الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحد الأدنى للأجور في فلسطين، تلبية حكومية بتمويل من الفقراء على حساب المتعطلين عن العمل

غريب زهران

2012 / 3 / 4
الادارة و الاقتصاد


يدور هذه الأيام نقاش في الحكومة وحوار مع النقابات العمالية وأصحاب العمل من اجل إقرار الحد الأدنى للأجور وتحديده في فلسطين، كان وما يزال تحديد وإقرار الحد الأدنى للأجور مطلبا نقابيا من الدرجة الأولى طالبت به مختلف النقابات والاتحادات العمالية، الحكومة للعمل على إقراره والذي يمثل إقراره وتحديد قيمته الحد الأدنى لكافة أجور العاملين في فلسطين.
ولأهمية هذا الموضوع وتأثيره على قطاعات عدة في فلسطين أود في هذا المقال التعبير عن مخاوف حقيقية على فئات اجتماعية أخرى قد تجد في إقرار هذا النظام كارثة عليها فيما لو تم تطبيقه.
من المعلوم أن نظام الحد الأدنى للأجور - فيما لو تم أقراره وتطبيقه- سيضمن رفع أجور كافة العاملين الذين لم تتجاوز أجورهم هذا الحد ويشكل هذا حماية لهم من خط الحد الأدنى ( الذي منطقيا ومن ناحية حقوقية لا يجوز القبول أن تكون قيمته اقل من خط الفقر في فلسطين). وبالتأكيد انه سيضمن حماية للعمال من استغلال بعض أرباب العمل والذين لا يوجد في قاموسهم رفع رواتب عامليهم وعاملاتهم كنتيجة للأرباح التي يحققونها، مستغلين في تحديدهم للأجور، الأوضاع الاقتصادية الحالية وبالذات ارتفاع نسب البطالة في فلسطين.
وبالمقابل، من المعروف أن جزءا من قطاعات العمل والتي لا بأس بها، من الممكن أن نعتبرها من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تنشأ وتدار برأسمال صغير، تشغل عددا لا بأس به من العاملين والعاملات، بالإضافة إلى أصحاب العمل فيها، وان غالبية هذه المشاريع والمنشات الصغيرة في اغلب الأحيان، لا تستطيع رفع مصاريفها التشغيلية إلى حد أعلى مما هي عليه، لان هذا الرفع يؤثر على القدرة الاستمرارية الإنتاجية أو الخدماتية لها، وان صاحب أو أصحاب العمل فيها غالبا ما يعملون بأيديهم ليوفروا جزءا من النفقات التشغيلية، وفي هذا النوع من المشاريع والمنشات والتي غالبا ما يكون دخل صاحب أو أصحاب العمل فيها غير عاليا وقد لا يتجاوز في متوسطه المتقلب دخل موظف متوسط الدخل في القطاع الخاص، وتعتمد أرباح أو دخل المشروع على تدني الأجرة التي تدفع إلى مجموع العاملين فيه، بالإضافة إلى عمل صاحب المشروع هو أيضا في نفس المشروع لرفع إيراده من خلاله.
لا املك إحصائيات حول أعداد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في فلسطين ولا حول عدد العاملين والعاملات بها ، ولكن لا اعتبر أن هذه النسبة بسيطة في المجتمع الفلسطيني، إذ أن لنظام الحد الأدنى للأجور بالغ الأثر والأهمية على حياة تلك المنشآت والمشاريع، وقد يكون لتطبيقه وفرضه على العاملين وأصحاب العمل في فلسطين محطة فاصلة في حياتها وحياة العاملين بها.
إذ أن إمكانيات غالبية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وقدرتها المالية قد لا تسمح بأغلب الأحيان على الالتزام بالنظام والقانون ورفع أجور العاملين فيها إلى الحد الأدنى للأجر النظامي والقانوني، وبالتالي سينعكس هذا سلبا على تلك المنشات وغالبا ما سيحاول أصحابها ومن اجل استمرار حياة المنشأة إلى الاستغناء عن بعض العاملين بها أو اتخاذ إجراءات تعسفية ضد العاملين مثل توقيعهم على استلامهم اجر أعلى من الحقيقي ، أو اللجوء إلى تشغيل الأطفال كبديل رخيص وموسمي أو أشياء أخرى بما فيها الإغلاق. وقد لا يمكن رفع أسعار السلع التي تنتجها المنشاة أو الخدمة التي تقدمها كحل لتلك المشكلة الاقتصادية التي ستؤثر على حياتها، لان تحديد السعر لا يكون بناءا على ربح أو خسارة المنشاة وحده، وان هناك عوامل أخرى تؤثر أكثر بكثير في تحديد الأسعار من هذا الأمر، مثل أسعار السلع والخدمات البديلة في السوق المحلي.
هذا بخصوص المنشات الصغيرة والمتوسطة وتأثرها بتطبيق نظام الحد الأدنى للأجور ، أما بخصوص العاطلين عن العمل فمن الطبيعي جدا وفي حالة إغلاق بعض المنشات الصغيرة والمتوسطة أو الاستغناء عن خدمات بعض من عامليها وعاملاتها أن ترتفع أعداد طالبي العمل في فلسطين وتقل بالمقابل عدد فرص العمل ، وليس هذا فقط بل قد يصبح نجاح أي مشروع صغير من الممكن أن ينفذ، بالغ التعقيد والصعوبة وذلك لحاجته لنفقات تشغيلية شهرية باهظة بالنسبة للإيراد الثابت المتأتي منه لأي راغب بالقيام به. وهذا ما سيجعل الأمر أكثر تعقيدا.
إن بقيام الحكومة بإقرار هذا النظام فإنها تلقي وتحمل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة التبعات المالية والاقتصادية المترتبة عليه، وكذلك ستؤثر على زيادة المنافسة على فرص العمل عند جيوش من المتعطلين في كافة المحافظات، كما أن لغياب إستراتيجية نقابية عمالية موحدة تخلق جوا من التنافس السلبي والتسابق في قيادة المطالب العمالية من الحكومة نحو المجهول.
إن الحماية من الفقر هو صمام الأمان الاجتماعي والذي لا يتأتى إلا من خلال الدعم الحكومي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الزراعية منها والصناعية والخدماتية، وتشجيع نموها، بالإضافة إلى إقرار وتطبيق قوانين الحماية من البطالة والتقاعد في القطاع الخاص والتأمينات الصحية ، إن في هذا قيادة حكومية للتقدم نحو نمو اقتصادي واجتماعي وإنتاجي للمجتمع الفلسطيني كما إنها تؤدي تلقائيا إلى رفع حدود الأجور الدنيا الفعلية في فلسطين.
إن الدخل الأدنى المطلوب توفيره هو ما يجب على الحكومة أن توفره أو تسعى لتوفيره لأي عاطل عن العمل ولا يجد عملا أو غير قادر عليه والذي يحميه من الانخفاض عن مستوى خط الفقر.
كما أن لا اثر تقدمي فعال لأي حوار ثلاثي من دون إستراتيجية عمالية موحدة يسعى ممثلي الطبقة العاملة الفلسطينية لتحقيقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن


.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع




.. لماذا امتدت الأزمة الاقتصادية من الاقتصاد الكلي الإسرائيلي ب


.. تقرير خطير.. جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار الذهب لـ3 آلاف




.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية