الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رصاص الربيع الطائش

سعد تركي

2012 / 3 / 4
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


مثل رصاصة تطلقها يد مرتعشة، فتصيب الأحبّة بدلاً من أن تخترق قلب عدو، غالباً ما تؤول خياراتنا إلى نتائج لم نحسب لها ولم تكن هدفاً لشعار نلهث وراءه. منذ أن بدأ رصاص هزائمنا وانكساراتنا يطيشُ، إما لطول انتظارنا لحظة الحسم وتخشّب أصابعنا على الزناد، أو لتعجلنا التصويب من دون رويّة وتبصّر، تحولت نوايانا الطيبة وأحلامنا إلى شرّ متربّص وكوابيس تقضّ المضاجع.
بدأ الربيع العربي متمنطقاً بشعارات وأهداف لعلها فقدت صلاحيتها وأضحت "اكسباير" لأنها تأخرت كثيراً، فلم تعد تواكب متغيرات شديدة التعقيد مرّت رياحُها على دول خضعت شعوبُها ـ طيلة عقود ـ لسلطة الحاكم الأوحد.. شعارات وأحزاب أرهقها التسلط والقهر والحرمان فأصبحت تشبه الحاكم قلباً وإن خالفته صوتاً وكلمات. تأخّر الربيع العربي عن موعده كثيراً، فجاء خريفاً برغم سحابه وبرقه ورعوده التي لم تحمل مطراً يحيي العروق اليابسة. جميع الأحزاب، التي ناضلت وعارضت قسوة وظلم الطغاة والحكام المستبدين، تعوّدت أساليبه وتبنّتها، فلم تعد تصلح للحكم كالطاغية الذي أسقطته ثورة الشعب بعد أن فقد كلَّ مبررات وجوده واستمراره منذ أمد بعيد.
اليوم، بعد أن مرّ أكثر من عام على بدئه، أطاح الربيعُ العربي بأكثر من طاغية، وأُسدل ستار "أسمى" هدف كان حكّامنا يبرّرون طغيانهم وجبروتهم واستمرارهم به.
بعد أكثر من عام يطفو على السطح تساؤلٌ ظل مقموعاً طيلة عقود.. تساؤل كانت تفرض إجابته سياطُ الأمن وزنازين المعتقلات وأناشيد نردّدها كالببغاوات عن الوطن الواحد والأمة الموّحدة والتاريخ المجيد.. تساؤل لم نكن لنجرؤ على مناقشته ولم تضعه الأحزاب السريّة المعارضة في أولوياتها لأنها ظنت أن الأهم هو "الشعب يريد إسقاط النظام". ظنت أن الضوء سينير القلوب، والعدل سيسود، والثروة ستكون ملكاً مشاعاً للجميع بمجرد أن يرحل الطاغية.. لقد ضاعت، في زحمة الصراع على أسلاب الطاغية وكرسيّه الشاغر، الهويةُ الوطنية التي بها فقط يمكن بناء دولة حقيقية موحدة، أساسها وهدفها المواطن.
ذهب الطغاة إلى حتوفهم أو منافيهم وسجونهم وتركوا بلداناً أضاعت هويتها. عاد بعضُها إلى القبيلة والعشيرة، وتمسّك آخرون بالمذهب والطائفة والدين والقوميّة.. صارت الأهداف والشعارات رخوة ومائعة بعد أن كانت أكثر من فضفاضة ومستحيلة. إن كان رصاصنا قد طاش تعباً وإرهاقاً وطول انتظار، فإننا اليوم نوجهه إلى شركاء وإخوة الوطن إذ لم نعد نحسن الحوار والتفاوض والإصغاء وعقد الصفقات إلا مع الأعداء!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجورجيون يتحدون موسكو.. مظاهرات حاشدة في تبليسي ضد -القانون


.. مسيرة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تطالب بوقف الحرب على غز




.. مضايقات من إسرائيليين لمتضامنين مع غزة بجامعة جنيف السويسرية


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. ديوكوفيتش يتعرض لضربة بقارورة مياه على الرأس