الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن الكاريكاتير

نيفين عاطف مشرقى

2012 / 3 / 6
الادب والفن


يعتبر فن الكاريكاتير من الفنون التشكيلية المحببة لقلوب وعقول الناس، فهو فن يتميز بالرقى فى التعبير عن الواقع المعاش فى الحياة ، ليظهر أكثر ما فى المجتمع من مشكلات بأسلوب ساخر وذلك من خلال استخدام خطوط بسيطة تمتلك المقدرة على التعبير عن المعنى والمضمون، بهدف إبراز حركة فاعلة للحدث الكاريكاتيري، وهذا من شأنه أن يسهم فى حدوث تغيير سواء على المدى البعيد أو القريب على أسس أكثر قبولاً من المجتمع.
وكلمة "الكاريكاتير" هى اسم مشتق من الكلمة الإيطالية " كاريكير" والتي تعني " يبالغ"، حيث يعتمد فنان الكاريكاتير فى رسوماته على تحريف الملامح الطبيعية للشخص، أو الاستعاضة عن الملامح بأشكال حيوانات أو طيور، وقد استقى فنانى الكاريكاتير أصول هذا الفن من خلال عدة مدارس كلاسيكية رسخت المبادئ الأساسية لهذا الفن ، كان من بينها المدرسة الأوربية الشرقية والتي اعتمدت على الرسم فقط، حيث تقدم الرسوم الفكرة من خلال اهتمام بالغ بتفصيلات الرسم ذاته من دون الاعتماد على تعليق مصاحب له، بينما كانت المدرسة الأوربية الغربية تعتمد على الرسم التخطيطي البسيط مع تعليق مصاحب له على شكل نكتة أو حوار ضاحك، وتتضح المفارقة من خلال العلاقة بين الحوار والرسم وبذلك تظهر الفكرة المراد توصيلها، أما المدرسة الأمريكية فقد امتازت بالجمع بين المدرستين الأوربيتين، حيث انصب اهتمامها على إعطاء الرسم الكاريكاتيري مضامين ودلالات تتضح أكثر بالحوار
وتعد الصورة الكاريكاتيرية هي رسالة من الفنان إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معًا، ومن هذا المنطلق فإن الفكرة الكاريكاتيرية تنقسم إلى أنواع منها: الكاريكاتير الاجتماعي الذي يبرز من خلاله الفنان قضايا وتناقضات الواقع الاجتماعي، والكاريكاتير الرياضي والذى يعتبر فرعًا من الكاريكاتير الاجتماعي، والكاريكاتير السياسي والغرض منه نقد الواقع السياسى سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
الجدير بالذكر أن جذور فن الكاريكاتير كانت تمتد إلى عصر الفراعنة ، حيث كان الرسام الفرعوني يقوم باستخدام الرموز البسيطة ورسومات الحيوانات فى التعبير عن رأيه ، فعلى إحدى الأوستراكا (الشقفات) القديمة نرى رسماً كروكيًّا يصور حالة صراع بين القطط والفئران ، حيث يدور ملك الفئران على عجلة حربية تقودها كلبتان ويهجم على حصن تحرسه القطط، وبالتأكيد لم يكن هذا التصور من فراغ ، فلا بد أن هناك أحداث هامة استطاعت أن تحرك إبداع الفنان ليجسد هذه الحالة المعبرة فى مضمونها عن خلل أصاب الكون فجعل صغار الشأن قد تجرءوا وحاربوا من هم أقوى منهم.
كما بزغ فن الكاريكاتير أيضاَ فى العصر القبطى، و يتجلى ذلك بوضوح على جدران إحدى الأديرة القديمة فى مصر العليا حيث نجد صورة لثلاثة فئران تطلب العفو من القط الجالس فى حالة غطرسة واضحة، أما فى العصر الفاطمى فنجد أيضاَ ظهور الرسومات الكاريكاتورية من خلال إحدى المخطوطات التى تصور قردا يمتطى عنزة ممسكاً عكازا فى يده اليسرى، ولكن الملاحظ بالنسبة لهذا العصر حدوث تراجع للرسومات الساخرة حيث أتسم أكثر بشيوع روح الفكاهة فى الشعر.
أما في العصر الحديث فقد بزغ هذا الفن في هولندا في أوائل القرن السابع عشر ، كما انتشر فى انجلترا فى أوائل القرن الثامن عشر على يد "جورج توتسهند"، حيث استخدمه في التحريض السياسي ثم خلفه في هذا المجال "وليم هوجارت" الذي عبر برسوماته الساخرة عن حقبة من التاريخ الإنجليزي، وكانت أعماله سببًا في ظهور مدرسة لفن الكاريكاتير على أيدي فنانين عظام أمثال" توماس رولاندسون "، أما في إيطاليا ظهر فنانى كاريكاتير كان لهم ثقلهم مثل "جيروم بوش" الذي رسم الجحيم بتفصيلات مضحكة و"ينبال كاراتشي "، ويُعِدُّ الكثير من المؤرخين" ليونارد دي دافنشي" أبًا لفن الكاريكاتير في إيطاليا، كما شهدت فرنسا في القرن التاسع عشر تطورًا كبيرًا لفن الكاريكاتير على يد مجموعة من الفنانين أهمهم هو "شارل نيليبون "الذي أصدر مجلة كاريكاتيرية، ثم جريدة يومية باسم "الشيفاردي" فى عام 1830م، ثم جاء الفنان "أندريه دومييه" بأعماله الكاريكاتيرية، التى تتسم بعمق اللمسة وحيويتها، وفي أمريكا شهد هذا الفن طفرة تطور من خلال الكتب الفكاهية والرسوم الساخرة المطبوعة في العديد من المجلات والجرائد.
الجدير بالذكر أنه صدر فى مصر العديد من المجلات التى تحوى رسوم كاريكاتيرية وقد كان أولها مجلة" أبو نظارة "والتى أصدرها الفنان المصرى "يعقوب صنوع" فى عام 1878، ثم توالى بعد ذلك إصدار مجلات أخرى كمجلة "اللطائف المصرية"، و"مجلة الكشكول"، ومجلة "خيال الظل"، ومجلة "الفكاهة" ومجلة "الراديو"، ومجلة "البعكوكة".ولقد اشتهر العديد من رسامى الكاريكاتير المصريين برسوماتهم وأعمالهم الكاريكاتيرية الرائعة المميزة مثل الفنان محمد عبد المنعم رخا، أحمد طوغان ، صلاح جاهين، مصطفى حسين، وعمرو سليم وغيرهم. كما حرص فنانى الكاريكاتير على إظهار شخوص نمطية فى الرسوم الكاريكاتورية مثل ، "السبع أفندى"، و"رفيعة هانم"، و"المصرى أفندى"، و"ابن البلد"، و"فلاح كفر الهنادوة" وغيرهم من الشخصيات التى علقت بأذهان محبي رسوم الكاريكاتير. ومما سبق يتأكد لنا أن فن الكاريكاتير كان على مر العصور فن له عشاقه من الفنانين ، الذين استطاعوا أن يترجموا الخطوط إلى صور لها دلالات ذات معنى ومغزى ،أستطاع أن يبرع فى اتقتها المتلقى الجيد لهذا الفن الراقى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??