الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضيحة الإفراج عن النشطاء الأميركيين في مصر

عليان عليان

2012 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



قلت في مقال سابق أن تقديم منظمات "الأنجي أوز" الممولة أميركياً بما فيها المنظمات الأميركية،العاملة بدون ترخيص قانوني في القاهرة للقضاء خطوة في الاتجاه الصحيح، بعد ان كشفت التحقيقات حجم التدخلات الأميركية في الشأن الداخلي المصري، لجهة ضرب النسيج الاجتماعي للشعب المصري، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وجاءت شهادة وزيرة التعاون الدولي المصرية آنذاك الدكتورة فايزة أبو النجا في قضية التحقيق الخاصة بمنظمات التمويل الأجنبي لتؤكد صحة ما ذهبت إليه، حين كشفت حقيقة الدور القذر لهذه المنظمات وللإدارة الأميركية، حيث اتهمت الولايات المتحدة بأنها عملت على احتواء الثورة المصرية وتوجيهها لخدمة مصالحها ومصالح( اسرائيل)، لأن هذه الثورة – حسب تعبيرها- فاجأت الإدارة الأميركية، وخرجت عن سيطرتها، وتحولت إلى ثورة لعموم الشعب المصري.
لقد شكل العثور على وثائق لدى بعض هذه المنظمات تتضمن مخططاً لتقسيم مصر إلى أربع دويلات، دليلاً على البعد الاستراتيجي للتآمر الإمبريالي على الثورة المصرية، ما يذكر بمخطط الشرق الأوسط الجديد الذي لاح في الأفق بعد احتلال العراق عام 2003 والذي تضمن العمل على تقسيم الدول العربية المحيطة بالكيان الصهيوني، على أن تكون مصر هي الجائزة الكبرى عبر تفتيتها إلى عدة دويلات.
وجاء عملية الإفراج عن النشطاء الأميركيين(أل 19)العاملين في منظمتي المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي وغيرهم من الأجانب العاملين في المنظمات أل 17 - التي جرت مداهمتها - بكفالة شكلية لكل واحد منهم،- رغم أن قضيتهم كانت لا تزال منظورة أمام القضاء في إطار محكمة الجنايات- جاءت عملية رفع الحظر عن سفرهم لتشكل لطمة وإهانة للشعب المصري وللقضاء المصري،ولتؤكد أن المجلس العسكري الحاكم في مصر يتعامل مع القضاء المصري بذات الطريقة التي كان يتعامل بها مبارك وأزلامه معه، هذا كله من جهة.
ومن جهة أخرى جاءت عملية الإفراج الذليلة عنهم لتكشف حقيقة تبعية المجلس العسكري للولايات المتحدة، التي لم تمنحه أدنى هامش للمناورة أمام الشعب المصري، ولو لفترة وجيزة لتبييض وجهه في مواجهة تهمة تبعيته لأميركا، حيث ما لبث أن استجاب فوراً لضغوطات الكونجرسس الأميركي، ولمطلب رئيس هيئة الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمسي الذي حضر إلى القاهرة لهذا الغرض.
ومن يتتبع المبررات التي ساقها رئيس محكمة الاستئناف المستشار عبد المعز ابراهيم- تنفيذاً منه لتعليمات المجلس العسكري- للإفراج عن هؤلاء الناشطين بكفالة، يكتشف حجم خضوع هذا المجلس للمشيئة الأميركية، فسعادة المستشار عمل على تنحية القاضي في محكمة الجنايات المستشار محمد محمود شكري عن القضية لأنه رفض رفع حظر السفر عنهم، وعمل رئيس محكمة الاستئناف على تكييف قانوني هزيل ومكشوف، للتهمة الموجهة للنشطاء الأميركيين وغيرهم من العاملين في تلك المنظمات، أنها تندرج في إطار" الجنحة" وليس في إطار الجريمة، ولا تقع ضمن اختصاص محكمة الجنايات وأن محكمة الجنح أصبحت هي المعنية بالقضية ومن ثم فإن الحد الأقصى للعقوبة عن التهم الموجهة للنشطاء فيها هي الغرامة وليس السجن.
أية مهزلة هذه وأي خنوع هذا الذي يجري، وهل جريمة التآمر على سيادة الدولة المصرية وعلى وحدة أراضيها أصبحت مجرد جنحة مماثلة لعملية نشل يقوم بها مجرد نشال محترف في شوارع القاهرة!! وهذه الاستجابة الذليلة للمطلب الأميركي تحت المبرر غير المعلن ألا وهو الخشية من وقف المساعدات العسكرية الأميركية السنوية البالغة مليار وثلاثمائة مليون دولار، تؤكد صحة التحليلات في أن المجلس انقلب على رأس النظام، وليس على النظام بتفاصيله المختلفة رفضاً منه لسياسة توريث الحكم، حيث يعتبر نفسه أحق بالحكم من جمال مبارك.
كما أن هذه الاستجابة الذليلة للضغط الأميركي تذكرنا بالاستجابات الذليلة المتكررة لنظام مبارك- طوال فترة حكمه- للطلبات والإملاءات الأميركية، في ما يخص مفردات السياستين الداخلية والخارجية لمصر، وفي الذاكرة موقفه من العدوان على غزة وشروعه في بناء الجدار الفولاذي الفاصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية لمنع تهريب الغذاء والدواء ، وغيرهما من متطلبات الحياة للأهل المحاصرين في قطاع غزة.
ومن يتتبع مواقف مجلس العسكر منذ ثورة 25 يناير يستدل على ذلك بسهولة ويسر، فهذا المجلس وأدواته من أزلام النظام السابق عبر الحكومات الانتقالية، ابتداء من حكومة الجنرال أحمد شفيق مروراً بحكومة عصام شرف، وصولاً لحكومة كمال الجنزوري قدم النوايا الحسنة (لإسرائيل) وأميركا، عبر العديد من الخطوات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أولاً: تأكيده المستمر على الالتزام بالاتفاقات والمعاهدات التي أبرمها نظام مبارك، وخاصة معاهدة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني.
ثانياً: استمراره على ذات السياسة في حصار قطاع غزة سواء في قضية التضييق، على أعداد المسافرين عبر معبر رفح أو إغلاق الأنفاق، حيث تؤكد كافة التقارير أن المجلس العسكري شن حملةً على الأنفاق الموصلة لقطاع غزة، تتجاوز في شراستها إجراءات عهد مبارك ناهيك أنه لا يزال يرفض مرور البضائع إلى القطاع عبر معبر رفح، التزاماً منه بالاتفاق الذي وقعه دحلان مع الاسرائيليين في 15- نوفمبر - تشرين ثاني 2005، بحضور ممثلين عن الحكومة والمخابرات المصرية آنذاك.
ثالثاً: رفضه تزويد قطاع غزة بالوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء مباشرة وإصراره على أن يتم التزويد عبر القناة الاسرائيلية من بوابة كرم أبوسالم، وعلى أن يجري تسديد الفاتورة بالسعر الدولي!!
رابعاً: التصريحات المتتالية أن مصر ستظل تسير في نهج اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية التي تؤسس وفق العديد من المحللين لاستمرار التبعية الاقتصادية، ومن ثم السياسية للولايات المتحدة.
خامساً: الرفض الضمني لإعادة الاعتبار للقطاع العام، نزولاً عند تعليمات الصندوق والبنك الدوليين حيث أنه وبالرغم أن القضاء المصري قضى بإعادة عشرات المصانع التي- جرت خصخصتها بأسعار أقرب إلى البلاش- إلى القطاع العام إلا أن الحكومة المصرية لم تنفذ قرار القضاء، ولا تزال هذه المصانع مغلقة، والتي يدر تشغيلها فائضاً يزيد بكثير عن معونة الإذلال الأميركية.
لقد كافأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المجلس العسكري على خنوعه للاملاءات الأميركية، ومنحته شهادة حسن سلوك بأن مصر في ظل قيادته للمرحلة الانتقالية، قطعت شوطاً كبيراً على طريق التحول الديمقراطي، في حين كافأه أعضاء مجلس الشيوخ جون ماكين وجون هوفن وريتشارد بلومنتال عبر بيان صحفي أكدوا فيه على استمرار التحالف الاستراتيجي مع مصر، ودعمها ودعم الكونجرس للتحول الديمقراطي فيها!!؟؟
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم