الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهم جُبناءُ كَذَبَة

هاني طاهر

2005 / 1 / 13
القضية الفلسطينية


إنهم جُبناءُ كَذَبَة
الفائز الثالث في الانتخابات الفلسطينية هو (الورقة الباطلة) والفائز الرابع هو (الورقة البيضاء) وقد تفوَّق هذان المرشحان على خمسة مرشحين آخرين، ولم يتفوق عليهما سوى مرشحين اثنيْن. فالحملة الانتخابية لمرشح الجبهة الديمقراطية، مثلا، رغم نشاطها الكبير، لم تفلح في التفوق على أيٍّ من هذين المرشحيْن البَطَلَيْن! فقد حاز هذان المرشحان معًا على أكثر من 54 ألف صوت، أي ما نسبته 7% من الأصوات.
وبعد هذه البداية النُكْتِيَّة، يجدر أن ننتقل إلى الجدّ، لنبيّن معنى الورقة البيضاء والورقة الباطلة، ومعنى التصويت لهما؛ فالبيضاء تعني أن لا يشير الناخب إلى أي مرشح، والباطلة تعني أن يختار أكثر من مرشح. وكلاهما لا يؤخذان بالحسبان. والسؤال الهام: لماذا ذهب 54 ألف ناخب وهم لا يريدون أن ينتخبوا أحدًا؟
قد يكون لهذه السؤال أكثر من جواب، بيد أن الاحتمال الأكبر لهذه العَبَثِيَّة هو الجُبن؛ فهؤلاء يظنون أن المخابرات الفلسطينية ستلاحقهم يومًا ما إن لم تظهر أسماؤهم في سِجِلّ الناخبين، أو لن تعطيَهم حسنَ سلوك على عدم مشاركتهم، أو ستمنع من توظيفهم في مراكز هامة. على هؤلاء جميعًا أن يعلموا أنهم يمارسون الكذب والخداع والغش؛ فهم حين يُسألون عن الذي انتخبوه سيذكرون أحدَ المرشحين، وهذا هو الكذب بعينه. ولا يبرره الجبن، بل يزيده إثمًا. فالذي لا يريد الانتخاب لا بدّ أن يكون له سببه الخاصّ، ولا بدّ أن يجهر به، وأن يدافع عنه، وإلا فهو إنسان سلبيّ هُروبيّ غيرُ آبِهٍ بالحقّ الذي يحمله. وعدم المشاركة إما أنها تعود إلى التحريم الشرعي، وهنا على المُقاطِع أن يدعو إلى عدم المشاركة، لأنه بهذا العمل ينهى عن المنكر كما يراه. وهذا واجبه؛ فإن انتخب ووضع ورقة بيضاء أو باطلة فهو آثم بمشاركته، وهو كاذب بعمله هذا، أي أنه ارتكب إثميْن اثنيْن. وإما أنها تعود إلى عدم المقدرة على تفضيل أحد المرشحين، وهنا عليه أن يذكر للناس ذلك، وأن يحاول أن يُمعِنَ في البحث، ولا بأس لو لم يهتدِ لمعرفة الأنسب.. المهم أن يطرح رأيه بوضوح وصدق وصراحة وجرأة. وقد يكون هناك أسباب أخرى، ومهما كانت فعلى هذا المقاطِع للانتخابات أن يعلنها.
نريد للصدق أن يكون سمة مجتمعنا البارزة. لأن الكذب إذا شاع في مجتمع فإنه يَفسُد كلُّه؛ ذلك أن الكذب أبو الرذائل كلِّها.
وَدَدْتُ أن أجد أمام مراكز الاقتراع من ينهى عن الانتخابات ويحرمها، وأن أجدَ من يؤيدها، لنسمع مناظرات بينهما، بعيدًا عن الاضطهاد والكذب والنفاق.
وفي الوقت ذاته لا نريد أن نضع اللوم كلّه على جُبْن بعض الناس؛ فالجبن لا يوجد إلا حيث يوجد الاضطهاد والقمع؛ لذا فهذه رسالة إلى المخابرات الفلسطينية التي تتحمل جزءا من هذه المسؤولية. نقول للقائمين عليها: إنكم إن قمعتم الناسَ ومنعتموهم من التعبير عن آرائهم بحرية تامة، فإن هذا سيُضعف إحساسهم الوطني وانتماءهم وتحملهم المسؤولية، ويؤدي بهم إلى أن يصبحوا عناصر سلبية في المجتمع؛ تنـزع نحو الإضرار به، أوْ لا يعنيها نهوضُه. عدا عن شيوع فكر المؤامرة التدميري. فعلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن تكرّس الحريات الفكرية، وأن تسمح للكل بأن يعبر عن رأيه بوضوح تام. وهذا هو ما ندعو أبو مازن إلى تكريسه.
هاني طاهر 11-1-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدرة بايدن وحكومة نتنياهو إلى مزيد من التباعد | #غرفة_الأخبا


.. إدارة بايدن تدرس سبل حماية منظومات الذكاء الاصطناعي الأميركي




.. إسرائيل ترفع جاهزية قواتها في جبهة الشمال مع زيادة التوتر مع


.. جامعة برشلونة تستجيب لطلابها وتقطع علاقتها مع إسرائيل




.. جيش الاحتلال يعلن مقتل 4 جنود وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة