الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الشيعية في طريقها إلى خسارة ابرز الولايات

المختار بن جديان

2012 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يُشبّه السياسيون والمحللون والصحافيون –عربا واجانب – منطقة الشرق الأوسط بذلك القدر الذي يغلي من كثرة الأحداث التي تشهدها مراكز ثقله بخاصة سوريا، التي تعيش كل يوم على وقع التفجيرات المتابدلة والتي جعلت منا نحن سكان المغرب العربي نسمع بوضوح صفير غليان ذلك القدر.
لكنّي شخصيا اشبه شعوب هذه المنطقة وبخاصة الشعب السوري بذلك الراعي الذي يعيش ليلا باردا ومريجا وسط صحراء يتأمل فيها نجوم النصر المبين، من يد أثبتت بأنها متغطرسة رغم كل ما قيل عن نواياها الطيبة بشأن توحيد شُتات الأمة العربية المُسلمة، إلاَّ أن نرجسيتها تجاه الحكم أفاضت دما سوريا طيبا من كأس لعينة تُسمَّى " السلطة ".
قد يختلف معي من يقول أن -حزب البعث السوري- قد أخرج سوريا يوما ما من غياهب التعسف والقمع، و قدَّم مشروعا تصحيحيا قاده -حافظ الاسد- بداية حكمه لسوريا، وقد يستشهد آخرون بأن النظام البعثي قد ربَّى أكبدة بعثية لا تفقه سواه ... وهنا قد يكون الامر صحيحا إذا ما أسقطنا الدواعي الواقعية التي عاش عليها الشعب السوري طيلة 39 سنة، حيث كان من بين الشعوب التي قادت الفكر العربي القومي على اكتافها متأثرة بمقولات وشعارات بدأت منهم وانتهت إليهم، إلا اني اواجه كلامهم بذلك المخطط الذي بدأ منذ سنة 1979 حين برزت ما سُميت بالثورة الايرانية، والتي قامت على انقاضها
-الجمهورية الاسلامية الايرانية-، التي بقيامها رُسمت خارطة عقائدية باياد سياسية خبيثة.
فإيران اليوم لا زالت تعيش ونحن في سنة ألفين وأثنا عشر بعقدة عمرها تجاوز الأربعة عشر قرنا -الصراع السني الشيعي-، و لعل مُخططها في الهيمنة على المنطقة -الشرق اوسطية- وتكوينها لما سُمي بالهلال الشيعي -ايران سوريا لبنان- ليس إلا مفتاحا لرؤية بعيدة المدى.
نشهد للفرس نحن العرب بالكثير من المحاسن والايجابيات خدمة للإسلام، ولا يقدمون هذه الخدمة لنا بقدر ما هي خدمة للدين الذي به يعتقدون والذي بُعث نبيه رحمة للعالمين، و لكن وفق منطق المقارنة القيمية فإن أبناء القرن الواحد والعشرين يختلفون جدا عن أبناء السلام في عامه الأول للهجرة، فلم نشهد في دواوين من دونوا لنا حياة الاولين نوايا للهيمنة على حساب الدين، بل دونوا لنا مذاهب واعراف وأفكار قد تتناقض من حيث الشكل –نقلا وعقلا– و لكنها تقودنا في النهاية الى البوتقة الشاملة الا وهي –مصلحة الاسلام– فكان الاختلاف رحمة مُزجت بين النقل والعقل وبين جميع المشارب التي رسمت نسيجا مُزركشا للدين دون المساس بالقيم الثابتة التي يحتويها.
ليس غريبا على -بشار الاسد- ان يُؤجج الصراع الطائفي في سوريا بين السنة والعلويين من أبناء عشريته، و ليس غريبا ايضا على كل من ايران وحزب الله من لبنان ان يدعموا هذا المخطط، و لكن الغريب هنا في العقلية العربية التي ترى امامها الوفود تُتبادل والمساعدات العسكرية والمادية تُؤخذ بالناصية، ان يُفهم على انها تعاملات بسيطة بين دولتين عُرفتا بالتحالف منذ السبعينات.
قد نعتقد هنا بان –بشار- يريد لهذا الصراع ان يظهر لانه يخشى السقوط عن دسّة الحكم، ولكن يقودنا هذا الى أحقية هذا الحاكم في أن يُمارس مثل هذه الممارسات، فهنا نوقفه بإسم – حرية الشعب السوري وكرامته – ونقول له بأقلامنا كفاك فتنة يا صاحب الرس الذي يرُسُّ شعبه في بئر الموت بلا شفقة اكان من مؤيديه ام من معارضيه.
ويعود ليعارضني الكثير ويقولون لي هذه المرة ان هذا الصراع جزء من تلك المؤامرة التي أُحيكت ضد سوريا، ولكن أين ذهب قول الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال -كُلكم راع وكُلكم مسؤول عن رعيته ... فالحاكم راع وهو مسؤول عن رعيته- بالإضافة إلى ذلك فلنقف وراء النقطة الاكثر غموضا، ماذا تفعل قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ؟ من الاكيد انها لم تذهب في نُزهة كي تستنشق رحيق المتفجرات، بل ذهبت كي تُساند أصحابها ممَّن قدموا إليهم الخدمة الكبيرة خلال حربها مع العراق أيام حرب الخليج الاولى زمن الثمانينات، حيث قامت باغلاق انبوب النفط العراقي كركوك – بانياس وحرمت العراق من موارده المالية.
العراق التي أضحت اليوم بعد رحيل قائدها بمشنقة – صدرية – من أوهن الدول فكريا وسياسيا وحضاريا، إذن عن أي أمة تشدق بها حزب البعث في سوريا، وعن وحدة تكلم وعن أي قومية تجعل من سوريا تغتاب اخا لها في العروبة مقابل نفط آخر رخيص اخذته بالمذلة.
لقد امتاز التحالف الايراني السوري بتوظيف مسارات الفتنة بين اهل الاسلام سنة وشيعة، لتتحول الهيمنة من جانبها السياسي الى جانبها العقائدي ولتموت فكرة القومية العربية التي تبناها النظام البعثي في سوريا والتي دائما ما انتقدها النظام الإيراني الذي يرنو إلى تكوين امبراطورية شيعية كثيرها الفرس و قليلها العرب.
إذن لا يمكننا بأي شكل من الاشكال أن نُنكر مدى عمق العلاقة بين كل من ايران وسوريا، فهاهو النظام الايراني بعد ان صدَّر جيوشا خاصة والتي سبق و دربت فصائل المقاومة الكاذبة من أمثال -كتائب الزرقاوي-، تُصدر سُفنا حربية الى سوريا؛ فقد تداولت أغلب وكالات الانباء في الآونة الخيرة خبر ارسال ايران سيفنتين بحريتين الى سوريا، زد على ذلك خطابات المرشدين الايرانيين للمصلين في صلاة الجمعة التي تؤكد عُمق هذه العلاقة، حيث كثرة دعواتهم للجهاد الشيعي ضد السوريين ولصالح الأسد، هذاعلى غرار تلك المساعدات المادية والمالية والنفطية التي قدمتها وتقدمها ايران لسوريا مقابل أن لا يَفتُر حُلمها في الهيمنة على المنطقة.
فمنذ ان تأسس ما سُمي بالمثلث الشيعي داخل منطقة الشرق الاوسط، ذي الخلفية الطائفية والأهداف الطائفية، وهو ينبُش في تلك الصراعات التي تجاوز عمرها اليوم أربعة عشر قرنا، ويحقن فيها حقنا سياسية لتزداد ضراوة داخل العقل -الشرق أوسطي- بدرجة أولى، و لتجسد بروباجندا عقائدية للشعوب العربية المبهورة بدول إيران الجهادي ضد الغرب.
ولكنَّ ايران ترى أن من حقها التاريخي الهيمنة على المحيط العربي والآسيوي، ربما لانها ترى في نفسها حضارة عنيدة وعتيدة، او ربما هو حسد من القوة الامريكية الطاغية اليوم في شكل ولايات تهيمن على العالم سياسيا واقتصاديا وحتى ثقافيا.
وقد وجدت هذه الاخيرة وللأسف مع الابن المدلل إيرانيا -بشار الاسد- كل المساعدة وذلك على عكس منهج أبيه في الحكم، حيث اتسم -حافظ الاسد- رغم وحشيته هو الآخر، بخط شبه مستقل بينه وبين ايران، خوّل له ان يحفظ كرامة وعروبية شعبه الذي لم ينتفض ضده رغم كل ما فعله من مجازر لا لشيء إلا لانهم قدروا له مواقفه تجاه الحركة القومية، والتي حتى وان لم تكن فعالة فقد كانت مُترجمة على خطوط صور واخبار وسائل إعلامه.
بالإضافة إلى اقتناع راسخ في مخيلتهم ان العقلية السياسية العربية لم ولن تُنجب رئيسا يرى كل الاصابع متساوية، وهذا ما اكده الكثير من المحللين حين قالوا بأن الشعب السوري في عهد الرئيس الوالد رضي بالقليل من اجل الكثير، ولم ينل هذا الأخير من الأب البعثي سوى ولدا بسببه يستنزف الناس مداد القلم في ذمه أكثر من استعماله للوقود الذي يستنزفه في حربه الطائفية اللعينة.
اليوم وبعد أن تغلغلت السياسة الايرانية الشيعية داخل ابرز مناطق قوة الشرق الأوسط، في كل من سوريا برعاية العلويين، ولبنان بزعامة حزب الله ، وفي العراق بهيمنة صدرية على التركيبة الوزارية، نحن على أُهبة الاستعداد لحرب عقائدية ضروس، رُوادها المسلمون وجمهورها الغرب، فحتى وإن سقط نظام -بشار الأسد- في سوريا فلن يُزعزع ذلك من ثقة المؤسسة الشيعية الأم –إيران- من مُواصلة مشروعها الطائفي الكبير، فقد اعتادت على تربية دويلاتها الصغيرة من اجل يوم تهيمن فيه على المنطقة ككل، وفي المقابل يُضحي الشعب العربي كاللسان الذي يقيدانه فكي اسنان واحدا من اعلى يُسمى -الولايات المتحدة الامريكية- وواحدا من أسفل يُسمى -الولايات المتحدة الشيعية- و يا ويله إذا ما أخطىء في كلمة يوما ما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا