الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافتنا العربية .. تنتقد ولا تقدم حلول

سامي بن بلعيد

2012 / 2 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ما الفائدة من وجود رواد للفكر اذا لم يتمكنوا من رسم استراتيجية ثقافية شاملة يفهمها المجتمع ويهتدي بها ؟
في كل شعب من الشعوب العربية يوجد المفكرين والعلماء والباحثين والسياسيين والادباء والاعلاميين والاطباء والمهندسين والتربويين .... الخ ومن بين أولئك كثيرون ممن يتمتع بالذكاء , وقد نرى ذكاء فردي او جماعي على مستوى نُخب او جمعيات تتوزع في قطر عربي ولكننا عندما نراقب المحصلة العامة لعمل الجميع سنراها سلبيةٌ جداً وتندفع عكس الحركة الموضوعية للتطور , وكأننا نرى شذرات وعي وكفاءات حقيقية ولكنها تسخّر لمصالح ضيقة أكانت فردية او جماعية , وتعمل ضد بعضها البعض , منذ سته عقود واصبحت كل نُخبة ترى نفسها الافضل وتقتنع مع نفسها بأن شئوون الوطن لا يمكن ان تُدار بالاتجاه الصحيح إلاّ اذا كانت هي على رأس الاشياء ومثلها تفكر النُخب المقابلة .
دعونا نتحدث ببساطة ... المثقف ليس من يخزن الكلام التوليفي من هنا وهناك ... وحتى لو ملك معلومات تؤهله لدخول موسوعة جيت وهي لا تمتلك تراكم منهجي فأنها تظل بعيدة عن الثقافة الحقيقة ... الثقافة الحقيقية تمتلك استراتيجة عمل منهجي له بدايه وله نهايه ويقوم على تراكمات تأريخية لا تساغ من واقع مثالي او مجرّد وانما من معطيات واقعية لها تأثيرها في الواقع مع مراعات معطى الزمن والامكانيات , ونحن عندما ننظر الى الحصيلة الثقافية للاقطار العربية خلال الخمسة العقود المنصرمة لرأينا ان الانفصام الحضاري الفكري هو الاخطر رغم انه قد بدأ منذ قرون طويلة .
اصبحت الاقطار العربية الى ما قبل ثورات التغيير تعيش حالات اغتراب واضحة المعالم وحالة الاغتراب الحضاري وصلت الى مستوى الاقطار نفسها حيث اصبحت بعض الشعوب العربية لا تطيق بعضها , وصحيح ان هناك عوامل خارجية مباشرة وغير مباشرة مرتبطة بشبكة استخبارية متمكّنه مع الحكام العرب من اجل ابقاء الشعوب تحت اطار ثقافة الصراع ولكننا نعتبر انفسنا كا شعوب عربية على مختلف اطيافها وتكويناتها هي المسئوولة الاولى عن كل ما يحصل في الوطن العربي , وللاسف الشديد عندما نلاحظ اداء الكثير من المثقفين والسياسيين والمفكرين واغلب الاطياف المثقفة في المجتمع العربي قد غلبت عليها العقلية المادية وكم رأينا من الاقلام اللآمعة والعقول النيرة تسخّر نفسها لخدمة الحاكم المُستبد والسبب انها فقدت حلقات التكوين الانساني العام ( العقل الجمعي ) الذي يجعلها تتقن مهنتها , فلا مجال للشّك ان المثقفين بغالبيتهم لعبوا دوراً سلبياً في تهميش الانسان العربي واضعافه واضعاف حلقات تكوينه العام .
كما اننا نلتمس في الغالب العام ان القائمين على ثقافتنا على مختلف تكويناتها تقوم افعالهم الثقافية على انتقاد ولوم ألآخر ومحاولة تحميله كل تبعات الاخطاء والكوارث التي تمر بها بلداننا , فنرى الكل يحلل وينتقد وينقل الاخبار من اصغر ناشط ثقافي الى اكبر ناشط , وكأن العقل العربي لم يعد لديه قدره على التحليل وتقديم الحلول الاستراتيجية المُلحة للأُولويات والسبب ان العقول وصلت الى مرحلة الجمود وهي تمارس نشاطها عن طريق الحفظ والنقل والتقليد وسر الاسرار في ذلك والذي لا يريد كثيرمن المثقفون العرب ان ينتبه اليه يتمثل في اننا عاطفيون ونتحدث من داخل الاشياء ( المرجعيات ) اي اننا نجعل ما نتحدث عنه هو مصدر تفكيرنا وتلك هي المشكله فالمفروض ان نجعل ما نتحدّث عنه موضوع تفكيرنا لضمان الحيادية .... لاننا حين نجعل الشيئ مصدر تفكيرنا فإنّه يقودنا في طريقه هو لا في طريق الحقيقة ونبصر انفسنا من حيث نشعُر او لا نشعُر مشدودون الى مقدمات ومندفعون نحو نتائج لم يأخذ الاستقلال الفكري المحايد حقّهُ في تمعُّنها ودراستها اما حين تكون الاشياء موضع تفكيرنا فإن تفكيرنا المحايد والمستقل يمد نفسهُ بكل اعتبارات القضية المدروسة بدون ان يلزمنا عاطفياً بأي حكم مسبق يتحرّك الفكر داخل اطاره الانفعالي الصارم .
فتلك الحقيقة الماثلة لن ولم يستوعبها المثقفون العرب طالما وهم يجعلون الاحزاب او الجماعات او المجلات او الافراد هي مصدر تفكيرهم يتحدثون من داخل تلك المرجعيات وبأسمها بطريقة عاطفية متعصبة قد لا يشعرون بها بل ان كلٍّ منهم يعتبر نفسه مصدر الحقيقية المطلقة ... وذلك الاداء دفع شعوبنا نحو الصراع فغابة النزاهة وضاعة حقوق الشعوب ودخلت مراحل اذلال كان المتسبب الاول لذلك من بين اهلها .
فالامر الجدير ذكره هنا هو ان ثقافتنا هي هويتنا فنستطيع ان نضيُّقها لنجعلها قبراً ونستطيع ان نوسّعها ونجعلها جنةً فكل ذلك يعود الى نوع الوسيلة , والمعروف ان الثقافة وحدها القادرة على انجاز التطلُّعات واحداث التغيير الحقيقي ... التغيير الذي تنشده ثورات التغيير العربية السلمية ... التغيير الذي يجعلنا نستلهم مفاهيم التغيير الذي ينقل مفاهيم التقدم الحضاري من مركز العاطفة الى مركز العقل ومن التّطلع المجرّد الى الواقع الحقيقي .... التغيير الذي يصنع التكامل وقبول الآخر ويخرج الانسان من عالم الصراع والنزاع ورفض الآخر الى عالم القبول والحرية والعدالة الانسانية .
نتمنى من مثقفينا ان يحللوا الظواهر ويهتموا بتقديم الحلول بدلاً من الانتقادات وتقديم التكهنات ومحاولة لوم الآخر ... ومن اراد ان يرى عقله ويدخل الى مستودع ذاكرته للتأكد من اداء تلك الملكه كي يقوم بأصلاح ما يوجب اصلاحه انه سيستطيع ان يصنع الفارق , وارجوا ان نلفت الى اداء الجميع واقصد جميع من يكتب ويقرأ العربية امام ثورات الربيع العربي ... للاسف الشديد ان الكثيرون يتحدثون عنها وكأنها لا تعنيهم ... وكأنها ليست ثورة عربية او انهم ليسوا عرب ,,, وهذا الامر فيه
خطورة كبيرة لانه في حال ان يكون المثقف غائب عن واقعه ولا يستطيع ان يرى الظاهرة او المُتغيّر العصري ولا يستطع ان يحدد موقعه منها فتلك هي الكارثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح