الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتى -خالد-.. حارس الأمل

إكرام يوسف

2012 / 3 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يبدو أن الاسم "خالد".. سيكون التميمة التي تشحن بطارية الأمل كلما أوشكت شعلته على الذبول. فتحت وطأة نظام تغول فسادا وتوحش استبدادا، كان اليأس قد تمكن من كثيرين، فأقدم بعضهم على التخلص من حياته، وسارع البعض إلى الإفلات بما تبقى من العمر والكرامة، بحثا عن حياة كريمة خارج الحدود، وانزلق آخرون في دوامة الانحراف أو الإرهاب.
و تبقى دائما فئة تتمسك بأهداب الأمل، تغزله في قلوبها بستانا يطرح ثقة في المستقبل وإصرارا على التغيير.. وبينما تعصر القلوب أنباء شبه يومية عن تعذيب وحشي لكل من وقع بين يدي زبانية أطلق الطاغية لهم العنان، مقابل حمايته وملاحقة معارضيه ـ تصك الآذان أنباء جريمة قتل فتى الإسكندرية الجميل "خالد" سعيد، بطريقة تغضب الوحوش من وصفها بالوحشية. ويغدو مقتله شرارة تشعل نيران غضب ظل مكتوما لعقود.. ويصبح الفتى "خالد" أيقونة ثورة، هزت أركان نظام الطاغية وأطاحت برأسه، في حدث لم يكن متوقعًا، وإن حلم به الملايين.

وبمرور الأيام، تتضح خطورة نظام يقاوم السقوط بشراسة؛ تصارع أركانه بهدف إطفاء شعلة الأمل التي أعادت ثقة المصريين في أنفسهم. وصار شعار "ارفع رأسك فوق انت مصري" دويًا يصم آذان أذناب المخلوع وبقايا نظامه. وفي محاولة مستميتة لإطفاء جذوة الأمل المتقدة، لجأوا إلى نغمة طالما عزفوها من قبل، ووجدت صدى لها في أذهان البسطاء؛ فسرعان ما رددت أبواق كريهة فكرة وجود أصابع خارجية وراء الثورة، كما لو أن الشعب المصري ـ دونا عن بقية شعوب الدنيا ـ لا يستطيع من تلقاء نفسه الثورة على الاستبداد والمهانة. وصارت العمالة للخارج وتلقي التمويل من أجل تخريب البلاد، تهمة جاهزة لتشويه من يرفع رأسه مطالبا باستكمال الثورة والقضاء على النظام الساقط، وبناء دول القانون القائمة على المساواة في المواطنة، وتحقيق أهداف دفع المصريون فيها دماء أنبل الأبناء وهم ينادون "عيش.. حرية.. كرامة إنسانية".
ومع كل تحرك للثوار، يتوالى صعود الشهداء، ويعلو فحيح إعلامي مشبوه يشكك في كونهم ثوارًا ـ أصلا ـ محاولا سلب شرف الشهادة منهم! وتمتلئ الزنازين بأزهار البساتين، يزج بهم إلى محاكمات عسكرية، بهدف خنق شعاع الأمل الساطع في عيونهم.. ويبرز من بين هؤلاء اسم الفتى علاء عبد الفتاح، من اختار بإرادته الحرة العودة من الخارج، لدفع ثمن رفضه لمحاكمات المدنيين عسكريا، تاركا طفله الأول جنينا في أحشاء شريكة حياته ورفيقة نضاله. ثم يخرج الوليد إلى النور، حاملا اسمًا اختاره أبواه لإحياء ذكرى أيقونة الثورة: "خالد". ويشعل ميلاد الطفل، جذوة الأمل مرة أخرى في صدور الثوار، ويمنحهم قوة دافعة للنضال من أجل بناء مستقبل يليق بأجيال قادمة.
وتتواصل محاولات تشويه الثوار وإرهابهم، والزعم بأن من قاموا بالثورة ليسوا هم من يواصلونها.. كما لو أن من قاموا بالثورة جاءوا من الفضاء، ثم تبخروا في الهواء قبل تحقيق أي هدف من أهدافها، وحلت محلهم كائنات خرافية تطالب باستمرار النضال، ولا بد بالطبع أن تكون هذه الكائنات عميلة ومخربة لأنها تطالب بالقضاء على نظام مازال يتشبث بالبقاء!
ومرة أخرى، تسعى قوى الثورة المضادة لخنق الأمل، بعدما أفرزت الانتخابات النيابية برلمانًا تمثل فيه أصوات الثورة أقلية، يتم تحجيمها وتكميمها. بينما يرى نواب الأغلبية أن الثورة فعلت ما عليها؛ بأن أوصلتهم إلى مقاعدهم. وصار واجبا على الثوار أن يعودوا إلى بيوتهم، وألا يمارسوا ضغطا أو مراقبة على أداء البرلمان.. حتى أن بعضهم هاجم الثوار المستمرين في نضالهم، قائلا إن "قتلاهم ليسوا شهداء ثورة، ومصابيهم ليسوا مصابو ثورة"!
ثم جاء إعلان أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، خاليا من اسم يعبر عن شباب الثورة وعن طموحاتها وقدراتها، لتطفو مسحة من الإحباط على قلوب تعلقت بالثورة ووضعت على الثوار آمالا كبارا. فمع كامل الاحترام لجميع الأسماء المطروحة.. يشعر المرء أن كلا منهم ينقصه شيء حقيقي له علاقة بالثورة. حتى ظهر على الساحة اسم "خالد" علي، كأصغر مرشح للرئاسة، وتعاود جذوة الأمل توهجها مرة أخرى في القلوب. فها هو شاب ثائر، من بين صفوف الثورة، وممن مهدوا لها بنضالهم منذ سنوات.. وهو الرئيس التوافقي بالمعنى الحقيقي للكلمة. وهل هناك توافق يتجسد في صورة أفضل من الشاب الثائر، ابن الأسرة الريفية البسيطة الذي تربى من عرق أبيه الحلال، والمحامي المثقف الثوري صاحب المواقف النضالية التي تتمحور حول العدالة الاجتماعية والدفاع عن الفقراء من العمال والفلاحين، وأصحاب الفكر من معتقلي الرأي، فضلا عن الدفاع عن ثروات البلاد ومواردها ضد ناهبيها ومستغليها.
ويقولون أن فرصة خالد ليست كبيرة.. ومن كان يصدق قبل يناير 2011 إن فرصة نجاح ثورة في اقتلاع المخلوع والعادلي كانت كبيرة؟ بل ماهي نسب من كانوا يقتنعون أصلا بقدرة المصريين على التحرك؟ ويقولون أن خالدا ليس معروفا بما فيه الكفاية.. وهو قول مردود عليه.. حيث يعرفه جميع العمال الذين تعرضوا للظلم وأعاد لهم حقوقهم، ويعرفه جميع الفلاحين الذين اشتكوا من القهر ووقف إلى جانبهم.. وأصحاب الرأي الذين أسس من أجلهم جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، وهي تقدم الدعم القانوني للمحتجين السلميين منذ أبريل 2008. وخالد ـ ضمن مواقف أخرى كثيرة ـ رئيس فريق الدفاع عن أموال التأمينات والمعاشات، والفريق الذي أوقف خصخة الهيئة العامة للتأمين الصحي. وهو من انتزع حكم رفع الحصانة القضائية عن نقابة المهندسين بعد 15 عاما. كما أنه قاد معركة انتهت بحكم تحديد حد أدنى للأجور. وحصل علي أول حكم قضائي بحبس مستثمر،اشترى شركة مملوكة للدولة(طنطا للكتان) وتواطأ لوقف تشغيلها وتشريد عمالها. كما حصل علي أحكام بإعادة ملكية عدد من شركات القطاع العام " بيعت بثمن بخس وشاب الفساد عمليات بيعها" للدولة. وحصل مؤخرا علي حكم قضائي يلزم الحكومة بتخصيص معاش استثنائي لمصابي الثورة.. وفي العام الماضي منحته حركة مصريين ضد الفساد جائزة المحارب المصري ضد الفساد.
ولا شك أن خالد علي يعلم أنه يدخل حقل ألغام. ولن يغفر له أصحاب المصلحة في القضاء على الثورة واستمرار نظام المخلوع، جرأته على ترشيح نفسه من أجل تغيير حقيقي. لكنه يستند إلى أصحاب المصلحة الحقيقية في انتصار الثورة، وهذا يكفيه. أما الآخرون، فسوف يعادونه على أي حال، بدعوى أنه "أحمر الخدين"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي


.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه




.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت


.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري




.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا