الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل الأخير

علي غشام

2012 / 3 / 6
الادب والفن


الفصل الأخير
علت أصوات منبعثة من تلك السيارة المسرعة التي توقفت فجأة بقربه ، أصفر لونه وأرتعدت فرائصه تلقى ضربة فجائية على رأسه بعقب مسدس كان يحمله كبيرهم ، أحس ان ساعته قد دنت وهو يترنح من تلك الضربة المؤلمة ، وقع على ركبتيه صامتاً حتى من ألمه .
كان خوفه كبيراً على أبنه الذي أمره بالأبتعاد عن الطريق حينما تعطلت شاحنتهم في ذلك الطريق المقطوع حتى من الحيوانات فقد كانت الأرض مشتعلة بحروب مبتكرة مخزونة منذ 1400 عام ، حينما تفجرت أكل الرصاص أرواحاً وشوهَ وجوهاً كانت تشعر بالألفة حينما كان هناك وطن ..!! خوفه على أبنه شغله عن التفكير بمصيره المحتوم وهو يحدث نفسه ..
- ماذا لو عاد ابني فجأة في هذه اللحظة ..أضنهم لن يتركوه ؟؟
- يا ويلي .. ألزاماً نموت نحن الأثنان ؟؟
- على الأقل يموت أحدنا
كان يتمنى أن يقتلوه ويتركوا ولده فهو قد أتخمّ من مآسي تلك الأيام المتوحشة ، بعد أن خرج سليما وحياً من حربان همجيتان أستنفذت معظم سني عمره الذي لا يعرف كيف بدأه أو كيف ستكون نهايته ..؟
- معقول إنها النهاية ..؟
- أضنّك من الجنوب ..؟
سأله بحدة أحد أولاد الحديد المدّمى بأشلاء تلك الاجساد التي قضت عبثاً في رغبات السلطان بين غرفه التي لا يخرج من دخلها وبين معارك سميت بأسماء النهايات الكارثية التي اطلقها كبير لصوص الوطن المنكوب ذلك الوطن الذي استفردته أشباح الأعراب القادمين من صحراءات العهر المبطن بكوفيات القرف الممتد من الخليج الى المحيط وهم يهللون ويطبلون للساعين الى حتوفهم نيابة عن الأمة وجواريها المحصّنة بقصور الترف الموشى بنكهة جودة الموت الأمريكي..!!
- نعم أنا من الجنوب وأسمي كاظم حسين .
قطع استجوابهم له إستفهامات ابنه الذي انبثق جسده من ظلام جانب الطريق وهو يحاول أن يحمي أبوه من تلك الأيادي التي أحاطت بجسده النحيل تحاول تمزيقه..!
- أها .. انه ابنك أليس كذلك ..!
- نعم أبني .
- أصبحتم أثنان ..لقد زاد صيدنا لهذا اليوم .. وأطلق ضحكة صدّاحة متشفية وكأنه ضفر بطرائد سمينة للعشاء..! أطلق الضوء في وجه الأب الذي أوشك أن يفجع بنفسه وولده ، ولم تشفع تمتماته بالوم لأبنه .
- ألم اقل لك مهما سمعت لا تأتي لي يا بني .؟
- يا أبي لم استطع من منع نفسي عن القدوم لك فقد قتلني الأنتظار المبهم وراء تلك الشجيرات وأردت أن أعرف من هم هؤلاء الرجال.؟
كان قد نبهَ أبنه بأن يبقى في مكانه الى أن يجد حلاً أو طريقة لأعادة تدوير شاحنتهما ، أي حظٍ تعيس ألقى بهم على أعتاب هذا الليل الذي أمتلأ رعباً ودماً ، أخذت الدماء تنزف من رأسه وهي تسيل على ظهره ، أحس ببرودة خفيفة تجتاح عموده الفقري منتهية الى أسفل ظهره ، أستغاث بما حفظته ذاكرته من أدعية لعل الأله يسمع صوته أو يسرع الى نجدته وتخليصه من هذا المأزق المشؤوم .. ألم يقولوا له انه يجيب دعوة المضطر إذا دعاه تمتم بأستفهام غريب ، أستغرق بأستدعاء كل نبي وولي لم يفلح الأمر أبداً وهم ينتظرون ماذا يقرر كبيرهم الذي أوصاهم أن ينتظروا قدومه أليهم ..
تمنى أن يتقاسم تلك السيجارة مع أحد الصيادين ويموت بعدها فهو يدخن بشراهة مع عمله المثقل بالأحمال وتفريغها من محل الى آخر في أيامه التي خلت ، تحسس يدي أبنه الذي التصق به خائفاً مطرقاً منتظراً أن ينحروه قرباناً لأباطرة الحروب المتسلسلة الذي أجهزوا على بقايا الوطن الذي لم يترك به سيد اللصوص باقية.سمع صوت سيارة تقترب منهم وجلبة أحدثها الجمع المتهيئ لذبحهم .
- أين هؤلاء أولاد الكلب
- ها همّ يا أمير
- كم عددهم
- اثنان
- أعطني الضوء لأستطلع وجوههم
ساد صمت مشحون بخوفه على أبنه الصغير فقد عزموا على ذبحهم همّ الأثنان حسب اقتراح أحد الواقفين ببديهية وكأنه يقترح شيئاً ما ..!!
- اقتلوني واتركوا أبني فهو صغير لا يقوى على الذبح وليس له احد غيري فأمه سبقتنا الى الدار الآخرة..؟
- أسكت يا كلب..! صاح أحدهم
أسكتته تلك الكلمات الثقيلة عن الكلام والترجي وتهيأ لأن يكون أول من يقتل ..!
- أولست كاظم حسين .؟ سأله كبيرهم .
- نعم
أحس أن هناك وقت قبل الموت يريد ان يستعلم به عن سؤال ذلك الأمير...!
عم الصمت مرة أخرى تلك الوجوه المبهمة التي غطى ظلام الليل معانيها بعد أن أظلمت من دماء ضحاياها الكثيرين ، لكنه أحس بنبرة ذلك الأمير بعض التراخي عن قتلهم وكأنه قدر أن ذلك الإحساس صحوة الموت التي سمع بها ، والتي يمر بها الإنسان في بعض الأحايين قبل موته بقليل ..؟
- من أنت ..تجرأ وسأل الأمير..؟
- لا داعي لتعرفني فأنا أعرفك جيداً أيام الحرب فقد كنت صديقاً وفياً لي عندما حملتني الى خلف قطعاتنا العسكرية وأنا مصاب لتنقذ حياتي التي أوشكت على الانقضاء في أرض العدو تلك الأيام بعد أن قطعت مسافة كبيرة وأنا على ظهرك..!
عندها تجدد أمله بإنقاذه وأبنه من مصيرهم المحتوم وكأن وقع كلمات ذلك الأمير كانت مثل طبول قطعت التفكير بالموت كأنها شيء مبعوث من الإله له لينقذه من هذه النهاية المأساة على يد آلات القتل البشرية تلك وهم يتحفزون لذبه وأبنه بين لحظة وأخرى دون أن يردعهم رادع.
- خلوّا سبيله وأبنه وأصلحوا سيارتهم فأن له دين عليَّ ولا بد من أن أرجعه أليه..!
تحت استغراب الجميع نفذوا الأمر دون أعتراض وأوصلوهم بعد أن أصلحوا شاحنتهم ودس في جيب الأبن أوراق نقدية أراد أن يتذكر تفاصيل ذلك الوجه ولكنه لم يستطع حتى انه نسي أسمه من شدة القرب من النهاية التي لم تحن بعد..!!!
2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب