الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستون ألف مسجد ... مائة ألف لقيط

فايز شاهين

2005 / 1 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


قيل هذا المثل منذ القدم ولازال المثل يتردّد على مسامعنا باستمرار، من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، لكن النقاء الهلامي السلفي لازال موغلاً في انتقاصه وتكفيره للآخرين بارزاً عوراتهم وكأنه يعيش في "الأرض المباركة – نجد" التي أنقذها ابن عبدالوهاب من البدعة والشرك وأعادها إلى "سابق عهد الصحابة" من استقامة ونقاء.
مّر على الحركة الوهابية أكثر من مائتي عام، وعلى عمر الدولة السعودية ما يقارب مائة عام، ومع وجود وزارة متخصصة للشؤون الإسلامية والمساجد تدير أكثر من ستون ألف مسجد تدفع رواتب شهرية لما يُطلق عليه إمام راتب ومؤذن راتب الخ، ومع وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تزيد ميزانيتها عن جامعة البترول والمعادن، لازال الوضع الأخلاقي لنجد يتردّى إلى الأسفل. فخُطب الجمعة والأشرطة المجانية والكتيّبات الدعوية والمجلاّت والصحف والمكتبات والمخيّمات الدعوية لم تأتي بنتائج إيجابية، إلاّ إذا اعتبرنا الكراهية والعنصرية والإرهاب كذلك.
ما دفعني إلى الدخول في هذا الموضوع الشائك والذي لم أشأ التطرق إليه هو ما نشرته مجلة الشرق (عدد رقم 1247 – الأسبوع الأول – ذو القعدة 1425 هـ) عن زواج المتعة، فلا يكفي المجلة بأن الحكومة وأهل السلف قد أخرجوا الشيعة من المواطنة والإنسانية والإسلام، بل زادوا على ذلك بأن الكثير منهم "أبناء زنا" أو أولاد "المتعة" كما يحلو للوهابيين تسميتهم.
قبل أسابيع نشرت الصحف المحلية عن موضوع الأطفال الغير معروفي الوالدين وكيفية دمجهم في المجتمع، وقالت بأن الرقم غير دقيق لأنهم لا يستطيعون الحصول على أرقام مؤكدة، كالعادة، لكن هؤلاء الضحايا يبلغ عددهم أكثر من 100 ألف إنسان. الشيعة ليسوا ملائكة، والتعميم غير صائب، لكن بدون شك فأكثر هؤلاء ليسوا من الشيعة، بل من المواطنين السنّة. وإذا نظرنا إلى المشاكل التي تؤدي إلى الطلاق في مدينة الرياض، حسب ما ذكره أكثر من مصدر رسمي، بأن نسبة الطلاق تزيد على 40%، والكثير منها لأسباب أخلاقية، أي علاقات غير شرعية خارج إطار الزواج. القصص وإن كانت ليست دليل كامل، لكن الوضع أشبه بالكارثة التي لا يُريد أحد التحدث عنها.
زوجة شابة في الرياض تقول بأن أكثر الأزواج لهم علاقات خارج البيت، لكنها ترفض أن يتزوج زوجها امرأة أخرى (يغثّها فيها)، وتقبل أن تكون له علاقة غير شرعية معها. أخرى تسأل الطبيب عن كيفية معرفة إذا كان الجنين الذي في بطنها هو من زوجها أم من السائق؟ أحد الأزواج يسأل الدكتور مستغرباً، كيف أنه ليس مصاب بمرض الايدز وهو له علاقات غير شرعية، وزوجته مصابة، أي أنه يتوقع أن يكون مصدر إصابة زوجته بالمرض، ولا زال غير مصدّق.
إذا ما أضفنا إلى كل ذلك ما يحصل في المشاغل النسائية في الرياض التي تقوم بترتيب زيارات خاصة "للزبائن" في البيوت، وزدنا على ذلك ما يحصل من تسويق للدعارة في سيارات الليموزين، نرى أن "النقاء" في دولة التوحيد لا يختلف كثيراً عن الدول الأخرى. الاستراحات امتلأت بقصص الغرام والجنس، وما أكثر ما يحصل من علاقات بين السائقين وربّات المنازل وفتياته، وكذلك هناك العلاقات الأخرى التي طرفها طالبات الجامعة والثانوية أيضاً، وهذه أكثر من مُخجلة، بل تجعل الإنسان يطأطئ رأسه في الأرض مقارنة بدول الجوار. لو قامت هذه الحكومة بنشر أرقام الفساد والجنس في الرياض وحدها، لنكّست لاس فيغاس أعلامها وتنازلت عن موقعها لأرض "الميعاد" هنا.
مجلة الشرق تحدثت عن مرض الإيدز بسبب زواج المتعة، ولا أدري لم التركيز على البحث في زواج المتعة، بدل زيارتها للمستشفيات الحكومية والخاصة في الدمام والرياض مثلاً، لترى مئات المواليد يعانون من المرض دون أن يتم نشر تلك الأرقام، بدل البحث عن أرقام في إيران والتي تملك الشجاعة لنشر هذه المعلومات، على عكس دولة "الطهر والتوحيد" التي دائماً تتحدث وكأننا نعيش أفضل من حياة الصحابة، حتى الصحابة لم يدّعوا الكمال وحدّثنا التاريخ عن مواليد مجهولين وأكثر من قضية لها علاقة بالزنا وعمليات اغتصاب.
كان من الأجدى لهذه المجلة الطائفية أن تتحدث عن البديل لزواج المتعة والذي يستوفي جميع الشروط الدينية، بدل الكذب والتدليس الذي يبيح للشخص أن يتزوج أجنبية في بلاد الغربة ويطلّقها عند عودته، أي يكذب عليها، كما أفتى بذلك أحد المشايخ؛ كل ذلك اللف والدوران حتى لا يُقال عنه "زواج متعة". كان الأجدر بهذه المجلة أن تبحث عن حلول لمشكلة العنوسة والفقر الذي ساعد على انتشار زواج المسيار وقبول فتيات في عمر الورود بالزواج من رجال أكبر منهن بعدة عقود، وهو أقبح وأكره من أي نوع من الزواج لأن الذي لديه مال يستطيع أن يشتري أجساد طالبات ثانوية وجامعيات مستغلاً حاجتهن للمال، بل لا يُكلّف نفسه حتى توفير السكن لها.
كان الأجدر بالمجلة أن تزور المساجد في الرياض وعلى مدار شهر واحد فقط وتسأل أئمة هذه المساجد عن عدد المواليد الذين يتم رميهم عند أبواب هذه المساجد أو يتم رميهم في القمامة ضحايا لعلاقات غير شرعية وتبحث عن حلول لها. كان الأجدر بهذه المجلة أن ترجع للخلف قليلاً عدة سنوات لترى شبابنا مقيد اليدين في المطارات عائداً من بلاد شرق آسيا حاملاً معه كل خبيث من ممنوعات وأمراض، حتى انتشرت الرائحة الكريهة مما استدعى اتخاذ قرار منع المراهقين من السفر دون إذن أولياء أمورهم.
كان على المجلة أن تتحدث عن حالة الطهر والنقاء التي يعيشها غير الشيعة وتأتينا بأرقام حكومية عن عدد المواليد المجهولي الوالدين مبينةً كل مدينة على حدة، لنعرف كم يُمثّل عددهم في المناطق الشيعية مقارنة بالمناطق الأخرى. كان على المجلة أن تتساءل لماذا بعد أكثر من مائة عام من "الطهر والنقاء" وبعد أكثر من 60 ألف مسجد وبلايين الدولارات تم صرفها على الدعوة لله والعفاف لم تتحول الرياض ولا باقي مدن المملكة إلى جنان خالية من الفساد الأخلاقي. كان على المجلة أن تقوم بتعداد مساجد الرياض خلال العشرين عاماً الماضية وتضع أمامها أعداد المواليد المجهولي الوالدين لنرى إن كان هناك زيادة أو نقصان في أعداد الضحايا والتأثير "الإيجابي" لهذه المساجد على الناس. تباً وتعساً لمجلة خبيثة تعيش في بلد يحكمه الخبثاء دون أن يكون هناك رادع لها، ولا لأمثالها. بعد كل ذلك تطلب الحكومة من الشيعة بالصمت على كل ما يحصل لهم ويتم تجريمهم لأنهم يطالبون بالعدالة ويطالبون بحقوقهم التي داستها الحكومة وكرامتهم المسلوبة التي داسها الأنذال مثل كاتب التحقيق سلطان الطولان ورئيس تحرير مجلة الشرق عبد الإله الخناني.
لم يعد هناك وقت للمزيد من الكلام المنمّق للرد على هؤلاء السفلة، ولا على من دعمهم وسكت على نذالتهم، ولا يجب أن يؤخذ الموضوع بأنه خطأ عابر، بل على المشايخ الذين أدانوا العمليات الإرهابية التي طالت المواطنين في السعودية وآخرها محاولة تفجير وزارة الداخلية، عليهم أن يدينوا هذه التفجيرات الإرهابية القذرة على يد أنصار نفس التيار الموغل في الإجرام، وعلى الدولة إن كانت فعلاً حريصة على منع من يدعو للفرقة والفتنة والانقسام والحفاظ على وحدة الوطن، عليها أن تقدم هؤلاء الأنذال إلى المحاكمة العلنية العادلة للقصاص منهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القسام يعلن استهداف دبابة -ميركافا- إسرائيلية بقذيفة -الياسي


.. عبر الخريطة التفاعلية.. آخر التطورات في مناطق توغل جيش الاحت




.. كيف تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟ نتنياهو إسرائيل ن


.. احذر... الاستحمام اليومي يضر بصحتك




.. مقتل 7 أشخاص في قصف أوكراني على حي سكني في بيلغورود الروسية