الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون العرب .. أي خطاب لأي واقع ؟

بشرى ناصر

2005 / 1 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كأن إطلالة العام 2005 قد أسلمتني لحصة جديدة من التصحر ؛ وكأن الجرائر التي لا وزر لي بها وتتقمصني رغماً عن أنفي قد وضعتني وجها لوجه مع المواجهة والمحاسبة بتشدد كبير ؛ وبالقدر الذي حولتني فيه تلك المشكلات لقنبلة موقوتة (لا أدري فعلاً لولا الكتابة ماذا كنت سأفعل ولا كيف سأواجه ضجيجي ) فقد شرعت ذاكرتي على المدى أكثر من أي وقت مضى لتتأمل ما نحن فيه وعليه .. إذ وبشكل غير مسبوق انقسم مثقفونا العرب في حالة حادة من التقريع وجلد الذات : المثقفون العلمانيون الليبراليون راحوا يوجهون النقد اللاذع و يصبون جام غضبهم على المرحلة وعلى الواقع المستوجب التغيير بدءاً من الخطاب الديني الذي يتحمل المسؤولية الأكبر باعتبار أن مجتمعاتنا العربية ليست بأكثر من قطيع يجري خلف العمائم ويجتهدون للدفع بالماضي التليد بعيدا مطالبين بالتحرر منه بعد أن ظللنا ورثته نتعامل معه كصندوق الميت لا يجوز التفريط به .. أو التعرض له ولو همساً ؛ وراح المثقف القومي يوجه غضبه على المجتمعات العربية التي غيبت عنها مفردات التضامن العربي و يقرعون الأنظمة العربية لتحولها لوكالات محلية للمصالح الأجنبية وتحميلهم مسؤولية إضعاف جسم الأمة حد الإنهاك ؛ أما المثقف الإسلامي فقد قام بتوجيه التهم هنا وهناك دون أن يغيب عنه بين حين وآخر (الدعاء على العدو أن يرد كيده لنحره) أو إطلاق صيغة الانتقام الإلهي والغضب الرباني على ما يصيبنا من مصائب وكوارث (آخرها كارثة زلزال تسونامي المدمر ...)
في قراءة لهذا الواقع الذي تعمق فيه الصراع وتبلورت الهيمنة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى : يرى البعض أن الصراع العربي /الغربي صراعاً جيواستراتيجياً يعتمد فيه النفوذ الأمريكي بسط السيطرة على مصادر الطاقة من نفط الخليج انتهاء بنفط قزوين ؛ بينما ينظر البعض الآخر له باعتباره صراعاً دينياً ممثلاً بين المسيحية والإسلام ؛ بينما الشعوب العربية تغط في غفوة وادعة تدير ظهرها عن الفكر الثوري متجهة للفكر الغيبي ؛ وكل ما حولنا يروج لثقافة غبية استهلاكية ... مما دفع بعض المثقفين الجادين لتغيير صيغة السؤال من كيف نورط شعوبنا على القراءة ؟ لسؤال : كيف نورط شعوبنا على الأسئلة .... خاصة وقد توجهت الحكومات العربية لتحويل الثقافة الى مجرد لافتات دعائية مثلها مثل السياحة بل تكاد تجير الثقافة لخدمة الثانية ؛ وبما أن أهم بركات عصرنا هذا : أن المعرفة ما عادت تتبع (القيافة والريافة والعيافة) بل صارت خروجاً على السقيفة ؛ كما صارت( الإشارات والتنبيهات ) ثغرة يستوجب ردمها وتجاوزها وتخطيها ؛ ففي هذا الواقع الذي أصبح فيه (النشاط الإسلامي) ما يشبه التبشير ؛ وفي ظل التشظي الذي يكابده الفلسطيني ؛ والجحيم العراقي الذي استعصى حتى على (دانتي اليجيري) نفسه؛ في ظل السيارات المفخخة وعصب الملثمين يفصلون الأجساد عن الرؤوس ؛ وابن لادن يعلن ولاية الزرقاوي على بابل ... في ظل ازدحام كم الإختلاطات ؛ وازدحام التجليات ؛ والكم المزدحم من التداعيات حتى بدا الواقع عصياً على القراءة وعلى تبين ملامحه .. لهذا تصبح قراءة الواقع مستحيلة بمعزل عن قراءة التجربة القديمة وبدون استحضار الماضي ؛ مما يستوجب استعادة التاريخ مجددا لقراءته بتمعن وحيادية بعد التخلص من النوستالوجيا ؛ فقد أدت الغلبة الحضارية والعسكرية الجديدة ومنذ القرن الثامن عشر الميلادي الى تحلل الإمبراطورية الإسلامية ؛ لنقف اليوم ومنذ مطلع القرن العشرين على نهاياتها على كل الاتجاهات والأصعدة ؛ والنخر الذي امتد ليطال الثابت والتقليدي للسلطة الاجتماعية والهيمنة الداخلية إنما وصل فعلاً لعصب الأمبراطورية ؛ للدرجة التي فقدت النظم القائمة الاقتصادية والعقلية فاعليتها وتأثيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه