الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرضاوي وصناعة الفتوى

محمد السيد محسن

2012 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



اثارت فتوى الشيخ القرضاوي بحرمة دخول القدس وحرمة الصلاة في المسجد الاقصى جدلا في اوساط الفلسطينيين اولا ثم العرب والمسلمين , قابلها فرح وابتهاج لدى الساعين لتثبيت مشروع الدولة اليهودية كحال واقع ومطلب اسرائيلي في زمن تبحث فيه اسرائيل لفرض شروطها الجديدة والتي لاتمثل الا مشروعا صهيونيا يتفاعل معه ويدعمه المتشددون اليهود والليكوديون الحاكمون في اسرائيل في هذه المرحلة الحساسة من العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين خصوصا مع وجود الضغط الدولي لاستئناف المفاوضات التي يبتغي منها الفلسطينيون اعلان الدولة فيما يبتغي الاسرائيليون فرض شروطهم مستغلين حالة عدم الوفاق الفلسطيني - الفلسطيني وتباعد الرؤى السياسية والفكرية بين اكبر فصيلين فلسطينيين ونقصد فتح وحماس
ولمعرفة القليل والمهم عن هذا القرضاوي نعود الى الوراء قليلا الى فترة ما قبل احتلال العراق عام 2003 حيث سعى القرضاوي الى جمع تواقيع اكثر من مائة رجل دين اسلامي دعت الى حلية دعم قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لاحتلال العراق تحت ذريعة اسقاط نظام صدام حسين , وفعلا جاءت الفتوى عبر بيان كان على صدر قائمته القرضاوي يدعو الى التعامل بشكل ايجابي مع قوات التحالف القادمة دون تفويض اممي ولا شرعية دولية لاحتلال العراق على اساس ان صدام حسين وفق رأي القرضاوي هو رجل فاسق ومن الممكن من خلال اسقاطه تستعيد الجماهير المسلمة في العراق كرامتها فكانت فتوى القرضاوي وسعيه في تلك الفترة الى استبدال نظام طاغيى متفرد بحكم العراق بقوات احتلال أذاقت الامة الاسلامية الذل وسقتها من كأس الهوان واشاعت الرذيلة في بلاد الرافدين
السؤال اليوم هو : هل يتذكر العرب هذه الفتوى المريبة التي سرعان ما تخلى عنها القرضاوي ورفاقه المفتون المائة بعد ان الت الامور الى شيعة العراق بحكم اكثريتهم في العراق وبعد تخاذل العرب عن الوقوف مع العراق وباتت حدودهم مراكز لتسويق الارهابيين وتصدير الاجساد المفخخة لتفتك بالعراقيين بل ان القرضاوي ومجموعته التي اصدرت البيان سيء الصيت وقتذاك سرعان ما ذهبوا الى ابعد من ذلك فعد القرضاوي صدام حسين بالشهيد لانه نطق الشهادتين قبل اعدامه بلحظات متناسيا الزمن الذي كان فيه محرضا على صدام حسين وغير ابه بكل ما وصف به هذا الرجل من
فسق وخروج وتامر على امر المسلمين , بل انه لم يجرؤ على ان يصف ابا مصعب الزرقاوي بالخارجي والقاتل المذهبي عند مقتله لكنه في ذات اللحظة لم يجرؤ على نعته بالشهيد , ربما لانه لم يؤمر بذلك حينها
كان القرضاوي عام 2003 على خلاف علماء الشيعة وعلى رأسهم السيستاني الذي لم يعط فتوى قتال الامريكان الا اذا دخلوا البلاد كمحتلين لانه لا يمكن ان تعطي فتوى تدافع عن نظام صدام حسين الذي يسعى من خلالها الى ادامة طغيانه على بلاد الرافدين . وقد سعى صدام حسين ومن خلال علماء كثيرين ان يستصدر فتوى شيعية تحفز على قتال الامريكيين لكن جهوده ذهبت ادراج الرياح
القرضاوي اليوم يدفع من خلال فتواه الى اقناع الفلسطينيين للرضوخ الى المطلب الاسرائيلي بالاعتراف اولا باسرائيل كدولة يهودية ويدخل على خط المساعي لتحويل مسار الثورات العربية وحرفها عن مسارها الجماهيري الى مسار نتائج من اهمها هو تاسيس جمهوريات الطوائف التي يقودها الاخوان المسلمون واكمال فرز الشعوب على اسس طائفية حيث تحتفظ كل طائفة بجمهورية على مذهبها وكل ذلك ياتي من خلال تطبيق الديمقراطية القافزة على مراحلها في امم عاشت دهرا تحت نير احتلال انقلابيين مارسوا كل اساليب تهميش الاخر واقصاء المعارضين وسوقوا الى ايولوجيتهم السائدة مستخدمين لغتي الحديد والنار
كان القرضاوي مستفيدا وما زال من تواجده في قطر ومن خلال اطلالته شبه اليومية من على قناة الجزيرة الى المشاركة في حرف الثورات عن مسارها فكان اول من صلى بجموع الاخوان وبعض الثوار المصريين في اول جمعة مصرية بعد تنحي حسني مبارك وطالب من خلال قناة الجزيرة على تكفير الرئيس السوري بشار الاسد وعده خارجا عن الملة كما قال من قبلها عن صدام حسين

صناعة الفتوى لدى القرضاوي لاتنبع من توجه اسلامي ديني فقهي شرعي بقدر ما تتصل بامور سياسية تمليها عليه سلطة قطر ومن فوقها بلا شك الولايات المتحدة التي جعلت من اذنابهم بالمنطقة وعلى رأسهم القطريين بوقا امريكيا يخاطب دول الجنوب من الجنوب بفتاوى ذات هوى شمالي ونكهة غربية بامتياز
صناعة الفتوى لدى القرضاوي لاتأخذ بنظر الاعتبار المراحل السياسية الحالكة التي تمر بها المنطقة منطلقا بما يجده متوائما مع توجهات الجهات التي تجعله يديم الترف الذي يعيشه في دولة قطر دون الاعتناء بالتاريخ والمنطق الاسلامي في وجوب ان يكون العالم الديني متجردا من اعداء الاسلام وعدم الوقوف معهم واضفاء مزيد من الكرامة للشريحة التي تثق به كمستنبط للحكم الشرعي اولا واماما لمجموعة من السائرين خلفه ثانيا . . . اننا اليوم ندرك خطورة الفتيا كمحفز للاخر وقاتل لتاريخ اخرين , وخطورة الفتيا او الفتوى تتأصل في تاريخنا يوما بعد اخر وكم من الفتاوى السيئة التي عمقت جراح المسلمين فيما بينهم واسدلت حالة التعايش السلمي التي مرت بها الطوائف ابان الحكومات القومية التي حكمت بشكل لم يكن ايجابيا حيث اسرت الشعوب وجعلتها رهينة ايديولوجيتها القومية لتديم دكتاتوريتها وتربي مجتمعات مريضة بشتى الامراض التي زرعت في دواخلها ولم تكن الطائفية جزء منها ولكن انحياز سلطة القرار الى هؤلاء في هذا الزمن الرديء اعطى بعدا مشوها لهذه الشعوب التي تنطلق من ثقتها برموز ثيوقراطية لاتسمح لهم بمناقشتها على اساس الاعلمية التي تسمح لثلة من العلماء والمفتين لان يتسلطوا على رقاب الشعوب من خلال جمل مريضة وغير واعية تتناسب مع المحيط الفكري المنهزم الذي خلفته الدكتاتوريات المتقادمة والتي تحكمت لفترة طال بها الزمن على رقاب الشعوب فكان اصحاب هذه الفتاوى عامل ازمة في تحرر الشعوب وانطلاقها نحو تاسيس مجتمع حر يبحث عن عدالة اجتماعية تضع المواطنة اساسا للوجود في بلدانها , بل ان تنوع النسيج الاجتماعي والفكري والعقائدي في بلدان المسلمين وبلدان الدول التي عانت من رياح التغيير كان من الممكن ان يحول هذه البلدان الى معاقل للتقدم والتلاقح الفكري الوثاب لكن الجمل المريضة التي سميت في فكر الاسلامين بالفتوى باتت تضع العصا في عجلة التحرك نحو البناء الفكري المسؤول فكانت هذه الشعوب تحاول التخلص من مطب الدكتاتورية الفردية والحكم الشمولي لتجد نفسها اسيرة سلطة الرمزية المريضة التي تجعل من الطائفية ملهما في تحركاتها المجتمعية والسياسية .. اما المشكلة الاكبر فانها تتجسد اليوم بضياع الضوء في اخر نفق الوضع السائد مع فما زالت الشعوب تتنازل عن عقلها المفكر وتتشح بالكسل فلا تفعل العقل وتعتمد على اخرين ليفكروا بدلا عنهم , اننا بحق نبحث اليوم عن حرية فردية تفعل العقل وتناقش ما يملى عليها في خضم حالة التثوير وكسر حواجز الخوف ورفض القمع والاحادية , لكننا للاسف نرى بان الشعوب تخلصت من حالة الخرس التي فرضتها الدكتاتوريات المتقادمة وحينما نطقت رفضا للدكتاتوريات بدأت تنساق خلف اناس ليس لهم في السياسة بشيء . هؤلاء هم ثلة الملتحين الذين ياسرون الاخرين من خلال نص الفتوى ويحاولون ان يستميلوا الشعوب من خلال كره الاخر ... ولا يمكننا ان نتحدث مع هؤلاء الذين اتاحت لهم الظروف ان يملكوا عقول الاخرين ويسخرونها لمصلحة من يملي عليهم قراراتهم التي تستعبد الثائرين بل ان الحديث يجب ان يوجه الى الشعوب لتفعل عقل الابداع والجدل الفكري الناجع
اننا نمر اليوم في حالى من الاحباط لم يمر بها العرب منذ عصر الانحطاط الذي شكل علامة فارقة في تاريخ المنطقة وتاخرت منذاك وبقيت غير قادرة على مواكبة العصر واستعادة المبادرة
اعاننا الله على شعوب لاتتسم الا بالكسل , ومن منطلق اسلامي اقول ما قاله الله عز وجل في كتابه الكريم " لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " انها دعوة للثوار ودعوة الى تفعيل التغيير والاستمرار بالبحث عن بدائل شابة سواء في الفكر او في مناحي اخرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا