الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إني أراكم تقتلوننا غداً...

إيمار محمد سلوم
(Imar Salloum)

2012 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت "الثورة"، وبدأ معها حلمنا بالحرية ينضج... (ده كان زمان!!!...)
أتذكر يوم انتفض أهالي درعا، فرحت كثيرا؛ بعد فترة ظهرت قصة الجامع العمري، تشائمت، لكنني بقيت مؤمنا أن الانتفاضة ستفضي إلى نهاية جيدة. توالت الأحداث، كنت أتابع لحظة بلحظة أخبار الحراك، عبر الانترنت والتلفزيون، بكيت كثيرا، عايشت جزءا من المحنة في منطقة برزة البلد... مرتين، تم فيهما قمع الناس بوحشية، أحيانا كان إطلاق النار يستمر أكثر من خمس ساعات. كانت الأصوات مخيفة، خصوصا حين تكون على يقين من أن الكثيرين سيموتون اليوم...
-1-
لم يعد خافياً - ربما – على أحد تغلغل الإسرائيليين ومعهم الاستخبارات الغربية في قسم كبير من المعارضة السورية؛ كل الشعارات الفارغة التي أفرغنا بها النظام من ذواتنا، ها هي المعارضة مثله تفعل.
قطر وبحسب بعض التقارير الصحفية تغذي الجيش "الحر" بشخصيات سلفية تقود عملية تحرير الوطن من النظام.
وليد جنبلاط يتألم لمعاناة الشعب السوري، هذا الدموي المتلوِّن الحربائي، كيف يمكن أن نصدق أنه يشعر؟!...
الظلام الوهابي يفيضُ ديمقراطيةً وإنسانية علينا، أيضاً كيف يمكن أن نصدق أن نظاماً استبدادياً فردياً قمعياً مذهبياً يمكن أن يكون لديه أدنى إحساس بمعاناة االشعب السوري، هذا الذي مدَّ النظام عبر عقود بدولارته النفطية والتي لولاها ربما ما كان استمر إلى اليوم؟!...
الطريق إلى الكرسي السوري عبر تل أبيب ربما يكونُ أقصر من طريق النضال!... هكذا يأتيهم الوحيُّ للسادةِ المعصومين عن "الآخر" في المجلس "الوطني" المبارك، عليهم شالوم الله!... إن ما حصل مع مبارك وسقوطه السريع وكذلك ابن علي كان استثناءً... يبدو أن المعارضة استبشرت بسقوطهما سرعة سقوط الأسد دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف السورية... قلة الصبر التي ظهرت في أعضاء المجلس "الوطني" وتصعيدهم السريع مع النظام وحصرهم المشكلة بإسقاطه، وأيضا – وهذا الأهم – تخلقهم ببعض أخلاقياته، وليس أقلها إقصاءهم للأطراف الأخرى التي لا تشاركهم بعض ما يطرحونه. ربما هذا وأشياء أخرى أدت إلى نهش الانتفاضة من داخلها... فإسقاط نظام كالنظام السوري يحتاج إلى جهود طويلة وتعبئة وتثقيف شعبي كبير...
وهذا يدلُّ على أننا مانزالُ ندور في نفس الدائرة؛ الجموع غير المهمة التي كانَ يسميها النظام الجماهير، ها هي المعارضة تحذو حذوه وتصرخُ أيضاً باسم الجماهير أو "الشعب"... أو ما كنتُ أحبُّ أن أسميه "قيحَ" النظام! أترى معارضاتنا الأبية تعاني من ذاتِ الدماملِ والبثور!...
الفبركات الإعلامية الدنيئة التي يمارسها من يدّعونَ أنهم نشطاء ثوريون على الأرض، إن تدل على شيء، فهو أخلاق عهدناها ممن يعارضونهم، وعليهم قاموا وانتفضوا وليس أن تلدها "ثورة" لم يبقَ مجرم وسفَّاح ووضيع وسافل ...إلخ إلا اغتصبها بعنف ووقاحة جهاراً نهاراً دون أدنى إحساس بالذنب والمسؤولية تجاه من يموتون بلا حساب "مجاناً" كرمى لعيونِ الغانية القديسة!...
الجيش "الحر"، لا أستطيع القول إلا أنه لم يكن أكثر من إسفين دُقّ بأسفل الثورة وخرج من رأسها...

-2-
من المثير حقاً والمؤلم جداً كيف أن أي حديث عن الانتفاضة أو "الثورة" يجري اليوم بغض النظر عن كل إرادة شعبية، مع تهميش فاضح واستهزاء شنيع ولامبالاة بكرامة هؤلاء الذين مازالوا يسقطونَ تحت أحذية المؤامرات والديمقراطية والكرامة!؛ للأسف، الصراع العالمي بين الدول الكبيرة بات جليا وواضحا الآن بعيداً جداً عمَّا طالب به المنتفضون...
تعبئة قسم من الحراك الشعبي لطلب الحماية الدولية والتدخل الخارجي؛ كأنّ "الخارجي يهتم بالديمقراطية ومآسي الناس ومشاكلهم؛ المشكلة هي هي، رخصنا كبشر، فالمعادلات الدولية والمصالح هي التي ستحدد شكل المرحلة المقبلة، بما يتناسب مع ما تريده هذه القوى...
السعار العسكري، ما هذا المرض الذي يعشش في رأس العربي وينهشه؟! إلهذه الدرجة تمتلك السلطة لذة تجعل المرء يبيع نفسه للشياطين من أجلها...
إن أكثر ما أخافني هو الإنكار الشديد والتعامي من قبل المجلس "الوطني" عن الأخطاء التي وقعت بها "الثورة"، الانتفاضة. ولكن للحقيقة، هذا ليس إنكاراً، هذا منهج هذه المعارضة البائسة، التي لا تفكر إلا بالكرسي...
لستُ أعتقد أن حذاء الأسد على رقبتي أشدّ أو أقل إيلاما ووطأة من حذاء الشقفة أو طيفور أو غليون أو الحافظ "مهرج المعارضة"...

-3-
ما يزال الدجل هو السيد على أغلب أطراف الصراع الآن... أولئك الفارين من الإنسانية والأخلاق... المسلحين بالمصلحة الضيقة التي لا ترى في الدماء التي تسيل إلا جسرا للوصول إلى أهدافها...
بقدر ما يستغبينا النظام، تستغبينا المعارضة؛ هل الوطني محكوم عليه في بلاد عنترة "المخصي" بالتهميش والخرس والتعامي؟!
المجلس "الوطني"، والله لولا أن الدم الذي يقطر الآن من كل فم وعين هو أهم وأغلى بكثير من أي هدف لما قلت إلا مجلس "الحثالات".
يا للعار... ألا يستحق هذا الشعب منكم القليل من الاحترام والتفكير؟!
بصراحة أنا لا أحفل بكليكما (أنتم وهذا النظام)، لكنني أشفق على هذه الأرواح التي تزهق بلا طائل وبلا أمل...
غاندي حرر الهند بصبره وحكمته، تخيلوا شخص واحد استطاع أن يحقق ما عجز عنه قطيع من المعارضين!!! وهل تعلمون أن خسائر الهند من الأرواح البشرية كانت بحدود (8) ثمانية آلاف من مجموع سكاني بلغ 200 مليون! بينما خسرت الجزائر مليون شهيد لتتحرر، حيث كان تعداد السكان وقتها يتراوح بين 9 – 10 ملايين!...* وبكل فخر كنا نهزج (هيه... ثورة المليون شهيد)!!!
لا يمرُّ يوم عربي إلا ويأخذ معه قتيل...

-4-
لن أقول تباً للسلطة (فهي أداة لتحقيق أهداف معينة)، بل تباً لكل من يكون على استعداد لركوب آلاف الجثث وصولاً إليها... لا فرق بين الوطني وغير الوطني إن كان هدف كليهما هو قهر هذا الشعب في سبيل أضيق المصالح...
آه منكم، لو تشعرون بالخجل قليلاً، لو أنكم انتصرتم على هذا النظام أخلاقيا فقط، ربما لوجدتم أغلبية الشعب معكم... وأنا كمحايد لست معكم ولست معه، أرى أنكم تشبهونه. أخلاقياً وسياسياً لم تحققوا شيئا، وأيضا مع السلاح لم تحققوا شيئا. ما الذي حققتموه أيتها الفطور السامة؟ إن هذا النظام هو براز تاريخ طويل من القتل والموت. وأنتم أيضا براز هذا التاريخ الدموي. وسيأتي يوم تختفون فيه كلاكما، وسيقوم الشعب السوري بدونكم...
إني أراه الآن يثور عليكم، وإني أراكم تقتلونه...
أنتم يا من استطعتم أن تقرفوننا حتى من الله...

-5-
أتكلم الآن من أعماق المأساة السورية، ليس لأن الأزمة لا يبدو لها حلول في القريب من الأيام، بل لأنني في قرارة نفسي أشعر أنه قد تمت خيانتي كسوري من الله إلى أصغر وجود على هذه الأرض. وليست الخيانة في سرقة "الثورة" فقط، بل ببساطة بتهميشي كإنسان له الكثير من الحقوق، التي مازال يلعق حذاءها منذ الأزل إلى اليوم...



*: "كفاح اللاعنف، وسيلة فعالة للعمل السياسي"، مقابلة مع جين شارب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة