الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرح فاضل خليل :بين النص الواقعي والرؤية السحرية

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2012 / 3 / 2
الادب والفن



تنوعت تجربته الإخراجية من خلال اشتغاله على العديد من النصوص المسرحية سواء على المستوى المحلي أو العربي والعالمي،إلا أنها كانت تدخل في منظومة العرض الذي اشتركت سماته مع تيار الرواية الجديدة في أميركا اللاتينية المعروف (بالواقعية السحرية) وعلى الرغم من الاختلاف بين الرواية بوصفها جنساً أدبياً سردياً، وبين العرض المسرحي بوصفه منظومة من العلامات السمعية والبصرية، إلا أن المخرج (فاضل خليل) استطاع المزاوجة بينهما، من خلال الإفادة من تقنيات كتابة الرواية في توظيف مفردات واقعية لها القدرة على التحول داخل فضاء العرض المسرحي فضلا عن امتلاكها للعمق الأسطوري من اجل إنتاج العديد من العلامات التي تخلق لدى المتلقي ذلك المنظور (السحري)، الأمر الذي يجعلها "متحررة من فضاء النص المقترح من قبل الكاتب، حيث تتحاور رؤية المخرج بجدل خيالي مع فضاء العرض السحري، فتحمل علامات هذا الحيز التشكيلي المكاني رموزاً أسطورية ،علامات قادرة على استفزاز اللاوعي الجمعي باشتغالها الدلالي في فضاء العرض، علامات مصدرها الواقع ومساحات تجسيدها عوالم السحر والفنتازيا"( ) وفيها يتشكل العرض المسرحي من المألوف واللامالوف في الواقع الذي يدفع بالمتلقي إلى إيجاد فرضيات في تأويل الحدث الواقعي ، الذي يمكن تفسيره بأسلوب مغاير للتقليدي، لكونه قد تشكل من "عالم خرافي ينهض منه البطل وهو عائد ليجسد حالات الزمن المتداخلة بين الماضي والمستقبل، فالكرسي يتحرك في هذا الفضاء الحر كمفردة تحمل دلالات توليدية وتحويلية عديدة ، فهو أريكة للنوم، وساتر حربي، وأثاث منزل"( ) .
أن توظيف (فاضل خليل) لمفردات من الواقع تمتلك قدرة على التحول، يقلل من أهمية اللغة النصية داخل العرض ،على الرغم من انه لا يتخلى عن النص المسرحي، إلا أن الرؤية الإخراجية تمنحه إمكانية اختزال النص، مؤكدا ذلك بقوله "لا أبقي من الحوار إلا على النزر اليسير الذي يؤدي الغرض"( ) بمعنى أنه يغادر النص لصالح جماليات العرض بما يمتلك من دلالات سمعية وبصرية، فضلا عن ذلك فإنه غالباً مايعمد إلى إجراء تعديلات على النصوص بما يتناسب والرؤية الإخراجية على الرغم من عدم "تقاطعه مع المؤلف بحكم الانتقاء الدقيق المشروط، وهو لا يمارس أي سلطة على خطاب الأدب- النص إلا في استثناءات – كالإخلال في تنامي الفعل وتشظيه"( ) الأمر الذي يدفعه إلى تحديد خياراته مع المؤلفين الذين يعمل معهم، من اجل تطوير النص المسرحي لصالح العرض، ذلك أن الأمر لا يقتصر على الحذف أو الإضافة في اشتغاله على النص ، بل قد يحصل أن يقوم المخرج بحذف أحدى الشخصيات كما حصل في مسرحية " (سيدرا) حيث عمد المخرج إلى حذف شخصية (الكاهن) المحرض تارة والمحايد تارة أخرى، ولكن من دون إرباك أو إخلال بالنسق المنطقي للدلالة الدرامية المتواجدة في النص"( ) ويعود ذلك إلى أن المخرج وجد ان الإفادة من مضمون هذه الشخصية أفضل من تجسيدها لذلك عمل على تحويل ذلك المضمون إلى شخصية المرأة (ليليث) والتي لعبت دور المحرض، الأمر الذي دفع بالبنية الدرامية إلى تبني العديد من التحولات التي أسهمت في تطوير العرض المسرحي.
ومن جهة أخرى فإن الممثل في عروض (فاضل خليل) يعد عنصراً فاعلا على مستويات عدة، منها قدرته على إيصال أفكار المؤلف من خلاله تفاعله مع لغة النص الدرامي الممزوج على نحو فاعل مع الرؤية الإخراجية التي يعمل المخرج من خلالها على " تحويل أجساد ممثليه إلى أسلحة فكرية استطاع من خلالها أن يؤسس نوعاً من المراسلة مابين لغات العرض المسرحي"( ) حيث لعبت تلك اللغة المتولدة في العرض دورا في تطوير منظومة (الواقعية السحرية) والتي تعد " محاولة تجريبية في قراءة الواقع الموضوعي قراءه إبداعية , ناتجة عن تفاعل ذات المخرج مع الواقع اليومي وخلق واقع فني إبداعي جديد يتميز بالسحرية , يفجر المادة النصية الأسطورية ليبدع منها حلما تشكيليا يعبر عن حقيقة الواقع الدفينة بكل مرجعياتها وبلغة فنية مبدعة منطلقاً من فرضية المعالجة في التجربة"( )، وبذلك يكون اشتغال (فاضل خليل) على النصوص المسرحية الواقعية بأسلوب غير واقعي اعتمادا على الأسطورة والحلم من اجل إنتاج صورة بصرية سحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟