الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيوبولتيكية الخيارينلايران:ايقاف التخصيب او الضربة القاضية

فؤاد حمه خورشيد

2012 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد تخصيب اليورانيوم (تنقيته وتكثيفه)من الأمور الفيزيائية فقط , بل أصبح من موضوعات السياسة والإعلام لارتباط استخداماته المختلفة بحاجات البشر المتنوعة , السلمية والحربية , على حد سواء.ويبدو ان السياسة انشغلت كثيرا بهذا التخصيب الذي تمارسه ايران منذ سنوات والذي لا يعرف مداه او نهايته, أهو حقا فقط للأغراض السلمية , كما تدعي ايران , أم انه يتجاوز الحدود السلمية ليصل الى مرحلة صنع القنبلة الذرية الفتاكة, كما يتخوف الكثيرون من دول الجوار الجغرافي لإيران , او كما تدعي الدول البعيدة عنها مثل إسرائيل والولايات المتحدة وحتى تركيا والعديد من الدول الأوربية.
فإذا كانت نيات ايران صحيحة وسليمة ينبغي عليها ان تكون شفافة وعلنية في عرض نشاطاتها دون خوف او وجل من هذه القوة او تلك , وان لا تمارس مع وكالة الطاقة الذرية لعبة القط والفأر , او ما نسميه نحن في العراق ب (لعبة الختيلة) مع علمائها وخبرائها, وان لا تجعلهم بهذه الأساليب من المراوغة والتسويف في التفاوض من ان يجلبوا الشكوك ويكرسوها لتخويف المجتمع الدولي. فمن حق دولة ايران, وفق شروط وكالة الطاقة الذرية وإشرافها , ان تنتج ايران اليورانيوم المخصب او ان تشتريه لأغراضها السلمية لإنتاج الكهرباء او تحلية مياه البحر وغيرها من الأغراض السلمية الضرورية.

أما وان الموضوع قد طال , ولم تتوصل من خلاله تلك الوكالة الى قناعات جازمة ونهائية بشان الاهداف الحقيقية لذلك البرنامج النووي الإيراني , فان ذلك أثار مخاوف العديد من القوى, باعتباره يشكل خرقا للحد من انتشار الأسلحة النووية وفق الاتفاقات الدولية بهذا الشأن , ويجلب الشك بان ايران ترمي من كل تلك المماطلات والتسويفات في مباحثاتها مع الوكالة الدولية الى كسب الوقت اللازم, لتخضيب المزيد من اليورانيوم والذي بلغ حسبما أعلنته ايران نفسها حد 20% (تخصيب عالي)وهي نسبة كافية لاستخدامها في الإغراض العسكرية لنوع من السلاح الذي يطلق عليه( السلاح الفج غير المتقن) باعتبار ان القنبلة الذرية النموذجية تحتاج الى تخصيب تزيد نسبته عن 85% .

إذا كان العالم , وبخاصة أولئك المنشغلين بالشأن النووي, منهمكون لمعالجة الموضوع مع ايران بالمفاوضات تارة وبفرض العقوبات تارة أخرى ولا زالوا , فان صدور التهديدات الإيرانية المرافقة للمناورات العسكرية وتجارب الصواريخ بعيدة المدى والموجهة بشكل مباشر وصريح ضد إسرائيل وكيانها أمر أثار مخاوف إسرائيل وجعلها تنظر للملف النووي الإيراني نظرة جدية معتبرة إياه التهديد الأكثر خطورة على وجودها وكيانها منذ ان تأسس عام 1948.

ان التدريبات العسكرية السرية الإسرائيلية لوأد المشروع النووي الإيراني مستمرة على قدم وساق , كما ان دبلوماسيتها النشطة لا تعرف الكلل او الملل فهي لا تقل ديناميكية عن تحضيراتها العسكرية والاستخباراتية , وما توالي التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بشان النشاط النووي الإيراني الا دليل على نوايا الطرفين المبيتة ضد ايران النووية.

فإسرائيل تخشى بجدية من التهديدات الإيرانية ومن تنامي قدراتها الصاروخية و مساعيها النووية , فالقنبلة الإيرانية , ان صنعت, ستختلف عن القنبلة الإسلامية التي امتلكتها باكستان عام 1982, فإذا كانت القنبلة النووية الباكستانية( سنية الصنع) ومسيطر عليها , فان قنبلة ايران (الشيعية) سيكون لديها دوي غير الدوى الذي صاحب تفجير القنبلة النووية الباكستانية, أو الهندية التي سبقتها عام 1975. من هنا جاءت المخاوف الإقليمية والدولية على حد سواء من هذا المولود الإيراني المرتقب . ومن هنا أيضا يأتي ويتولد الرعب عند إسرائيل وحلفائها. لذا فهي حذرة جدا فلا نستغرب او نفاجئ ان شنت إسرائيل ضربتها الاستباقية( والتي عرفت بها في حروبها السابقة) على ايران متى ما شعرت بدنو ايران من ( لحظة المصير), وسواء أكان ذلك القرار الإسرائيلي قرار أحادي الجانب أم بموافقة الولايات المتحدة , ففي كلتا الحالتين فان الولايات المتحدة سوف لن تقف مكتوفة الأيدي, وسوف لن تترك إسرائيل لوحدها في ساحة المعركة, كما هو واضح من تصريحات كبار مسئولي البلدين .

فقد أعلن وزير خارجية إسرائيل(ان الدولة العبرية ستتخذ قراراتها بشأن الملف النووي الإيراني بهدوء وبحسب تقويمها الخاص للوضع) , وقال , (ان الولايات المتحدة هي أضخم قوة عالمية وأضخم واهم دولة صديقة لإسرائيل , لكننا دولة مستقلة في النهاية المطاف وستتخذ دولة إسرائيل القرار الأنسب) .
ولعل أفضل تفاعل وتجاوب للولايات المتحدة مع إسرائيل بشأن المخاوف الإسرائيلية من ايران هو ما قاله الرئيس الأمريكي اوباما في مؤتمر الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية(ايباك) والذي جاء فيه:(ان جميع عناصر القوة الأمريكية لا تزال خيارا مطروحا لمنع ايران من ان تصبح قوة نووية بما في ذلك جهد عسكري مستعد لأية طوارئ) والخطاب بمجمله تجديد لالتزامات الولايات المتحدة الذي لا شائبة فيه بأمن إسرائيل , وان حذر من مغبة الضربة الاستباقية الإسرائيلية باعتبار انه لا يزال يغلب المفاوضات والحل السلمي على ذلك.

أما نتنياهو , رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد حذر , على النقيض من اوباما,من استئناف المفاوضات مع ايران قائلا:(يمكن لإيران ان تفعل ما قامت به في السابق من المماطلة والخداع حتى يمكنها ذلك من تطوير برنامجها النووي والوصول الى خط النهاية النووي بسرعة) ...لكنه مع ذلك التزم ( بحرية دولة إسرائيل في التحرك لمواجهة التهديدات بمحوها من الخارطة) وهذه إشارة واضحة لنفاذ صبر إسرائيل وتعجيلها للضربة القاضية.

هكذا يتصاعد الموقف ويتعقد جيوبولتيكيا بين طرفي المعادلة النووية. فإيران ألان أمام خيارين لا ثالث لهما: فأما خيار الكشف عن نواياها النووية السلمية والتعايش مع المجتمع الدولي والتوقف عن تخضيب اليورانيوم للحد المسموح به , او خيار مواجهة الضربة الاستباقية المحتملة الفجائية التي قد لا تحمد عقباها , عليها وعلى جيرانها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24