الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول العنف الأُسري -1-

عمار مها حسامو

2012 / 2 / 28
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


مقدمة :
على الرغم من اتفاق جميع الأديان والمذاهب الإنسانية والإجتماعية على العيش بسلام ومحبة ونبذ العنف وعلى الرغم من تبني جميع الحكومات والشرائع الإجتماعية والدينية والسياسية على صون حق الإنسان في حياة آمنة وعدم تعرضه للعنف من أي شخص إلّا أنها تتخذ من العنف وسيلة للبقاء والتخاطب مع الآخرين .
و غالباً ما يُرد على العنف بعنف آخر " العنف المُضاد " نتيجةً لذلك يُمسي مجتمعنا كمجتمع الغاب و البقاء للأقوى أو استسلام أحد الطرفين المتصارعين .
أساس هذا السلوك من الحياة إما طبقي ، عرقي ، ديني ، إقليمي ، طائفي ، سياسي و جنسي أيضاً صراع يختلف فيه المتصارعون حول شيء مملوك من أرض وعقيدة و ربما إنسان .
وفي العنف القائم على أساس جنسي تكون المرأة هي الحلقة الأضعف " الضّحية " والمجرم هو أبيها ، زوجها ، أخيها ، ابنها و ربما ابن الجيران " مش مهم ، المهم ذكر " ، هذا النوع من العنف قائم بين عنصرين غير متكافئين فلا ينتج عنه العنف المُضاد " عدا العنف الأنوي " فينتهي بالرضوخ والاستسلام ، ما دامت جميع القوانين ، الشرائع ، العرف والعادات تُحلل وتشرعن له ذلك .
نشأت عند بعض الشعوب تقاليد تقضي بأن يحتفظ الرجل بما ملكه حتى بعد وفاته كي لا يتمكن أحد أن يتملك ما كان يملكه من مالٍ و أمتعة وأزواج أيضاً .
فالمرأة في الهند كانت تُحرق حية مع جثة زوجها عند وفاته ليُدفن رمادها مع رماده ، وفي بعض القبائل الإفريقية كانت تُدفن نساء حاكم القبية معه في حال وفاته بعد أن تُقطع أرجلهن أو يتم دفنهن بالقرب من قبره و من ثم يتم بناء بيت فوقهنّ و يُحكم سده إلى أن يتوفين إختناقاً ، جوعاً أو عطشاً ، ولمّا مات جنكيز خان ملك المغول دفنت معه أربعون فتاة .
على الرغم أنّ المرأة نصف المجتمع لكن وحتى الآن فهذا النصف ينظر إليه النصف الآخر على أنه ملكه وله كامل الصلاحية في التصرف به فيكون العنف ، ليس العنف وحده جسدي فهناك عنف نفسي ، جنسي ، استغلال اقتصادي فأداة الجريمة متنوعة من الضرب باليد ، الركل ، الحبس ، الإهانة ، الشتم ، التهديد بالإيذاء ، القتل ، التحرش الجنسي و الإغتصاب أيضاً.
وعلى ذلك يُعرَّف العنف في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعتة الأمم المتحدة سنة 1993 في المادة الأولى منه بأنه ( أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ) .
هذا النوع من العنف الموجه بشكل مباشر للمرأة يُجرِّمه القانون إن لم تكن هناك علاقة قرابة بين المجرم و الضحية ، لكن في وجود علاقة القرابة فإنها تُسقِط الجرم و تسقط عقوبته فإما تُخفف عقوبته أو تُحلله ، إن كانت علاقة القرابة تُسقِط جرماُ وعقوبته فهل علاقة القرابة تُسقِط الإنسانية والشعور الإنساني !!
متى كان العرف هو مصدر رئيسي في التشريع في المجتمعات الذكورية فإن القوانين تُشرعن العنف لأحد الطرفين فقط وتحميه أيضاً ، دون الطرف الآخر ، للذكر وحده ، فالأنثى هي دائماً المُخطِئة والمُذنِبة والرجل هو ملاك طاهر لكن يشوب تصرفاته بعض السهوات ، فتحت حجة التأديب يحق للزوج منع زوجته من الخروج من المنزل " وأد من نوع آخر " ، وتحت حجة فحولته التي لا تُكبت يحق له أن يطأها متى شاء و رغِب و إن لم ترغب هي ، يضربها تحت ذريعة التأديب فيهدر من إنسانيتها ، يفقدها حياتها إن شكَّ بها ، يشتم ، يسب و يضرب ويهدر من كرامتها لتأديبها ، لكن إن أقدمت الزوجة على تأديب زوجها فستُحاكم كمجرمة يجرِّمها القانون فلا يوجد هناك قانون يكفل للمرآة الحق في تأديب زوجها إذا نشذ ، طالما يحافظ مجتمعنا بذكره و أنثاه على أقوال السلف " الرجال بالبيت رحمة لو كان فحمة " و " النساء متل الزيتون ما بيحلوا إلا بالرّص " .
و أيضاً في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعتة الأمم المتحدة سنة 1993 ورد في المادة الرابعة منه ( ينبغي للدول أن تدين العنف ضد المرأة وألاّ تتذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات دينية بالتنصل من التزامها بالقضاء به،. وينبغي لها أن تتبع، بكل الوسائل لممكنة ودون تأخير ، سياسة تستهدف القضاء على العنف ضد المرأة ، ولهذه الغاية ينبغي لها ) .
تختلف نسبة انتشار العنف بين الأوساط المتقدمة مدنياً والمتراجعة ، الريف والمدينة ، بلدان العالم الثالث وغيره فمن الممكن التغلب على العرف والتقاليد إذا أنطلق كل شخص من ذاته عندما يتمرد عليها و لا ينقل ما أخذه عن آبائه إلى أبنائه ، لكن من المعيب جداً وجود قوانين وتشريعات تُشرعن العنف أو رُبما تحمي فاعله .. أي الذكر ، مع غياب الوعي الكامل لمفهوم الإنسانية و حقوق الإنسان وحدوده .
لمّا كان العنف سلوك اجتماعي مكتسب ، يكتسبه الإنسان من البيئة والمجتمع المحيط ، من نموذج عنيف يراه دوماً كالأب في العائلة ، المدرس في المدرسة ، المدير في الوظيفة ، البطل في التلفاز ، المقاتل في لعبة البلاي استيشن .
فذاك الطفل الذي يرى أبيه يمارس عنفه في محيط الأسرة سيكون أكثر عرضة لأن يكون عنيفاً في حياته أو ينقلب ذاك العنف عليه ليعيش حالة إكتئاب ، كبت ، الإنحراف السلوكي ، الأمراض النفسية ، تدني بالمهارات الذهنية وفقدانه لأساليب التواصل و التفاهم و ربما يؤثر هذا العنف على أطفال المنزل فيسبب جنوح عن الزواج لتنفرهم من الحياة الزوجية فصور العنف حية في الذاكرة مما يسبب الخوف المستمر من الإقدام على الزواج وبالتالي سيؤثر على التوازن السكاني والنسيج الإجتماعي .

يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زهرة اللهيان.. أول امرأة تترشح لانتخابات الرئاسة في إيران


.. امرأة تتقدم للترشح على منصب رئيس الجمهورية في إيران




.. كلب هجــــ م علي طفــــ لة فأصبحت ملكة جمال


.. التحالف الوطني يطلق مبادرة لتعليم صناعة الخبز بأنواعه لدعم و




.. رئيسة رابطة سيدات الشويفات السابقة والناشطة الاجتماعية ابتها