الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق السياسة الأمريكية بعد 11 أيلول

أحمد كامل

2002 / 9 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

أخبار الشرق - 15 أيلول 2002

مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية تلقت ضربة كبيرة وكبيرة جداً في 11 أيلول. ومما لا شك فيه أن أمريكا تلقت هذه الضربة وهي في أوج قوتها بل وهي تعيش نشوة الانتصار على العدو السوفياتي الذي تهاوى وفق آلية لم تكن الولايات المتحدة لتتخيلها يوماً، ما أربك السياسة الأمريكية نفسها كما أربك الحسابات السياسية على مستوى كل دول العالم.

وإذا كانت الولايات المتحدة قد درجت على إعلان سنوي لقائمة تتهم فيها قوى بالإرهاب وأخرى بدعم الإرهاب ورعايته، فإن محاربة الإرهاب على مستوى تحالف دولي يشمل كل دول العالم هو توجه ناتج لحادثة 11 أيلول. لا بل إن هذه الحادثة نقلت المعركة من تصفية بقايا المنظومة الاشتراكية في يوغسلافيا وكوبا والصين إلى الهدف الذي فرض نفسه على السياسة الأمريكية وهو محاربة الإرهاب الذي ضرب داخل الأرض الأمريكية وخارجها ضرباً موجعاً.

وإذا كانت السياسة الأمريكية في محاربة الإرهاب قد رسمت صورة أولية لنفسها بما جرى في أفغانستان والتحضيرات الجارية لتوجه ضربة للنظام العراقي، إلا أن هذا لا يوضح الاستراتيجية الأمريكية التي حجبتها أحداث أيلول الساخنة وضرورات الرد عليها التي وسمت السياسة الأمريكية بكثير من التخبط والعصبية التي لم تأخذ بالاعتبار مصالح أصدقائها وحلفائها الأوربيين، ما بدأ يهدد هذا التحالف وقد يعيد النظر في جملة التحالفات العالمية على قاعدة المزاحمة الأمريكية لساحات المصالح التاريخية للدول الكبرى.

إنه من بداهة الأمور أن تسعى الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة لنفض يدها من كثير من السياسات التي تكونت في ظل وكنتيجة للحرب الباردة التي امتدت على مساحة الخمسين سنة الماضية. هذا في الوقت الذي تجد فيه أطراف أخرى ومنها أوروبا أن التغيير في تشريعات تلك الفترة ليس إلا تراجعاً في مجالها الحيوي على مستوى العالم.

ولعل تحديد أمريكا لثلاث دول سمتها محور الشر والعمل الجاد على تغيير أنظمتها وإقامة أنظمة موالية لها واكثر قبولاً لدى شعوب تلك الدول سيمكن الولايات المتحدة كمرحلة أولى من إعادة إنشاء محور جديد في العمق الآسيوي يمكنها من مسك مفاصل أساسية في القارة الآسيوية تكفل زيادة في المردود الاقتصادي الأمريكي وتواجداً عسكرياً مباشراً للقوات الأمريكية على ذلك المحور.

وهذا ما يدفع دول أوروبا وروسيا والصين التي تتحسس تضيق الحصار الأمريكي عليها ومنافستها على مجالها الحيوي التقليدي إلى التململ والتسارع لخلط الأوراق بهدف إفشال التوجه الأمريكي. ومن هذا المنطلق يمكن ترجمة الموقف الأوروبي من ضرب العراق بل وتوسيع دائرة ما سمي بالحرب على الإرهاب.

إن التوجه الأمريكي الذي بدأ بحربه على الإرهاب بتحالف دولي، بدأ بفك ارتباطه مع حلفائه ولربما كمرحلة أولى اقتصار هذا التحالف على الدول الثلاث الناطقة بالإنكليزية إذا لم نقل البروتستانتية (الولايات المتحدة - بريطانيا - أستراليا) فلم يعد الرئيس الأمريكي يتحدث عن جهد عالمي لإسقاط محور الشر كما كان إبان الحرب على الإرهاب بل أصبح يقتصر على الحلفاء الذين هم غير الحلفاء في الأمس القريب.

إن الدول التي سماها الرئيس بوش بمحور الشر هي الأنظمة الأقل شعبية على مستوى العالم وهذا يجعل المعارضين للتوجه الأمريكي في موقف ضعيف. إلا أن هذا لا يمنع من أن التململ الأوروبي الذي بدأ يشكل هو الآخر محوراً جديداً عموده الفقري كل من روسيا وفرنسا وألمانيا قد بدأ فعلياً بالتشكل.

كما أن هذا المحور بدأ فعلاً بتعطيل المفعول العسكري لحلف شمال الأطلسي الذي تشكل فرنسا وألمانيا شريكين مهمين فيه. وإذا كنا لا نريد استباق الأحداث واستنتاج أن حرباً باردة وشيكة الوقوع، إلا أن هذا لا يمنع من القول أننا نعيش مرحلة التحضير للوصول إلى تلك الفترة. ففي الوقت الذي حاولت فيه دول مثل روسيا الارتباط باتفاقيات اقتصادية حيوية مع العراق فإن الولايات المتحدة ممثلة في صقور الإدارة الأمريكية دخلت في سباق مع الزمن لفرض جملة من التغييرات على الأرض تستطيع من خلالها مسك مفاصل أساسية في الجغرافية الدولية وصولاً إلى تراكم في القوة السياسية التي تسمح لها باستبقاء سيطرتها المطلقة على العالم.

من هنا تنطلق بعض التساؤلات ومن أهمها تساؤل الرئيس السابق بيل كلينتون الذي عن الوضع الأفغاني غير المحسوم وجدوى فتح معركة أخرى من غير تحقيق نجاح واضح في استقرار الوضع الأفغاني. إلا أن الإدارة الحالية يبدو أنها أوعزت لقواتها العاملة في أفغانستان بالإسراع في لملمة الوضع الأفغاني. ورغم كثافة العمليات المضادة على الأرض الأفغانية والتي جاءت بعد هذا التحرك فلدى القوات الأمريكية وقت كاف لإعادة ضبط الوضع الأفغاني.

كذلك لا بد لنا من قراءة المبادرة الأوروبية الأخيرة بخصوص الشأن الفلسطيني الإسرائيلي على أنها محاولة أوروبية لوضع ثقلها في المشكلة في وقت انشغال الأمريكان بالتحضير للحرب القادمة. كما لا بد لنا من الملاحظة أن الرد الإسرائيلي بالرفض للمبادرة ليس إلا استبعاداً للدور الأوروبي ومراهنة على التطورات القادمة وما ستفرزه من نتائج.

والمتتبع للتسريبات الإسرائيلية يستنتج سقوفاً أعلى بكثير مما يتبادر للذهن للوهلة الأولى بما يخص الدور الإسرائيلي المرتقب في المرحلة اللاحقة، وما إعلان آرييل شارون موت كل الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين عقب طرح الأوروبيين مبادرتهم إلا بمثابة نفض اليد من كل التزام سابق وقعت عليه إسرائيل ويمكن أن يكون قيداً على حركتها في المرحلة اللاحقة.

__________ 

* كاتب سوري - دمشق

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا