الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (44): مصر الثورة والمرأة

عبير ياسين

2012 / 3 / 1
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي


تمثل المرأة دوما كيان ذو طبيعة خاصة وحالة محكوم عليها -فى أحيان كثيرة- بالنقص أو على الأقل بالإختلاف، ولعل أبرز ما يعبر عن تلك الوضعية التساؤل حول الثورة ووضع المرأة على الرغم من أننا لا نتحدث عن الرجال والثورة مثلا... وبهذا يعبر التساؤل نفسه عن الإشكالية التى نحن بصددها، كما يؤكد على حقيقة أساسية وهى أن المرأة أو مكانتها ودورها محل تساؤل وفقا لرؤية مجتمع بأكثر من أن تكون نتاج لموقف قوانين وقواعد وآليات رسمية فقط. وفى هذا الإطار يمكن أن نجد العديد من الحالات التى يتم فيها التساؤل حول أثر حدث ما على المرأة فى عمومها أو على فئة نسائية معينة، فهى الركن الأضعف فى المجتمع الذى تعود الشرق على النظر إليه بشك وربطه أحيانا كثيرة بالشرور التى تحدث فى المجتمع ولعل حادث فتاة مجلس الوزراء التى تم سحلها وتعريتها دليل واضح على تلك الحالة، فبدلا من التركيز على أصل القضية وأصل المشكلة تم تحويل القضية بسهولة للنقاش حول الفتاة وملابسها وأسباب تواجدها فى تلك المنطقة وتحولت الضحية لجانئ ومتهم لمجرد أنها أمراة على الرغم من أن تلك النقاط لن تثار أن كان الضحية رجل.

تلك الوضعية تجعلنى أعود لما أؤكد عليه دوما فيما يخص الثورة، فالثورة تمثل عنصر كاشف لإشكاليات حقيقة فى المجتمع وفرصة لمواجهة النفس بتلك المشكلات والتصدى لها أن أردناها ثورة حقيقة على القيم والأفكار البالية التى ترسخت أحيانا على هامش عقود الفساد والإفساد، وضرورة إعادة الأمور لنصابها حيث تقاس الأشياء بجوهرها وليس بشكلها فقط. وفى هذا الإطار أبرزت الثورة فى نسختها المصرية والتى تمثل محور نقاشى تلك الإشكالية على عدة مستويات:

من جانب مثلت قضية صور الفتاة العارية التى نشرت على الانترنت وجذبت عدد غير قليل مع اهتمام إعلامى كبير تعبير واضح عن وجود خلل فى تعريف مفهوم الحرية وعدم احترام العلاقة بين الفكرة والوسيلة فالفكرة تهان أن استخدمت وسيلة مهينة للتعبير عنها ومهما كانت قيمة الحرية مهمة فأنها فى سياقها التى قدمت به جاءت مبتذلة ومؤثرة بشكل عكسى. ولكنها من جانب أخر أبرزت مشكلة الاتساق ليس فقط لدى المصريين ولكن لدى كل من دخل وشارك فى زيادة عدد زوار تلك الصفحة وساهم فى جذب المزيد من الاهتمام لها بدلا من تجاهلها أو اللجوء لوسائل تعبير أخرى لرفض الأسلوب المقدم على أساس فكرى واضح أو تحت شعار المقاطعة الذى يرفع فى الكثير من الأحيان فى أمور أخرى. دون أن ننىسى ما نقل عن تأييد نساء فى دول أخرى للفكرة وتأكيدهم على الاتجاه لعمل المثل فى بلادهم كدفاع عن الحرية وهو تعبير عن نفس الأزمة والخلل فى تعريف العلاقة بين الفكرة والأسلوب ولكن فى سياق إقليمى.. فى كل الحالات عبرت تلك الحالة عن خلل واضح وأضرت بفكرة الحرية وساهمت فى دعم القوى المضادة للثورة.

على الجانب الآخر جاءت حادثة فتاة مجلس الوزراء لتعبر عن إشكالية أخرى عميقة فى المجتمع، فعلى الرغم من أن الفتاة لم ترتكب جرما، وعلى الرغم من أن أصل الحدث هو العنف المستخدم ضدها والمتمثل فى الضرب والسحل بما رتب حدث التعرى إلا أن جزء كبير من الجدل ثار حول فعل التعرى وكأنه موقف اختيارى من الفتاة، كما ركز على ملابسها وغيرها من التساؤلات التى عملت على تهميش فعل الجانئ وتعظيم فعل المجنى عليه -الممثل بالأساس فى ملابسها وتواجدها فى المنطقة-. جاءت تلك الحالة بدورها كاشفة عن رؤية لدى المجتمع مفادها أن المرأة متهمة دوما وأصل الشرور، وأن ما تتعرض له هو نتاج دائم لما تفعله أو تقوم به. فالمجتمع يبحث دوما عن أسباب لدى المرأة كملابسها أو أسلوب تعاملها أو أيا من السلوكيات العادية فى السياق العام ليجعلها مبرر لتوجيه الاتهام لها وتخفيف جرم الجانئ وهى مسألة تحتاج لإعادة نظر مجتمعية.

يضاف لهذه الصور حالة تمثيل المرأة فى الانتخابات البرلمانية والتى ظهرت المرأة فيها بوصفها أمراة بأكثر من كونها انسان فاعل وشريك فى المجتمع يفترض أن يحاسب على مواقفه وليس على نوعه. وظهرت الصور رغم تناقضها فى تلك الخانة الأساسية للمرأة بوصفها مرأة ووجدنا أنفسنا أمام مرشحة تقدم بوصفها جميلة وتستخدم صور الدعاية لتعكس هذا، مقابل مرشحة لا تظهر صورها وتوضع أشياء أخرى رمزية بديلا عنها لتأكيد انتماءها الدينى- السياسى. بالإضافة إلى حديث بعض المرشحات عن ضرورة بقاء المرأة فى المنزل.... وهى صور تعبر بشكل واضح عما تحمله النساء أحيانا من رؤى حول الذات لا تختلف عن رؤى المجتمع التى تتعامل معهم بوصفهم نساء ناقصات عقل ودين أو مجرد وجه حسن، وهى قضية ترتبط بما سبق من نقاط ولكنها توضح أن الرؤية مشتركة بين المجتمع ككل والمرأة كطرف.

مما سبق نجد أن الثورة كشفت عن صور من الخلل القائم فى التعامل مع المرأة والنظرة لها من المجتمع أحيانا ومن المرأة نفسها أحيانا أخرى. وعلى الرغم من أن الثورة قد تكون أوجدت صور لنساء فاعلات على الجانب الآخر، إلا أن تلك الصور تظل وفقا للتعليقات والتعامل معها أقرب للاستثناء وليس الأصل.. وبهذا نجد أن الثورة لازالت مطلوبة بشكل عام ومطلوبة أيضا فيما يخص المرأة وتعريفها وتعريف المجتمع لها ككيان فاعل مثله مثل غيره ولا يحتاج لقواعد استثنائية فى المعاملة سلبا أو ايجابا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح