الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدمقراطية والتيار الديمقراطي في العراق

حسين علي الحمداني

2012 / 3 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نقيض الدكتاتورية هي الديمقراطية ، والديمقراطية تعني حكم الشعب في ابسط تعريف لها ،والعراق من البلدان التي تحولت من الدكتاتورية إلى الديمقراطية بآليات تبدو مختلفة كثيراً عن آليات التحول التي عاشتها دول العالم الأخرى ومنها دول أوربا الشرقية حيث كان التغيير نتيجة تحركات شعبية داخلية وليست عبر تدخلات خارجية أملتها ظروف مرحلة ونزوات نظام فاشي كانت نهايته على يد قوات أجنبية ، وهذه القوات رفعت شعار نشر الديمقراطية في العراق.
ولكن حين ننظر للمشروع الأمريكي ورؤيته لمفهوم الديمقراطية في العراق نجد بأنه يرتكز على إشراك المُكونات العرقية والدينية وينظر للعراقيين على وفق إنتمائاتهم الفئوية والدينية وليس من خلال رؤيتهم الفكرية والإيديولوجية التي يؤمنون بها،وبالتالي فإن اقتصار الرؤية الأمريكية هذه على المكونات العرقية والدينية فرغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي والذي يتمثل بعنصر المواطنة الذي تم تغييبه لتحضر بدل عنه الهويات الفرعية، وهذا ما أفسح المجال أمام بروز تيارات وأحزاب دينية تمكنت من أن تشكل مشهداً عاماً في العراق بعد عام 2003 ، وهذا التمكن أتاح لها أن تأخذ من الديمقراطية الكثير دون أن تقدم لها شيئاً ليطورها وينقل العراق من مرحلة الانتقالية إلى مرحلة البناء وترسيخ الديمقراطية لدرجة بأن العراق وبعد دورتين انتخابيتين لازال في أزمات متوالية بسبب التركيبة المشوهة التي تحكم بطريقة التوافقات وليس بالإستناد على الدستور الذي يمثل الوثيقة الموقعة بين الشعب والسلطات بكل تفرعاتها.
لهذا كان من الضروري جداً بأن يكون هنالك تيار ديمقراطي يمثل الشريحة الأكبر من المجتمع العراقي وهي الطبقة الوسطى التي هي عادة ما تكون المحرك الأساسي للحياة بكل تفاصيلها سواء في المجال الاقتصادي أو الثقافي أو الحراك السياسي نفسه.
لأن ما يمارس في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن هو الشق السياسي من الديمقراطية والذي يتمثل بأنها آلية للوصول للسلطة بدليل عدم وجود معارضة داخل البرلمان العراقي لأن الجميع إنصهر في الحكومة والسلطة التنفيذية وبالتالي غابت المعارضة وبغيابها أخذت القوى الوطنية التي لم تستطع تحقيق مقاعد لها في البرلمان بسبب قانون الانتخابات نفسه الذي صادر ملايين الأصوات منها لصالح القوى السياسية الكبيرة ، نجد هذه القوى وهي عبارة عن أحزاب يسارية وعلمانية وليبرالية نجدها تأخذ دور المعارضة السلمية منطلقة هذه المرة من مد الشارع العراقي الذي بدأ يشكل قوة ضغط على السياسي العراقي ، وهذا الضغط وإن حاول البعض إجهاضه إلا أنه أثمر في مرحلته الأولى بناء وعي شعبي على ضرورة وجود التيار الديمقراطي كصوت معبر عن مطالب الشعب من جهة ومن جهة ثانية يؤشر مواطن الخلل في الديمقراطية العراقية التي حاول البعض تفصيلها على مقاسات معينة وتمثل ذلك بوضوح في قانون الانتخابات الذي حرم القوى السياسية التي لها قواعد شعبية في عموم العراق من أن تفوز بمقاعدها في البرلمان من خلال فقرات هذا القانون ، ولعل هذه الحالة تؤشر بالتأكيد تقصير وقصور في فهم الديمقراطية بشكل الواسع والصحيح .
وأيضا هذا يؤشر عدم ارتباط القوى الديمقراطية بالأجندات الخارجية التي لعبت دوراً كبيراً في صياغة المشهد السياسي العام في العراق.
لهذا نجد بأن التيار الديمقراطي الوليد في العراق يستحضر الشق الثاني من الديمقراطية وهو الجانب الاجتماعي القائم على أسس المواطنة وبنا الوعي ومحاولة تخليص العقل العراقي من تشوهات الماضي من جهة ومن جهة ثانية محاولة لم شمل القوى الديمقراطية التي أصابها التشتت في حقبة النظام البائد بحكم السياسة القمعية السائدة آنذاك ، وما حل بها من هجرة ثانية بعد عام 2003 بسبب الأوضاع الأمنية ، ومن تهميش طال الكثير من المفكرين والباحثين بسبب نظام المحاصصة الذي تجاهل الكفاءات والخبرات وجنح للحزبية والفئوية والطائفية في إشغالها.
لهذا فإن الرؤى المطروحة الآن في الشارع العراقي ومنذ عام تقريباً تؤكد بأن هنالك ثمة وعي يكتسح هذا الشارع على ضرورة إعادة النظر بالمشروع الديمقراطي العراقي ، لأنه لا يمكن أن نتصور بأن هنالك ديمقراطية حقيقية في ظل غياب أحزاب وقوى تؤمن بالديمقراطية وتسعى إليها كثقافة مجتمعية وليس كوسيلة للوصول للسلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شارع بائس ويائس
عدنان عباس ( 2012 / 3 / 1 - 23:06 )
لقد امسكوا بالسلطه سيدي الحمداني ولن يتركوها ابدا!!!
اما الشارع الذي تتحدث عنه فهو شارع بائس ويائس لاحول له او قوه تتنازعه الطائفيه والجهل اللتان تغذيهما الجماعات الحاكمه لانهما السبيل الوحيد لاعادة انتخابهم
ولن يسمحوا لاي كان ان يؤسس تيارا دمقراطيا وسوف يستخدمون كل السبل لاجهاض وافشال مثل عكذا مشروع مستخدمين كل الكذب والقوه والمال الذي سرقوه!!!
بلدنا يتجه نحو تادكتاتوريه الدينيه سيدي ولن يستطع اي كان ان يصده

اخر الافلام

.. ما مدى صحة وضع الثوم بالفريزر؟ ومتى يجب التخلص منه؟


.. رحيل عموتة عن تدريب منتخب الأردن.. لماذا ترك -النشامى- وهو ف




.. حرب الجبهتين.. الاغتيالات الإسرائيلية | #غرفة_الأخبار


.. ما دلالة غياب اللاعبين البرازيليين في الدوري السعودي عن -كوب




.. حزب الله يهدد إسرائيل.. من شمالها إلى جنوبها