الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاعدة والبعث العراقي طلاق لزواج لم يتم

محمد حاج صالح

2005 / 1 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في 10/ 10 /2005 أصدر حزب البعث بياناً، نظنّه بياناً مهماً يؤسس للمرحلة القادمة من توجهاته، و يرسم استراتيجة عمل للمقاومة التي يأتمر قسماً منها بآوامره كما أصبح واضحاً. يركز البيان على فكرة محورية، تفرض وجودها المهيمن على مجمل المقاطع والأفكار، وللتشديد أكثر وأكثر ثبّت كتبةُ البيان الفكرةَ ذاتها من خلال العنوان. وكأنهم يريدون القول هذا هو القصد النهائي. هكذا:
" البعث وقيادة المقاومة والتحرير يحذران من عملية خلط تستهدف إنتاج إسلام سياسي مفصل حسب متطلبات المشروع الإمبريالي الأمريكي في العراق والمنطقة "
يُشخص البيان أن الاحتلال في مأزق، وأنه يبحث عن مخرج لهذا المأزق. وكانت آراء لكتاب قريبين من أوساط البعث العراقي، قد تساءلت بوضوح عما إذا كان صدام حسين، وهو سجنه يمكنه يكون ضمانة حلّ للمأزق. ولأول مرة منذ الاحتلال تتكرر بتعمد واضح كلمة البعث في جمل تريد القول أن: نحن المقاومة، وأن البعث خطط للمقاومة قبل السقوط، وأنه الان من يقود وينفذ.
" حمل مأزق الاحتلال المتعمق والمتسارع في العراق المحتل، حيث ثبته فيه البعث والمقاومة العراقية المسلحة، ما يمكن أن يكون ردات فعل سياسية – اجتماعية... تتجاوز وبسبب من المأزق نفسه مشاريع ومخططات الاحتلال السياسية والأمنية المسبقة والمعدلة، إلى ما يمكن أن يكون محاولة مشابهة لما اعتمدته الولايات المتحدة وسياساتها الإمبريالية في حقبة الحرب البادرة. هنا لا بد من الإشارة والتأكيد على حقيقة أن ما يجري في العراق المحتل من مقاومة مدبرة ومدروسة ومهيأ لها من قبل البعث وقيادة العراق السياسية الشرعية، لم تكن في حسبان الولايات المتحدة ولا حلفائها وعملائها... وبالتالي ما يحدث في العراق من مقاومة بعثية ووطنية وجهادية... "
من هذا المقطع ومن الترويسة السابقة يمكننا أن نحسّ أن كاتبي البيان متخوّفون من استراتيجية عمل أمريكي يتخيّلونها ويقيسونها على مقياس سابق، إي يحاولون أن يقولوا أن الأمريكيين يعيدون استراتيجات سياسية، كان قد سبق وعملوا من خلالها في الحرب الباردة. سيتوضح الغموض فور النـزول من الانشاء إلى لغة الواقع، أولا بلا تخصيص وباستعراض تاريخي يتعلق تحديداً صراع القوى العظمى في افغانستان، ثم وبعد ذلك إلى التخصيص والإشارة بالإصبع، وليس فقط باللغة والكلام. هكذا:
" ... وهنا أنتجت الولايات المتحدة إسلاما آخر كان في الأساس حليفها وصنيعتها في مختبر عملائها في نجد والحجاز والخليج العربي، مثلما كان في الوقت نفسه يلقى الدعم بأشكاله التسليحية والتدريبية من نظام كامب ديفيد الساداتي وخليفته مبارك "

ثمّ الانتقال إلى نفي العلاقة بشكل قاطع. هكذا:
" كان البعث والعراق واضحا في تعامله مع الحركات الناشئة بفعل مجابهة التواجد السوفيتي في أفغانستان، حيث لم يعترف بها أو يتعامل معها أبدا، حيث كان له وعليه ما تحتمه حساباته الخاصة في مصلحته السياسية والأمنية والاقتصادية في علاقاته مع الاتحاد السوفيتي في حينه "
والأهم هو الاحتياط الحذر من إدانة القاعدة الآن، والتحسّب الحويط للكلمات بحيث لا يساهم رأي البعث هذا إلى تحول عدائي بين الطرفين ( البعث والقاعدة ) خصيصاً الآن. هكذا:
" البعث سمى ونظر إلى "منظمة القاعدة" على أساس من تصنيفها اللاحق للعدوان الثلاثيني كمنظمة معارضةلحكم أبناء عبد العزيز في نجد والحجاز وجلبهم لقوات أمريكية وتوطينها هناك "
من البيان يستنتج المرء أن لا تحالف مع القاعدة. وأن البعث يرى في القاعدة معارضة سعودية، بله هو يدين قفزها عن القومية وبالأخص فلسطين لصالح تفكير ديني غير مثمر.
" ... الأفكار والحركات الدينية المتجاوزة "قفزا" للنضال الوطني والقومي إلى مقولات وحركات "جهادية" تجاوزت "قفزا" وطنها وعروبتها وتجاوزت فلسطين "
سنصل إلى مرحلة في البيان، ينـزاح فيها التحليل البالغ حدّ وصف القاعدة بأنها انتاج مخابر أمريكية في بيوت آل سعود، لصالح التحذير من أن أمريكا تريد " انتاج إسلام خاص ومرحلي " وفق تعبير البيان. وبهذا الاسلام ترغب أمريكا بالخروج من المأزق. لكن ما هي صفات هذا الشبح الذي تريد أمريكا خلقه، والذي ستكون وظيفته، وفق البيان، مقاتلة إسلامات إخرى، إسلامات الأنظمة والعوائل. وأيضاً يمكن للمرء أن يستنتج أيضاً أن الإسلام الذي " ستخلقه! " أمريكا، لن يكون على وفاق مع القاعدة. مثل هذا لا يرد، لكنه يُقرأ بين السطور. إذن إليكم هذا الاسلام الذي سيصنع أمريكياً
"... مهادن للاحتلال في الأساس، وطائفي في التكوين، وشعوبي في الأفكار، وذرائعي في المنطلقات، وغير عروبي من حيث المآل، وتقسيمي من حيث المحصلة. مثل هذا الإسلام الذي قد ترغم على إنتاجه الولايات المتحدة في العراق المحتل، سوف يستفز عصب اسلامات أخرى في العراق والإقليم "
يحدد البيان أن هذا الاسلام سيؤدي إلى نتائج عراقية وإقليمية
عراقياً وبلغة ملتبسة غامضة يرى البيان
" سيتقابل هذا الإسلام مع إسلام آخر ليس له منطلقاته الجهادية المؤسسة على إيمان بالوطنية العراقية وعروبة العراق. وسوف يتقابل هذا الإسلام مع إسلام لن يكونه جهاده مؤسسا على قاعدة المقاومة والتحرير "
إنما سيحل الالتباس ويزال الغموض بالولوج إلى النتائج الإقليمية حيث تصل ديباجة البيان إلى أن هذا الاسلام المنتج أمريكياً سيكون " طائفياً! " وسينظر إلى إيران كحليف، وسيتبنى الذرائعية " الاسلامية " الإيرانية. كذا:
" سوف يحافظ هذا الإسلام في العراق "كمنتج أمريكي" على بقائه من خلال مهادنة المحتل والتعامل مع مخططاته السياسية، وسوف ينظر دائما إلى إسلام إيران الخمينية كحليف طائفي ويتبنى ذرائعية الإسلام السياسي الإيراني. وفي الإقليم أيضا سوف تنتعش المذهبية السياسية مؤسسة على إسلام كل نظام وسوف تتنافس تلك "الاسلامات السياسية" على قبول ورعاية وحماية الولايات المتحدة لها وتنتج ذرائعيتها الخاصة في مواجهة الاستحقاقات المحلية والعربية بما ينتج إسلاما سياسيا مهادنا على أسس إما من الوسطية أو قدسية العائلة الحاكمة ونسبها أو وظيفة النظام تجاه مقدسات المسلمين "
هكذا دار البيان ولف كي يقول إن أمريكا بصدد إبراز إسلام، يعتمد على الطائفة الشيعية. هذا هو الرهان الأمريكي الآن. وكي لا يتهم حزب البعث بالطائفية السنية تم الاستعراض النافل لتأريخ الصناعة الأمريكية للإسلامات الأخرى، التي كان الاسلام السني عمادها، قبل أن ينقلب الجهاديون على الصانع، ويأخذوا زمام المبادرة
وإذن هل الأمريكان وحدهم في المأزق؟
في الحقيقة المأزق يشمل كل القوى المتواجدة على أرض العراق، سواء أكانت عراقية أم غازية؟
محمد حاج صالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال