الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع المصالح وإهمال العراق

سعد الكناني
كاتب سياسي

(Saad Al-kinani)

2012 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


قد تختلط المفاهيم في زمن الفوضى والاضطراب السياسي وتضيع معانيها ودلالاتها ويتداولها الناس دون معرفة كنهها ، فالنظام العراقي يعتبر من وجهة نظره هو ربيع الديمقراطية وواحتها الخضراء في وسط صحراء النظم العربية الفاقدة لمعاييرها وتقاليدها ؟ في حين يدرك المواطن العراقي تماما إن ديمقراطيتيه الجديدة بعد الاحتلال هي مشوهة وتقوم على أعمدة من الهشاشة ما يجعلها آيلة للسقوط عند إي امتحان أو أزمة تصادفها كما حصل في تجارب وأزمات السنوات العجاف الماضية لان تركيبة النظام السياسي تقوم على التقسيم والمحاصصة الطائفية المذهبية الضيقة وفشلت كل محاولات عبور مستنقع الأزمات الدائمة التي تتوالى عليه بين الحين والأخر ، فالديمقراطية التوافقية التي يحتكم إليها النظام جعلت منه أداة بيد قوى خارجية تتحكم فيه وفق أجندتها السياسية ومصالحها الاقتصادية من خلال مراكز (القوى ) التي تسيطر على مفاصل الحياة السياسية في العراق والتي سلبته حرية قراره الوطني المستقل ، ولذلك فالصراع المحموم على السلطة واختلاف الأجندات بين مكونات العملية السياسية ساهمت في إهمال العراق ، وإن المتتبع لأوضاع العراق الداخلية خلال السنوات التسعة المنصرمة تؤكد بما لا يقبل الشك إن الدول والقوى الخارجية ساهمت وما تزال تساهم بقوة أكبر في زيادة التوتر الداخلي بسبب تدخلها اليومي في الشأن العراقي ، وأن القوى المحلية العراقية الحاكمة من اجل ترسيخ نفوذها هي التي ساهمت وتساهم أيضاً في طلب ودعم هذا التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتعزيز مواقعها أضحت هي محور مشكلات الملف العراقي برمته وهي نفسها تعارض وتعرقل الجهود الهادفة إلى الشروع الجاد في عمليات الإصلاح السياسي وتعديل الدستور بعيدا عن التفرد والتحزب ، والأزمة التي يعيشها النظام العراقي هي أزمة بنيوية عميقة وواسعة وهي إفرازات لعملية سياسية مشوهة تسود الوضع السياسي والقانون الانتخابي والياته بل أزاح كل المحاولات للاندماج المجتمعي وإشراك الجميع وتعبئتهم وتفعيل دورهم السياسي لإشعارهم أن لهم دورا فاعلا في بناء العراق والتجدد في إصلاحه السياسي والاقتصادي من خلال المشاركة النشطة ، ومن هنا نقول للذين يلتمسون الحلول من إيران أو غيرها والاستقواء بهم للحصول على مكاسب وامتيازات شخصية أو حزبية أو جبهوية عليهم إن يعوا أن هذا الطريق مزروع بالألغام والمخاطر ولن يوصلهم إلى مبتغاهم ( الوطني) والطريق الأسلم والأقصر هو المشاركة مع الآخرين على عبور الوضع القائم والانتقال بخطوات متقدمة من التعاون والاتفاق والانفتاح لإخراج البلاد من دوامة مشكلاتها المتفاقمة والبدء بإعادة البناء الذي ينتظره الشعب لإخراجه من دائرة معاناته المزمنة وينبغي على السياسيين الاحتكام إلى القانون لإقرار حقوقهم إذا ما اعتقد البعض منهم هناك تجاوز عليها دون اللجوء إلى طلب مساعدة الأجنبي أو استخدام أساليب التهديد والوعيد لان ذلك يزيد من تعاظم الأزمة وابتعاد حلها ويوقع الشعب في دائرة التساؤل والتشكيك في قدرات السياسيين على حل مشكلاتهم بأنفسهم ويؤشر ضعفهم إزاء مصالحهم وتغليبها على مصالح الشعب الحيوية ويعطي اليقين والبرهان على إن الديمقراطية في العراق لازالت لم تجد الأرضية الموائمة في ذاتهم وثقافتها لم تلمس فكرهم وان العملية السياسية يشوبها عدم وضوح الرؤية ونضوج الأهداف الوطنية لديهم وان معاني وإبعاد التغيير لم تتوضح عندهم وتداخلت وتشابكت المصالح لديهم ولم يعد يتبينوا أين تقف مصالحهم وعما إذا كانت مشروعة أم لا ومدى توافقها مع مصالح الشعب، كما إن العملية السياسية برمتها لا يمكن إصلاحها ما لم تتحرر من مظاهر المحاصصة والطائفية اللتين عطلتا مسيرة العمل السياسي نحو وجهته الصحيحة ، والسياسيون الذين يعلنون إدانتهم ومقتهم لها عليهم ترجمته إلى واقع ملموس من خلال الممارسة الفعلية بالتصدي إلى نتائج ممارستها من فساد مالي وأداري واسع وعميق وتسريع خطوات العمل باتجاه التغيير الحقيقي للواقع السياسي برمته لوضع حد للازمات التي يمر بها وإعلاء شأن الهوية الوطنية العراقية ، فالصراع السياسي وصل إلى شاشات التلفاز كما نراه يوميا بالمقابل يعاني شعبنا من ابسط حقوقه الإنسانية في ظل وجود اكبر ميزانية سنوية للعام الحالي 2012وأن نسبة 18% منها المخصصة للبناء والأعمار بوجود الفساد المستشري تبقى الحقوق منقوصة وإهمال متعمد باتجاه البناء والأعمار ؟ لكن الذي يحدث هو بسبب هشاشة العملية السياسية والتدخل الخارجي في العراق ، العراق أصبح اليوم مشكلة معقدة بسبب صراع المصالح والنفوذ وان ساسة مكونات العملية السياسية لا يخشون من التأريخ الوطني؟ وهل صحيح أن يبقى البعض في عالم ( بين بين) حيث الحيرة والتردد ؟ لذلك ينبغي إلى معالجة كل المشاكل العالقة في المشهد السياسي العراقي وخلاف ذلك فأن الأوضاع ستتعقد أكثر ومن جانب آخر في حالة عدم مشاركة القوى الوطنية النزيهة غير المشاركة في السلطة ومنظمات المجتمع المدني والإعلام الحر فسيكون حال ( الملتقى الوطني ) المقترح عقده أشبه بالمريض المحتضر وبالتالي فالصراع الحالي بين مكونات العملية السياسية سيبقى مستمرا لأنه بالأساس صراع على المصالح لا صراع على المبادئ والمشاريع الوطنية صراع على السلطة والأموال والنفوذ وصراع ضد مصالح الشعب العراقي وضد مستقبله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية