اسرائيلية، والدور الوظيفي لاسرائيل انتهى ولابد من التعامل مع موضوع أمريكا واسرائيل والصراع العربي الصهيوني بواقعية وبناء على ما وصلنا إليه وما استقرت عليه المنطقة وبعيداً عن البعد الحقوقي التاريخي للقضية الفلسطينية ولأن هناك استحالة في حلها حلاً عادلا،ً فلا جدوى من مواجهة أمريكا واسرائيل ولا سبيل إلا التسوية
تلك كانت نماذج من الاجابات على الأسئلة التي طرحناها في مقدمة المقال.
وعودة على بدء و كمساهمة في الإجابة على الأسئلة المطروحة نقول:
لقد كانت انطلاقة أمريكا سريعة في عملية إعادة رسم خارطة العالم بما يحقق مصالحها وتكريس هيمنتها كسيد أوحد لهذا العالم، مستندة إلى ما انتهت إليه الحرب الباردة من انتصار سياسي واقتصادي وثقافي وايديولوجي للنظام الرأسمالي بزعامتها
ولقد عبرت الاستراتيجية الأمريكية اتجاه منطقتنا عن نفسها من خلال التدخل العسكري المباشر للهيمنة على الثروات النفطية والتحكم بها (حرب الكويت، احتلال العراق) وايجاد تسوية للصراع العربي – الصهيوني تضمن تكريس اسرائيل كدولة عنصرية، وتعزيز قوتها وتفوقها بالمقارنة مع جيرانها، واقامة مايشبه الدولة للفلسطينيين، من صفاتها( حسب خارطة الطريق) أنها تمتلك نوعاً من السيادة، وقابلة للحياة، وذات أراضي متصلة، لا يمزقها إلا بضع آلاف من المستوطنات!!! وكانت اسرائيل قد وضعت أربعة عشر تحفظاً على خارطة الطريق أبدت أمريكا تفهماً لها. وجاءت خطة شارون للانسحاب أحادي الجانب لتعلن رسمياً دفن تلك الخارطةخارطة ولتؤكد أن استراتيجية اسرائيل التفاوضية هي التفاوض من أجل التفاوض. يقول د. نصير عاروري: "انها بالتالي استراتيجية أصبحت جزءا لا يتجزأ من موقف اسرائيل تجاه أية تسوية تفاوضية، وكان اسحق شامير أول من اعترف بها علنا عندما قال قبل 12 سنة ان مشاركته في مؤتمر مدريد ستفتتح مرحلة من المفاوضات تمتد عشر سنوات دون التوصل الى نتيجة" (من مقال نشر في موقع المبادرة الوطنية الفلسطينيةwww.almubadara.com)، ويقول: د.هشام شرابي:"ان الحل القائم علي دولتين لم يعد ممكنا، فمن المستحيل إقامة دولة فلسطينية فعلية في الضفة وقطاع غزة، حيث مزق الاحتلال الأراضي الفلسطينية وزرعها مستعمرات صهيونية"( من مقال نشر في موقع المبادرة الوطنية الفلسطينيةwww.almubadara.com)، ويتوافق مع هذا الرأي مقالات ادوارد سعيد الأخيرة قبيل رحيله.
وبالرغم من طبيعة العلاقة الخاصة بين أمريكا واسرائيل والدعم اللا محدود الذي تقدمه لها والذي وصل أقصاه في ظل استلام اليمين المتطرف للحكم في كلا الدولتين إلا أن سعي وطموح اسرائيل لأن تكون واحدة من الدول المتقدمة والقوية عل مستوى المنطقة والعالم لا زال يصطدم بحالة عدم الاستقرار والتناقضات والأزمات التتي تعيشها اسرائيل نتيجة لعوامل بنيوية خاصة بها كالخلطة العرقية والثقافية والاثنية، ولاستمرار وتصاعد مقاومة الشعب الفلسطيني، وعدم قدرتها على فرض نفسها كامر واقع وطبيعي في المنطقة ( فشلت اسرائيل حتى الآن في التطبيع مع المجتمعات العربية التي عقدت أنظمتها معاهدات سلام معها)، وفي هذا السياق يقول د.الياس شوفاني في كتابه "اسرائيل في خمسين عاماً" : "واذا استطاعت دولة استيطانية، مثل امريكا واستراليا، ان تتجاوز ظروف نشأتها وتتحول الى نمط الدولة العادية، فان اسرائيل الراهنة، بعد مئة عام على بروز الصهيونية السياسية وخمسين عاماً على الاعلان عن قيامها لاتزال تغلب عليها السمة الاستيطانية" واضافة إلى ما سبق فإن السقف الأمريكي لا زال يحد من تلك الطموحات، فأمريكا التي تعمل على تحجيم دور وقوة دول كبرى في العالم لن تتساهل في ذلك مع اسرائيل ولن يصل نفوذ اللوبي الصهيوني حد القدرة على رفع هذا السقف، لقد عرقلت أمريكا مشروعاً فرنسيا ً في التسعينات لمد انابيب النفط من الموصل إلى حيفا -على الرغم من حيوية واستراتيجية مثل هذا المشروع لاسرائيل- لأنه يتعارض مع استراتيجية أمريكا ومصالحها العليا
إن استمرار موازين القوى على المستوى الدولي على ما هي عليه الآن ، وغياب استراتيجية عربية مواجهة للهيمنة الأمريكية وللمشروع الصهيوني، وافتقاد الديمقراطية في المجتمعات العربية واستمرار ضعف حركة الشارع العربي وقواه السياسية ، وعدم وجود أي تناقضات تذكر بين أمريكا واسرائيل تعرقل المصالح العليا للولايات المتحدة، يجعلنا نخلص إلى نتيجة ان الاحداث التي تشهدها المنطقة لن تؤدي إلى أي تغييرات في اسرائيل لا على مستوى البنية ولا على مستوى الدور أو الوظيفة على الأقل على المدى المنظور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر