الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة والفوضى

اسلام احمد

2012 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


شاركت في ثورة 25 يناير منذ بدايتها ومع ذلك لم يحدث يوما أن ألقيت حجرا على جنود الأمن المركزي لاعتقادي أولا أن سر قوة الثورة المصرية في سلميتها , ولاعتقادي ثانيا أن جنود الأمن ليس لهم يد وإنما هم ينفذون أوامر قياداتهم بل ومعظمهم مساكين عانوا مثلما عانت غالبية الشعب المصري

والواقع أن ثورة 25 يناير قد بدأت سلمية طوال مسيرة الثمانية عشر يوما حتى سقوط رأس النظام في 11 فبراير باستثناء حالات بسيطة من العنف كان سببها في المقام الأول التعامل العنيف من قبل قوات الأمن المركزي , غير أن الفهم السلمي للثورة قد تغير عقب سقوط النظام لدى بعض الشباب بل التبس عليهم مفهوم الثورة نفسها فتصوروا أن الثورة يجب أن تكون مستمرة ولا تتوقف عند تحقيق أهدافها ومن هنا حدث الخلط بين مفهوم الثورة ومفهوم الفوضى , فرأينا التعدي على مؤسسات الدولة وإهانة ضباط الشرطة في الشوارع والميادين وكسر إشارات المرور بدعوى أننا في حالة ثورة , إلى غير ذلك من مظاهر لا تمت للثورة بصلة , الأمر الذي يستدعي إعادة تعريف الثورة

الثورة هي فعل شعبي يهدف لحدوث تغيير جذري في الأوضاع القائمة ثم البناء على أسس جديدة , وفي الحالة المصرية فقد هدفت الثورة الى تغيير جذري بإسقاط النظام بالكامل ومن ثم إعادة بناء نظام سياسي جديد, غير أن ثمة فارق كبير بين إسقاط النظام وإسقاط الدولة فحين تتعدى الثورة مرحلة إسقاط النظام وتطال مؤسسات الدولة تكون بذلك قد تحولت من ثورة إلى فوضى!

صحيح أن كثير من مؤسسات الدولة بحاجة الى تطهير وعلى رأسها جهاز الشرطة , صحيح أيضا أنها قد تورطت في قتل المواطنين ولكن التطهير لا يكون بالاعتداء على وزارة الداخلية التي هي ملك للشعب , كما أن المحاسبة لا تكون شعبية وإنما في إطار القانون ما دمنا ننشد قيام دولة وليس قبيلة!

أخطر ما في الفوضى القائمة في تقديري أنها أدت الى فقدان الثورة شعبيتها , والحقيقة أن تلك النتيجة قد ساهم فيها الجميع بدرجات متفاوتة فمن جهة أساء كثير من شباب الثورة الى صورتها بتبنيهم خطاب (الثورة مستمرة) وإصرارهم الغريب على استمرار الاعتصام رغم عدم جدواه ورغم رفض الناس له! ناهيك عن اعتداء البعض على مؤسسات الدولة واستخدامهم لغة متعالية في مخاطبة الآخرين!

ومن جهة أخرى فقد نجح المجلس العسكري بجدارة في شحن الرأي العام ضد شباب الثورة ,وفق خطة ممنهجة, بعد أن تم تصويرهم من قبل الإعلام الرسمي كبلطجية ومثيري شغب لا هدف لهم سوى إثارة الفوضى فضلا عن استخدامه سلاح التمويل الأجنبي في الإساءة لبعض الحركات الثورية مثل 6 أبريل ومن ثم قام بتشويه صورة الثوار بل ونجح أيضا في الإساءة للثورة نفسها! , وهو ما تجلى في نتائج انتخابات مجلس الشعب إذ لم تتجاوز نسبة القوى الثورية بالمجلس 20%!

ومما زاد الطين بلة ما صدر مؤخرا عن النائب الشاب زياد العليمي حين قام بسب المشير طنطاوي بالحمار والاساءة الى الشيخ محمد حسان!, ولأن النائب محسوب على ائتلاف شباب الثورة فقد تسبب ما فعله فى الاساءة لكل شباب الثورة , وقدم هدية على طبق من ذهب لكل أعداء الثورة لتشويهها بوصف شباب الثورة بالهمجية وقلة الأدب! , وهو ما ترسخ فعلا في أذهان كثير من عامة الناس , المؤسف أن زياد العليمي كان يتحدث عن حق حين حمّل المجلس العسكري مسئولية قتل المتظاهرين طوال فترة المرحلة الانتقالية ولكنه تسبب برعونة في تضييع حقنا , ومن ثم انتهت الأزمة بخسارة قوى الثورة وفوز المجلس العسكري نقطة على حسابنا خاصة بعد رفض المشير طنطاوي رفع دعوى قضائية ضده وايكاله الأمر الى مجلس الشعب

وحتى لا تفقد الثورة ما تبقى من شعبيتها يتعين على شباب الثورة , إن كانوا حريصين عليها , القيام بما يلي :

1_الدعوة لفض الاعتصام نزولا على رغبات الناس ومنعا لتعطيل الحياة اليومية للمواطنين

2_على حركة شباب 6 أبريل وغيرها من الحركات الثورية أن تقدم بيانا موثقا بمصادر تمويلها لقطع الشكوك وإخراس الألسنة

3_يجب على النائب الشاب زياد العليمي تقديم اعتذار واضح للمشير طنطاوي والشيخ محمد حسان ليس من باب اتفاقنا معهما وإنما من باب الاعتراف بالخطأ واحترام الأكبر سنا

وأخيرا أتصور أنه يتعين على شباب الثورة أن يعيدوا حساباتهم في الكثير من الأمور وعلى رأسها تغيير لهجة خطابهم

أخشى إن فقدت الثورة قوتها الشعبية أن يتم سرقتها لصالح النظام القديم وذلك بعودته في ثوب جديد بدعوى (الاستقرار) لاسيما مع قرب انتخابات الرئاسة وهي الفزاعة التي كان يستند عليها مبارك طوال فترة حكمه الطويل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و