الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس في حيفا

زياد شاهين

2012 / 3 / 3
الادب والفن


"ماركس" في حيفا زياد شاهين

ليلاً ، في حيفا، في شارعِ الملوك سابقاً أو شارع "الحرية "لاحقاً،
( أتساءلُ: لاحقاً ســابقاً ؟! اللـه أعلـم ! )
حيث تنتشرُ الحاناتُ والصبايا الجميلاتُ اللواتي يتسلقْـنَ على أحلام الشباب، والطرقاتُ الساهرة والشرفاتُ الحالمة !
رأيتُ "ماركس" يجلسُ في حانــةٍ، على كرسـي مخمليّ أحمرَ، يجرعُ الفودكا الصافي، يتبادل الكلامَ مع بائعةٍ للهوى سمراءَ، ويحتدمُ الكلام !
(على ما يبدو يتشاجرُ معها).
وفتاةٌ أخرى، يكشفُ النورُ الضئيلُ عن أقلّ سمرةٍ في ملامحها
تحدّقُ في الكلام وكأنه دخلَ في حلبةٍ للمصارعة الامريكية،
وخرجَ وسقطَ أرضاً خارجَ حلبةِ الأدب!
"ماركس" يبدو ثمـلاً قليلاً !
تترنحُ كلماتـُه مثل راقصة شـرقية في ملهى ليلي!
يشتهي أن يضاجعَ أحداهـنّ ،
وأن يدفعَ كلَّ ما يملكُ من "روبـلات" دمِ قلبـِه المُنفعل، وعرقِ جبينه المشتعل !
الفتاتان الجميلتان ترفضان العرضَ السخيَّ،
ترفضان وتعلّـلان وتشرحان وتضحكان ملءَ الحانــة وملءَ ميناء حيفا !
تقولُ أحداهنّ إن ماركسَ اليهوديّ الألمانيّ
مؤسسُ النـّظرية الشيوعية وروسيا هم السببُ الأول، السببُ الفادح، السببُ
المباشرُ والسببُ الفاتحُ فيما حدثَ، ويحدثُ في شــام سوريا وفي بلاد عربية أخرى!
وتقولُ الثانية:
وإنّ ذبحَ الأطفال والنساء والأبرياء، على ذمـّـة روسيا التي تدعمُ حكمَ عائلة الاسد!
وتدعمُ الانظمةَ العربية الرجعية واللارجعيــة !
ماركس مستغرباً ومكتئباً !
( الأعتذار للفضل ولأبي نواس)
( رأيتُ الماركْسَ ملتهبــاً يناغي النهدَ والرقبــةْ
فـقـطّـبَ حـين صـدّتـْــهُ صبايا الحانِ واكتئبــا
ولمــا إن رفضْـنَ لـَـــهُ نكاحاً قــامَ وانتــحبــا )
ملاحظة: منعاً لاتهام ماركس بكسر بحر الهزج، وأدانته بفيضان العنف والوحشية، الرجاء محاولة قراءة اسمه بلكنة أجنبية علمانية، أعني بتسكين الكاف وأسقاط الراء أو تخفيفها: مــا ر كْـس !
في عزّ الكلام، وقريباً من الانفجارات والهزّات الشعورية، ومن قلب المعركة والظلام الدامس الذي يلفُّ المكان، يدخلُ كالقوسِ رجلٌ على ما يبدو من جنود المارينز الامريكان، الذين يأمّـون ميناء حيفا، في كل أشهر السنة، طلبــاً للرزق الحلال (!) .
وطلبـاً للاستجمام والراحة الجسدية من القتل وسفك الدماء حفاظاً على المختبرات الذرية لحريات الشعوب والكنوز الطبيعية الحيوية وحدائق الحيوانات السرية والأوعية الدموية في هيكل الكرة الأرضية وقسْ على هذي وتلك السردية !
يقتربُ الرجلُ الأمريكي من الطاولة المستطيلة وكأنه عنترة العبسي!
ويطلب كأسـاً من الويسكي الفاخر والفاخر جداً !
من النادل الحائر جداً والمشدوه بجدية ما يحدثُ جداً !
يجرعُـهُ على نفسٍ واحدة، ويطلبُ كأساً أخرى وأخرى وأخرى!
كأنه دخل في سباق لتحطيم الأرقام القياسية لموسوعة "جينيس" !
ينظرُ إلى الفتاتين الجالستين مع "ماركس" الحزين بالقرب منه،
يحاورهنَّ بلغـة العيون الجائعة، وأخيراً يدفعُ نحوهنّ عرضاً سخيّاً بالأخضر الفاقع ، لقاء ليلــة نكاح حمراء .
الفتاتان الجميلتان تقبلان الدعوة بكل بساطة وسرور !
حتى بدون الأجر الأخضر !
تقولُ أحداهنّ: إن أمريكا قد خلصتْ على بلاد الرافدين، عفواً (تأثير الكحول)، خلصتْ بلادَ الرافدين من بطش صدام !
وتردفُ الثانية: وخلصتْ على بلادٍ / وخلصتْ بلاداً عربية أخرى،
(لم تسعـفْها الخمرةُ أن تتذكّرَ أسماءها )
( أين من عينيّ تاريخ الزمان يا صبايا الحان يا سفر الأغاني)
( أين كتابك بغــداد الأمــــاني أين من راويك مثل الأصفهانــي )
الرجلُ الأمريكي يقفزُ مسروراً وكأنّ مسماراً من مادة الفرح يلكزهُ في مؤخرته، ويتوهّجُ ويصرخُ :
(تحيا امريكا تحيا امريكا )
يشبـكُ يديـه، اليمنى واليسرى، بأيدي الفتاتين
ويخرجون سويـّة متعانقين ومشرقين إلى ليلة شرقية غربية ، زرقاءَ
في فندقٍ فخمٍ ( أزرق) على جبل الكرمل الأشــم ( والله أعلم ) !
" ماركس" حزينٌ جــداً !
ومقهورٌ جداً !
يقول للنادل بعد أن أخذ نفســاً سـاخناً :
لقد حصلَ التباسٌ عقيـمٌ في الأسماء يا أخي الكريم !
اسمي ماركس، وأشبهُ ماركس، هذا أكيدٌ وصحيح !
أسمٌ على مسمى، أسماني الرفيقُ والدي رحمه الله،
يوم خرجتُ إلى الدنيا في 5 مايو
تاريخ ميلاد "ماركس"
أنا من مواليد حيفا وأسكنُ في منفاي الاختياري في موسكو!
لا اصدّقُ ما يحدثُ لي للمرة الألف !
في كلّ مدن العالم، أكون بلا لباسٍ- عفواً - ضحية التباس أو التباسات عقيمة! لا أدري لماذا لا أدري يا أخي !
أنا ... أنا لستُ "ماركس" الشيوعي !
أنا "ماركس" الماردُ الفلسطيني المنفي إلى بلاد الشيوعية !
(والله أعلم)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو