الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشواق السودان

أمينة النقاش

2005 / 1 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الفرحة الغامرة، التي استقبل بها الشعب السوداني، التوقيع علي اتفاقية السلام بين حكومته وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان، تعكس توق السودانيين الشديد إلي السلام والاستقرار، بعد عقود من الاقتتال والموت والدمار، ونزوعهم إلي طي صفحة الماضي المرير، وتطلعهم إلي مستقبل يهنأون فيه بالعيش الآمن المشترك، الذي تغلق فيه صفحة الدماء وتفتح صفحات جديدة للبناء والاستقرار والوفاق الوطني.

الاتفاق الذي وقع في العاصمة الكينية «نيروبي» الأحد الماضي، في احتفال تاريخي حضره أكثر من 20 رئيس دولة وعدد مهم من ممثلي الأسرة الدولية، لم يكن من بينهم من القيادات العربية سوي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي، وكان من الخطأ - أيا كانت المبررات - أن يغيب عنه الرئيس مبارك.

اتفاق السلام لا يضع نهاية للمشكلات السودانية المتراكمة، بل يطرح مبادئ جديدة لحلها، تقوم علي إعادة بناء الدولة السودانية علي أساس من احترام الحقوق والواجبات، والإدراك الواعي، بأن الحل السياسي لا العسكري هو الكفيل بإيجاد طرق سلمية لإنهاء النزاعات المختلفة في السودان، بعد اقتناع كلا الطرفين، الحكومة والحركة الشعبية، أن كسب الحرب ضد الطرف الآخر في ساحة القتال، لم يكن سهلا أو ممكنا.

وخلال الفترة القصيرة القادمة، من المرجح أن تتوالي الخطوات التي تقود إلي وضع الاتفاق موضع التنفيذ. وبدءًا من الآن تشرع الحكومة السودانية في تشكيل لجنة قومية تضم كل القوي السياسية، لصياغة الدستور المؤقت الذي يحكم المرحلة الانتقالية، ويصدر خلال فترة تمهيدية تستمر حتي يوليو القادم. وفي 20 فبراير القادم، يتولي جون قرنق موقعه كنائب أول لرئيس الجمهورية في الخرطوم، وفي أوائل الشهر نفسه، توقع الحكومة السودانية مع معارضيها في التجمع الوطني الديمقراطي، اتفاقًا في القاهرة للمصالحة الوطنية يضمن عودة المعارضين ورد الممتلكات المصادرة وحرية العمل السياسي لفصائل التجمع ومشاركتها في العملية السياسية التي تبدأ بتنفيذ اتفاق «نيفاشا».

الاتفاق فتح شهية السودانيين للحوار والمصالحة فالرئيس البشير تعهد بأن يكون الاتفاق عقدًا جديدًا لكل السودانيين يمكن استخدامه لحل النزاع في دارفور، وقرنق دعا الجنوبيين خارج حركته للحوار لترتيب أوضاع الجنوب للفترة القادمة، وتعهد بدوره بوقف الجرائم التي كانت ترتكب في الماضي وأفرج عن الأسري الموجودين لديه، وعاد لإبراز خصائص خطابه القديم، بأن حركته قومية تستهدف نشر الحرية والعدالة لكل السودانيين.

المتشككون في الاتفاق والمتشائمون من نتائجه، يخشون عليه من المتضررين من إبرامه في صفوف النظام السوداني، الذين يخافون من ضياع مواقعهم وخسارة امتيازاتهم، والذين يغذون استمرار النزاعات في دارفور وكردفان، والذين يسعون لتسويق الاتفاق باعتباره اعترافًا بمشروع الإنقاذ الإسلامي، بعد قبوله تطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال.

المتفائلون من إبرام الاتفاق لا يقللون من العقبات التي تعترض تنفيذه، ويقولون إن إخفاق الاتفاق وليس تنفيذه سيفضي لا محالة إلي تقسيم السودان وهي مجازفة لا يجرؤ علي تحملها نظام محكوم بالضغوط الدولية، كما أن حكومة الإنقاذ لن يكون لها الأغلبية في تسيير مقاليد البلاد، وفقًا لما حدده الاتفاق.

لكن أكثر العناصر التي تقلل من إمكانية ترجيح السيناريو المتشائم، هي إرادة الشعب السوداني الذي يبدو أن الاتفاق سيلبي طموحاته وتوقه لوطن مستقر يطوي صفحة مآسيه وشقائه وتضحياته ويختار فيه بإرادته الحرة وحدته التي يبنيها علي أساس من العدل والحرية والمساواة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم