الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة القرار في مصر...الجزء الأول

مراد حسني

2012 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لا يخفى عن الجميع أن صناعة القرار في مصر (و الوطن العربي) يشوبها خلل ما، و سأحاول في هذا المقال (كجُزء تمهيدي) تبيان شوائب صناعة القرار المصري، و نليه بجُزء آخر نُناقش فيه كيفية صناعة القرار و العوامل المؤثرة علي تلك المسألة.

عملية صنع القرار (نظريَّاً):

تُشير عملية صُنع القرار إلى الاختيار بين مجموعة من البدائل المتاحة في ضوء تقدير المزايا النسبية لكل منها، و مدى ملائمة البديل الذي يتم اختياره للظروف الداخلية و الخارجية.

فتكون مؤسسات الدولة المُختلفة مسؤولة عن تقديم تلك البدائل المتاحة (بحسب تخصص كل منها) و يتم إختيار بديل منها بواسطة السلطة المسؤولة عن إتخاذ القرار (في مُعظم الاحوال تكون تلك السلطة عبارة عن الرئيس).

و تلك هي مشكلات صناعة القرار في مصر:

أولاً: العشوائية.

لعل أصدق ما قيل عن عشوائية صناعة القرار في مصر و الوطن العربي كلمات حيدر إبراهيم علي: "قد يقرأ الشخص بعض الآيات القرآنية أو التعاويذ، ثم ينام، و بعد أن يصحو يُقرر. و في أغلب الأحيان قد يأتيه في النوم هاتف أو يحلم، فيترتب عليه إتخاذ القرار حينها."

وهذا يُعد وصفاً لغياب الرشادة و العقلانية عن عملية إتخاذ القرار، و كون القرارات العربية لا تخضع للدراسة في أُطُر مؤسسية لا يُعتبر أقل فجاجة من الوصف السابق.

على سبيل المثال: بعد التنحي يوم 11 فبراير، قام المجلس العسكري بطرح مجموعة من التعديلات الدستورية، بشكل غير مدروس، و تم تقديم موعد الإستفتاء على تلك التعديلات بشكل مفاجيء، مع العلم أن أي ثورة يتبعها دستور جديد

و مواجهة كل مُشكلة أو صدام يحدث ما بين المواطنين و قوات الأمن المركزي/الشرطة العسكرية ببناء جدار يفصل بين القوات، بلا بحث حقيقي عن حل لهذا الصدام المتكرر

ثانياً: سوء اختيار التوقيت.

نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية عن عملية صنع القرار العربي، فإن تلك القرارات لا تُصادف عادة توقيتاً مناسباً، بمعنى التسرع، أو بمعنى التباطؤ، أو حتى بمعنى السكوت عن مواجهة ظاهرة مستفحلة أو مُشكلة حالة، و هذا في حد ذاته قرار.

على سبيل المثال: بعد تنحي مبارك، ظل متواجداً في شرم الشيخ فترة طويلة، مما أثَّر بشكل سلبي على السياحة في تلك المدينة بشكل فادح، و تأخر حينها قرار بدء محاكمته و نقله من شرم الشيخ.

تأخر صدور قرارات بالتحفظ على أموال العديد من الأفراد الذين شاركوا مُبارك في عمليات نهب أموال المصريين، مما أعطاهم فُرصة لنقلها أو تحويلها بما لا يُمكِّننا من استعادتها مرة أخرى.

تأخر قرار فصل أعضاء النظام القديم عن بعضهم في السجن، أدى إلى تمكنهم من تخطيط و افتعال العديد من الأزمات التي راح ضحيتها مئات المواطنين.

عدم صدور أي قرار بإعادة هيكلة وزارة الداخلية، مما ترك أتباع حبيب العادلي في مواقعهم يصولون و يجولون على حساب دماء المصريين.

ثالثاً: عدم الخضوع للتشاور إلا في الحد الأدنى.

غالبية القرارات لا تخضع للتشاور، و ما يخضع منها يكون في أُطُر غير رسمية، و في مُعظم الأحيان يكون التشاور مع أهل الثقة، و ليس أهل الكفاءة.

رابعاً: عدم الاستجابة للضغوط الشعبية إلى في الحد الأدنى.

قليلة هي تلك القرارات التي تم تعديلها أو العدول عنها استجابة للضغوط الشعبية، منها:

تغيير رئيس الوزراء أحمد شفيق و استبداله بعصام شرف، و لم يتم بعدها الاستجابة لأي مطلب شعبي مهما كان عدد المُطالبين به.

خامساً: عدم المؤسسية.

هي نتيجة لكل ما سبق، فيكون أي قرار صادر من أعلى قيادة في الدولة، و ليس من المتخصصين في المجال الذي يُصنع بخصوصه القرار.

بقاء أي شخص في مركزة القيادي فترات طويلة، يجعله مُصابا بثقة في خبرته بشكل زائد عن المطلوب، فيتخذ القرارات بناء على رؤيته الشخصية للأمور، و ليس بناء على ما يُعبر حقيقة عن الشعب بواسطة مؤسسات الدولة المُختلفة.

فتصنع القيادة القرار، و يكون دور المؤسسات (وزارات و مجلس الشعب) هو محاولة إقناع المواطن برجاحة هذا القرار أو إضفاء نوع من الشرعية له.

سادساً: فقدان المصداقية.

فقدان المصداقية يعود لأسباب كثيرة، و لكن أهمها: التناقض بين الفعل و القول.

وعلى سبيل المثال: الفترة الإنتقالية التي حددها الجيش بنفسه و لنفسه كانت 6 أشهر، بدأت في فبراير 2011 و لم تنته حتى يومنا هذا (فبراير 2012)، وهذا يُعيد التاريخ مرة أخرى أمامنا، لأن تلك الأشهر الست قد قررها الضباط الأحرار عام 1952 كفترة إنتقالية للسلطة، و استمرت تلك الفترة 60 عام.

المرجع: كيف يُصنع القرار في الأنظمة العربية، مطبوعات مركز دراسات الوحدة العربية. مجموعة من المؤلفين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البهاليل
‎هانى شاكر ( 2012 / 3 / 3 - 18:38 )


مصر يحكمها مجموعة من البهاليل المختلون عقلياً منذ 1952

جمال و صلاح سالم ... كارثة السودان و غيرها
كمال الدين حسين ... تدمير التعليم
المشير عامر ... تدمير ألجيش و ألوطن
صلاح نصر ... قتل العباد و ألأخلاق
محمد حسنين هيكل ... ألدعارة ألسياسية و الفكرية
أنور ألسادات ... جنون ألعظمة
حسنى مبارك ... إخصاء أُمة

لا عجب إذن أن القرارات عشوائيه , كارثية , و مجنونة

مرت فترة على مصر حكمها مُحتال أُمى - كان يبصم على قراراته بدلا من التوقيع عليها - ولكن ذكى .. كانت مصر تتقدم ببطء فى سنوات حكمه هو و أولاده ألأوغاد .. أعنى محمد على و أسرته 1806 إلى 1952

منكوبه هى إذاً مصر بين حكم ألأوغاد فى أحسن ألأحوال أو البهاليل ألمختلين عقلياً فى أحطها

أليس بها نلسون مانديلا ؟ أو غاندى ؟ أو مارجريت تاتشر ؟


2 - بالفعل
مراد حسني ( 2012 / 3 / 7 - 07:48 )
أصبت في قولك أ/هاني

اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب