الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأوطان تحترق-2- وكلما قامت الشعوب لإطفائها .. قعدت واحترقت معها

فيفا صندي

2012 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


في المقال السابق تعرضنا إلى نتائج وثمة حقائق أدت بنا إلى ما يسمى بالخمود الفكري الذي أدى إلى الخمود الثوري، وأحاول هنا فك شفرات طلسمت العقول العربية حتى تعزف على إيقاع واحد، لكن علينا أولا أن نعرف الأسباب، والطرح الأول هو حول كيفية جعل أيادينا تصفق بنفس الإيقاع واللحن حتى يخرج لنا إنتاجا مشتركا مبهرا؟

التاريخ يقول أننا قمنا، وكم مرة قمنا، وتلك الحقائق سالفة الذكر وأخرى غيرها، منها أسباب خارجية وداخلية، كانت تقعدنا وتضرب نهضتنا في مقتل.

لكن السؤال كيف نتعلم من الدرس ونحافظ على قيامنا.؟!

هي الإرادة أولا التي بها سوف نقوم وبها سوف ننهض.. بإرادة الشعوب جمعاء واصرارها وتفانيها في تغيير واقعها ومواكبة تطورات العصر والعالم من حولها، يمكن أن تحقق المعجزة وتقفز بالأوطان إلى حيث التقدم والكرامة والازدهار، حتى وإن وجد في الضفة الأخرى من الناس من تقول ساخرة / معجزة الهمم:"غير من نفسك أولا".

جملة فضفاضة رغم قدسيتها الدينية، إلا أن الواقع السياسي يطلب منا فكرة التغير الشامل، القائمة على أكتاف العلم والتعليم والعمل والإخلاص المفروض، بمعنى قانون وضعي يضع وينظم الصفوف، أما إلقاء المسؤولية كاملة على الفرد تحت دعوى "ابدأ من نفسك" فلن يبدأ المواطن العربي، وهذا واقع الشعب العربي بطبيعته "كسول" لحد ما ودائما ما ينتظر المنقذ او المهدي المنتظر ليخلصنا من جميع مشاكلنا.. وحان الوقت الآن أن ينخرط في عمل جماعي ويعي الدور الأكبر، والأهم أن يكون متبعا داخل منظومة الفكر الجماعي وليس بالضرورة فرض "عقد النقص" باستعلاء "الانا".. أنا المدير.. أنا المسئول.. أنا رئيس مجلس الإدارة.!

فماذا حدث لمنظومة الفكر الجماعي هذا.؟

والرد على هذا يتبع علينا أن نبحث عن جوهر القضية من خلال ثلاث علامات استفهامية تستدعي الماضي بالحاضر وتمتزج به حد المرارة.

اولها: لماذا تخلفت هذه الأمة عن بلوغ ما بلغته بقية الأمم من نهضة وتطور في كافة المجالات..؟

لأننا كأمم اصحاب حضارات وعلم، نشرنا النور الإسلامي، نشرناه بالعقل والمنطق والمحاكاة والحوار التجاري والعلمي. عندما كان يسود العقل والحكمة والعلماء يجوبون الأرض من أجل الحصول على معلومة من الاندلس إلى البصرة إلى الفسطاط إلى المدينة.
تخلفت هذه الأمة عندما كذبنا على أنفسنا وصدقنا اللغو على أنه الحق.

ثانيها: أين نحن من رواد النهضة في القرن الماضي..؟

ولأننا نسير إلى الوراء.. إلى ما قبل الأخذ بأسباب العلم الذي دعا إليه محمد علي بهدف إقامة دولة عظمى بمصر، صحيح أن الهدف كان سياسيا في المقام الاول في تكوين امبراطورية علوية كان يحلم بها.. إلا أن الميزة / الحسنة التي تركها هذا المغامر إنه نقل مصر من دولة التعاطف الى دولة العقل ( كان يخطف الصغار من اهاليهم) ويعلمهم بالقوة ويرسل بهم في بعثات علمية / تعليمية للخارج.. وقد عادوا باشوات واساطين في الطب والهندسة والعلوم والتنوير.
فهل نحن بحاجة لمن يخطفنا ويعلمنا بالقوة؟

ويبقى الاستفهام الأخير علامة فارقة ومميزة، قد ترفعنا أو تدفننا في سقر التخلف وهو: ماهي معالم مشروعنا النهضوي؟

وحتى نستطيع الإجابة والتنبؤ لهذا المشروع بعد خلقه على أرض الواقع، وجب أولا أن نفرق بين معضلة أساسية في التفرقة بين "الاسلام" و "الفكر الاسلامي".

فالفكر الإسلامي هو تراث الإسلام الفكري الذي أنتجه مفكرون مسلمون في فترة ما، لمواجهة وضع ما.
أما الإسلام فليس تراثا، وليس فكرا بشريا، وإنما هو وحي السماء إلى الأرض، وهذا الوحي لا يختص بزمن دون آخر إلا إذا أراد رب الوحي ذلك.
والفكر الاسلامي هو نتاج مفكرين مسلمين لحل مشكلات عصرهم الذي يعيشون فيه، ويجب أن يأخذوا من تراثهم الفكري ما يجدون فيه نفعا لهم، ولهم أن يتركوا ما لا جدوى منه، دون أن يأثموا بتركهم هذا، لأن التراث ليس وحيا مقدسا، وإنما المقدس هو الوحي المنزل من السماء على سيد الخلق، لا غير.
على أن الآفة التي أصابت حياتنا، أو قل حضارتنا في مقتل، هي الخلط غير السوي بين الإسلام والفكر الإسلامي، فأدى بنا الحال إلى حال أشبه بحال "دون كيشوت" بطل سرفانتس الذي أغرق نفسه في كتب الفروسية، وصور له وهمه طواحين الهواء أعداء، فراح يقاتلهم..

صورة هزلية هي صورتنا نحن.. نأخذ فكرا بشريا على إنه الإسلام، ونعيش به في عصر لم ينتج ذلك الفكر له، وإنما انتج لعصر مضى، فسبقنا العالم كله، ونحن لا زلنا في الكهف.

أما السبيل لحل هذه المعضلة فهذا شأن آخر، فهو يحتاج إلى تواصل حواري وبحثي، وفوق كل ذلك عمل مستمر جدير بالفكر الراقي بغية أن نصل إلى بر السلام بحلمنا نحن، بواقعنا الحالي، بمشروعنا النهضوي الذي تأخر كثيرا، وكلما كاد أن ينهض يجد من يقعده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لمحات تقدمية
محمد طلعت ( 2012 / 3 / 5 - 15:30 )
يشير متن المقالة إلى عدة لمحات إن اهتم بها قادة التنوير الجدد إن كان لهم وجود باوطاننا لنضتنا بسرعة انتشار الفكر الذى لايموت مهما حاولوا حبس طائره...
نعم هى الارادة
نعم هو العمل الجماعي
نغم لـ العقل والمنطق والمحاكاة والحوار التجاري والعلمي
نعم نحن فى أشد الحاجة إلى من يخطفنا ليعلمنا بالقوة بدل الخمود والكسل والشعارات الكاذبة
بكل هذا سوف نحدد ملامح مشروعنا النهضوى النابع من فكرنا نحن..........
بورك مشروعك الفكرى التنويري استاذة صندي وفى انتظار المزيد من تحليل اسباب وعلاج غيبوبتنا حتى نطفئ الحريق الضخم الذى أشعل رأس الوطن شيبا...!!

وصدق من قال الجمال لا يتجزأ....(:

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا