الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما اشبه فضيحة اليوم بجريمة البارحة

علي عرمش شوكت

2012 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان السمة المشتركة للدكتاتوريين هي بمثابة ماركة مسجلة عالمية، لا اختلاف فيها سوى ما يستجد من اضافة رتوش يفرضها عامل الزمن،كما انها تمتد عبر القارات مكاناً، والاعوام زماناً. من فرانكو في اسبانيا، وعبر هتلر في المانيا ، وموسليني في ايطاليا، وسلزار في البرتغال، وصدام والقذافي وعلي عبد الله صالح وبولبوت في كمبودية وخامنئي في ايران، والقائمة تطول. يسعفنا هذا الاستهلال على شحذ الذاكرة. وهذا ما يقتضيه انعكاس فضيحة المخابرات العراقية التي ازكمت انف الديمقراطية واصابت قلب الدستور العراقي بوخزة، تلك هي التي وجهت فيها هذه الاجهزة الامنية دوائرها وعناصرها لمتابعة نشطاء الحزب الشيوعي العراقي واعلام المسؤولين عن تحركاتهم، وتمادت الجهات الحكومية المسؤولة في غيّها الى الطلب لتسجيل اسمائهم..!!. لا لشيء سوى انهم يتظاهرون في ساحة التحرير مطالبين بتصحيح مسار العملية السياسية.
ان تذكر الماضي يوقظ الذاكرة ولكي تؤخذ منه العبرة . فقبل خمسين سنة وفي اواخر عهد الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، تم توجيه اجهزة الامن لمتابة الشيوعيين دون غيرهم لكونهم يتظاهرون منادين بـ" السلم في كردستان" ، في الوقت الذي ترك الحبل على الغارب لفلول البعث ومن لف لفهم للتآمر على ثورة تموز، فتتوج ذلك بحصول الكارثة الدامية بانقلاب شباط الاسود عام 1963، ولكن من المفارقة " المدهشة " ، لم يخرج للدفاع عن ثورة 14 تموز وعن زعيمها سوى الشيوعيين والديمقراطيين فقط. وعلى اثر ذلك قدم الشيوعيون الثمن الغالي بالاف الشهداء، ولم تنتهي تلك الكارثة الا بنهاية صدام سليل البعث العفلقي، ولم تقتصر التضحات على الشيوعيين فقط وانما امتد حريقها على عموم الشعب العراقي وكان ركامها المقابر الجماعية والحروب وفي نهاية المطاف سلمها قائدها " الضرورة " الى الاحتلال الامريكي.
فما اشبه فضيحة المخابرات العراقية اليوم بجريمة البارحة. وما يزيد صورة هذه المقاربة استغراباً كونها تاتي في ظل دستور يمنع التجاوز على حقوق الانسان ويصون الحياة الديمقراطية، التي لولاها لما وصل حكامنا الحاليون الى مناصبهم هذه. وهنالك ركن اخر من اوجه التشابه ويتمثل بطبيعة الاجهزة الامنية والمخابراتية، ففي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم كانت وللاسف تلك الدوائر الامنية تغص بعناصر وضباط العهد الملكي العميل من ايتام بهجت العطية، وخليل كنة، ورفيق توفيق، وغيرهم والذين تتلمذوا على يد " النقطة الرابعة البريطانية " التابعة " لحلف بغداد " المعادي للشيوعية. واليوم نرى اجهزة المخابرات تعتمد على العديد من ضباط وعناصر نظام صدام المقبور المعادين للشيوعية ايضاً ولكل مناضل عراقي شريف.
ولنزيد قليلا في ذكر اوجه التشابه بين اليوم والبارحة، فمن الجدير ان نشير الى ان دوائر المخابرات والامن كانت تستنفر "البارحة" ضد الشيوعيين المدافعين عن الثورة 14 تموز، ولم تعترض اية قوى سياسية وطنية على تلك الجريمة، واليوم تستنفر اجهزة المخابرات ضد الشيوعيين المدافعين عن العملية السياسية، ولم تحرك ساكناً اية قوى سياسية ضد فضيحة المخابرات الاخيرة الداعية لمتابعة نشطاء الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب الذي قدم الاف الشهداء في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولا ننسى حقوق الشعب الكردي التي على الاحزاب الكردية ان تذكر ما قدمه الشيوعيون في سبيلها وتتحرك لوقف اي تعسف يصيب مناضلي الحزب الشيوعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملح الأرض
خليل الجنابي ( 2012 / 3 / 4 - 02:02 )
العزيز علي عرمش
تحية خالصة
من السذاجة التصور بأن ( الأرض ) أية أرض وأينما كانت ستكون خالية من أملاحها ومكوناتها الأساسية من المعادن والغازات وغيرها , فهي متماسكة متجانسة مع هذه التكوينات ولا يمكن أن تكون متواجدة بدونها وبقيت الأرض وستبقى لملايين أخرى من السنين حالها حال الأجرام السماوية الأخرى , وإذا طبقنا هذا الواقع على الأمور الإجتماعية والإقتصادية والسياسية سنراه لا يختلف عن عزل الملح عن الأرض , فالأفكار التقدمية والأحزاب التي تبنتها في كل أنحاء العالم إلتصقت عميقاً في التربة التي نبتت فيها ولم تستطع أقوى الرياح من إقتلاعها وهو ما جاء أيضا في مقالكم الرائع .. والتأريخ حين يذكرنا بهذه النماذج لن تعجز الحقائق من التذكير بأن من يعادي الشيوعية ويلاحقها لا بد وأن يكون من أحفاد ( مكارثي ) الذي لعنته الشعوب ولطخت إسمه بالوحل .. مع الود والتقدير

اخر الافلام

.. سيناتور أمريكي لنتنياهو: نقف بجانب إسرائيل في حربها ضد حماس


.. نحو نصف الديمقراطيين يدعمون استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن




.. ناشط يوثق اشتعال النيران في مستوطنة -كفار عتصيون- شمال الخلي


.. فوضى في شوارع العاصمة الهندية جراء سقوط أمطار قياسية




.. منافسو الرئيس الموريتاني يتهمونه باستغلال موارد الدولة لتحقي