الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمود عباس في مواجهة شارون

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 1 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


تذكرت ما كتبه السيد محمود عباس منذ عدة سنوات في كتابه "طريق أوسلو". فقد أشار في مكان ما من الكتاب الى أن التوجه الأول الذي كان سائدا لديه ولدى الجماعة التي تسعى الى التفاوض مع اسرائيل, هي الاتصال بأرييل شارون , قبل غيره من الزعماء الاسرائيليين, وخاصة قبل الاتصال باليسار الاسرائيلي. وكانت هذه الفكرة قائمة على أساس أن مفاوضات السلام بين مصر واسرائيل نجحت مع اليمين الذي يمثله آنذاك بيغن, بالرغم من تشدده المعروف. وعليه, فإن التفاوض مع المتشددين اليمينيين قد يكون أجدى , إذا قبلوا مبدأ التنازلات المتبادلة. وقد حاول الجماعة آنذاك الاتصال بشارون في البرلمان الاسرائيلي, إلا أنه رفض الكلام معهم, متذرعا بوجود قانون اسرائيلي يمنع الاتصال بمنظمة التحرير. وكانت تلك نهاية قصة الاتصالات مع شارون. وبحكم ظروف معينة, كانت الاتصالات مع اليسار الاسرائيلي أكثر توفيقا, وانتهت الى فتح قناة أوسلو.
أسوق هذه المقدمة "التاريخية" في مناسبة فوز محمود عباس برئاسة السلطة الفلسطينية , لاعتقادي أنه من المهم التذكير بأن الفلسطينيين مضوا نحو السلام , حين قرروا التفاوض, دون عقد , بالرغم من تاريخ شارون المفزع. وقد شاءت الظروف أن يكون شارون اليوم هو رئيس وزراء اسرائيل , وأن يكون محمود عباس هو الشخص الذي وقع عليه الاختيار لاستكمال "طريق أوسلو" . فالذين صوتوا له في هذه الانتخابات , إنما صوتوا لنهج سياسي كان هو بالذات أكبر المدافعين عنه داخل منظمة التحرير. وبالرغم من سقوط "سلام أوسلو" في أول امتحان جدي واجهه الاسرائيليون والفلسطينيون معا, وبالرغم كذلك من صعود التطرف ورجوع المواجهات الدامية والخطابات العنيفة وانسداد الآفاق, فقد بدا اليوم أن جزءا هاما من الشعب الفلسطيني – على الأقل هؤلاء الذين يواجهون عدوهم في الضفة والقطاع ويقعون تحت نيرانه – يريد "طريق أوسلو" وليس غيرها.
ينبغي طبعا التذكير دائما بأن الظرف يخلق الضرورة وتفاعلاتها, وكل ذلك في منتهى النسبية.
محمود عباس على رأس السلطة الفلسطينية ؟ أهلا وسهلا. ولكن ما الذي بقي منها؟ ومن الذي دمرها ؟ ثم إن سلام أوسلو الذي لم يعقد مع شارون أو اليمين الاسرائيلي المتشدد الذي يمثله هو ونتنياهو وأشباههما, فشل مع – وبين – الذين تفاوضوا عليه وأتموه : أي عرفات ومحمود عباس وجماعتهما من ناحية , واليسار العمالي الاسرائيلي من ناحية أخرى. وللتذكير, لم يكن انتخاب ارييل شارون سوى رد فعل عوقب فيه هذان الطرفان بالأساس على اخفاقهما الذريع. واليمين الاسرائيلي لم يعبر يوما عن أي ارادة سلمية حقيقية, وما فعله بيغن كان صلحا مع مصر وليس مع الفلسطينيين بأي حال من الأحوال. وبالرغم من حسن النوايا لدى الفلسطينيين , فإنه من المستبعد حقا أن يكون شارون هو الذي يمكن معه عقد السلام. فلا شيء في تكوينه العقلي والنفسي يجعله مهيأ لهذه المهمة التاريخية, التي تتطلب تسامحا لا يملكه, ومرونة ينكرها وتنكره, وآفاقا عقلية رحبة يضيق دونها دماغه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خان يونس: مخيمات في برك الصرف الصحي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قراءة في الصحف • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أول منشور لترامب على -تيك توك- بعد أن حاول حظره ذات مرة


.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية اللبناني والقائم بأعمال وزير الخار




.. وزير الخارجية المصري: ندعو حماس وإسرائيل لقبول مقترح وقف إطل