الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق إلى الباوية!

عبد جاسم الساعدي

2012 / 2 / 29
حقوق الاطفال والشبيبة


تكتشف المسافات والفواصل وقد يتوقف الامتداد والتواصل ، لم تعد جزءاً من المدينة . يأخذك الحنين إلى روافدك الأولى وكأنك تبحث عن أولئك الذين فارقتهم منذ أربعة عقود خلت، انتشروا في جانبها الشرقي وتكاثروا هناك . تطوي السيارة الطريق بسرعة معتدلة جداً ، احترازا لنقاط السيطرات العسكرية ولتآكل الطريق الذي أنهكته القوات العسكرية في طريقها إلى الحدود الشرقية .
تقف سيارتنا لبضع دقائق على جانب الطريق لمرور " رتل " من القوات الأمريكية . البيوت المنتشرة طوال الطريق ، عشوائية في بنائها ، لا تنتظم في شروط البناء وتخطيط المدن ، لا تتوافر على أبسط مستلزمات الخدمات ، أنها قرى معزولة ، مفككة ، لم تصلها أمانة العاصمة ولا إسالة الماء ، لكننا نقرأ شعارات بقية الحملات والدعايات الانتخابية .
لدينا متسع من الوقت لتناول وجبة غداء سريعة ، قبل وقت افتتاح صفوف تعليم الكبار في مدرسة " الاستقلال".
فتى في الرابعة عشرة من عمره ، ينقل صحون الطعام بأدب جمّ ، تظهر عليه علامات الاستغراب لهؤلاء القادمين من بغداد .
- ما أسمك ؟
- حسين
- هل أنت في المدرسة ؟
- تركتها ، وأعمل الآن في المطعم .
يقترب عاملان اثنان من الفتى ليسمعا الحوار القصير ،ماذا ترى لو وفرنا لك فرصة العودة إلى المدرسة ؟
يبتسم ، نسيت ما تعلمته ، لا يمكنني أن أترك المطعم ، أنه مصدر عيشنا ، أستشهد والدنا في المطعم ، وجدناه مقتولاً فيه ، فاضطررنا نحن أخوة أن ندير حال المطعم !
يدهشك مشهد مئات الأطفال الذين يفترشون الأرض ، اكتظاظ ، أجواء غير صحية ، لم يصل الماء إلى " الباوية " ، يحمل التلاميذ قناني الماء معهم .
كان صديقنا الأستاذ " س " في مؤتمر " باريس " التعليمي عن العراق كما ظهر لي على حقّ حتى صرخ " لنبدأ بإعادة بناء المرافق الصحية أولاً ..! " ثم المناهج ، ظاهرة شاملة تبدأ من المدرسة حتى الجامعة ...
فتحت صفحة لأسجل ملاحظات مدراء المدارس الثلاث في بناية ، يؤمها كل يوم خمسة آلاف تلميذ ، طلبت من " المديرة " أن تمهلني الوقت لأسجل ملاحظات العقود الطويلة من الحرمان وتفشي الأمراض والشعور بالعزلة عن المدينة والأمية والجهل الذي يسري في " الباوية ".
الأمراض كثيرة ، منها " التيفوئيد " بين التلاميذ ، وسوء التغذية والتلوث ، تصلنا المياه في " التنكر " نشتريه كل يوم !
" الباوية " من دون خدمات ولا مؤسسات ، وجدت جمعية الثقافة للجميع حالها في وسط بيئة اجتماعية وثقافية وتربوية هامشية في كل شيء.
وفرت دورات الخياطة لمئات النساء والاف المتعلمات في مكافحة الأمية تواصل الجمعية اعمالها هناك منذ ثلاث سنين، بالتعاون مع عدد من أبناء " الباوية " الحريصين على تنمية القدرات الثقافية والتعليمية ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة


.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم




.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة