الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسار ب 3 رؤساء

مصطفى مجدي الجمال

2012 / 3 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يبدو أن انتخابات للرئاسة ستنعقد فعلاً في مصر، ما لم يحدث طارئ غير متوقع كانقلاب عسكري، أو تفجر صراع غير محسوب- داخليًا وخارجيًا- ينتج عنه تمزق حالة التواطؤ والتطامن المتذبذبة/ الهشة بين المجلس العسكري والإخوان والسلفيين، أو اندلاع موجة جديدة من الحراك الثوري/ الجماهيري (وهو احتمال لا يجوز استبعاده تمامًا)..

ورغم أن خارطة مرشحي الرئاسة لا تزال مشوشة وغامضة، ولا يمكن الجزم حتى الآن بما يمكن أن تسفر عنه عمليات التصفية أوالتنازل بين المرشحين، وربما ظهور مرشح أو اثنين لم يكن معروفًا من قبل نيتهما في الترشح.. ويبدو لي أن القوى المتنفذة في السلطة الآن تراهن على مرشح "توافقي" بينها يتم التوصل لاسمه في مساومات "خشنة" ربما تشمل مقايضات مثل إعادة تشكيل الحكومة أو تقديم مكاسب خاصة للإخوان المسلمين.. وفي كل الأحوال سيكون اهتمام أولئك المتنفذين هو تفتيت الأصوات في الجولة الأولى (حيث من المتوقع أن تكون هناك جولة إعادة بين أكبر اثنين أصواتًا) حتى يصبح الحسم أسهل و"بدون مفاجآت" في الجولة الثانية..

وقد دخل اليسار في مصيدة "تفتيت الأصوات" هذه بحسن نية كما نعتقد. فقد أصبحنا الآن في موقف غير مطمئن في ظل وجود ثلاثة مرشحين حتى الآن ينتمون لليسار بمفهومه العريض طبعًا. وربما لم يكن الوضع مقلقًا لو أن القاعدة الانتخابية لليسار أكبر مما كشفت عنه الانتخابات النيابية الأخيرة. فأصبحنا في الواقع إزاء تفتيت ما لا يُستحب تفتيته.

ملاحظتي الأولى أن أحدًا من المرشحين الثلاثة اليساريين لم يستطلع آراء سوى الجماعات القريبة منه.. فكان إعلان اثنين منهما على الأقل بمثابة المفاجأة للآخرين في اليسار.

أول المرشحين "اليساريين" وأقدمهم في حملته هو حمدين صباحي زعيم حزب الكرامة (ناصري).. وهو ذو شعبية لا بأس بها في بعض مناطق الوجه البحري والعاصمة ودوائر الطلاب المهنيين والمثقفين.. غير أن شعبيته وسط اليسار (بما فيه الناصري) تعرضت لتدمير لا يستهان به بعد تحالفه الانتخابي مع الإخوان المسلمين في الانتخابات النيابية، حتى أن جميع أعضاء المكتب السياسي في حزبه تقدموا باستقالاتهم.. كما توجه له القوى اليمينية اتهامات موجعة بالتعاون مع النظم العربية الشمولية التي سقط بعضها.

ثاني المرشحين اليساريين هو البرلماني العتيد والقائد العمالي في السبعينيات والثمانينيات أبو العز الحريري، وهو يتمتع بشعبية لا بأس بها في الإسكندرية وفي مناطق متفرقة من الجمهورية.. إلا أنه يعاني وضعًا محرجًا داخل حزبه نفسه (التحالف الشعبي) حيث تتوزع الآراء على ثلاثة أو أربعة مرشحين. كما أنه لا يستطيع أن يعول على تأييد حزبه السابق (حزب التجمع) بعد أن انشق عنه مع مجموعة كبيرة من عضويته..

وكان المرشح الثالث أقرب إلى المفاجأة، وهو المحامي العمالي والناشط الحقوقي خالد علي، ومن أهم مميزاته صغر سنه وقربه من الراديكاليين اليساريين من شباب الثورة وبعض القيادات العمالية وبعض منظمات ما يسمى "المجتمع المدني" بالإضافة إلى الحزب الشيوعي المصري.. إلا أن من أقوى الأوراق في يد من يعارضونه: ضعف فرصته في جني أصوات انتخابية يعتد بها، واللغط المثار بقوة حاليًا حول "المجتمع المدني"، وعدم اضطلاعه بأي نشاط حزبي سابق (حتى وإن اعتبر هو أن هذا من مميزاته).

موقف صعب.. حتى أن كل الأحزاب اليسارية والتجمعات والائتلافات الشبابية (المصنفة "اليسار المجتمعي") تواجه الانقسام داخلها بين المرشحين الثلاثة أو اثنين منهما على الأقل..

وازداد الموقف صعوبة بتبلور اتجاهين آخرين: أولهما اتجاه يريد الاستمرار في نفس نهجه بمقاطعة الانتخابات البرلمانية وكل انتخابات طالما أن المجلس العسكري لا يزال في الحكم.. بل إن البعض منهم يرى أن طريق الانتخابات ينطوي ضمنًا أو صراحة على مؤامرة ضد الثورة، وأن الثورة لا تزال في الميدان ووسط الجماهير والتحركات الاجتماعية التي تزداد حجمًا وصلابةً وجذريةً..

أما الاتجاه الثاني فهو موجود في كل الأحزاب والجماعات اليسارية، ويرى أن الانتخابات الرئاسية تختلف عن الانتخابات البرلمانية، وأننا هذه المرة بصدد انتخاب شخص واحد للمنصب رقم (1) وليس انتخاب مئات الأعضاء في مجلس نيابي.. وأن الصلاحيات الفادحة التي يتمتع بها رئيس الدولة في مصر (حتى لو تغير الدستور فإن هذا الوضع لن يُمس من جذوره) تتطلب ألا نغامر بالإمعان في تفتيت الأصوات فنجد أنفسنا في النهاية أمام الاختيار بين مرشحين اثنين يتباريان في السوء (مرشح توافقي ضد مرشح سلفي مثلاً، أو مرشح توافقي ضد مرشح من فلول الحزب الحاكم البائد).. خاصة في ظل مخاطر "الأسلمة" التي بدأت تمارس فعالياتها، ومخاطر الثورة المضادة التي لا تخطئها عين..

ويميل أصحاب هذا الرأي (بمن فيهم قطاع من التروتسكيين وأعضاء في حزب التحالف الشعبي) إلى الانضمام إلى حملة المرشح عبد المنعم أبو الفتوح.. وهو بالفعل قد قدم تصريحات وتعهدات باحترام ديمقراطية ومدنية الدولة وتحجيم نفوذ المؤسسة العسكرية..الخ. غير أنه لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن عبد المنعم أبو الفتوح لم ينشق عن جماعة الإخوان، وإنما الجماعة هي التي فصلته بسبب ترشحه دون إذن منها (كما يقال).. أي أنه لم يخلع ثوب الإخوان سياسيًا ولا أيديولوجيًا. مع ذلك يتمتع أبو الفتوح بشعبية واسعة تضعه ضمن أقوى 3 أو 4 مرشحين على الأقل.. بل من شبه المؤكد أن الكثير من قواعد تيارات الإسلام السياسي (بما فيها الإخوان) قد لا تبخل عليه بأصواتها، خاصة إن دخل انتخابات الإعادة.

وبعد هذا الاستعراض الموجز للموقف.. أظن أن السؤال الذي يجب أن يجيب عليه اليسار هو: ماذا يريد بالضبط من انتخابات الرئاسة؟ والإجابة مرهونة طبعًا بتحليل المزاج الجماهيري، ودرجة الاستنفار والاستعداد عند القوى النشطة في المجتمع، والمخاطر المتوقعة في الداخل والخارج..

فإن كان اليسار يتوقع قرب اندلاع موجة/ انتفاضة ثانية في سياق ثورة 25 يناير فلا بد عندئذ أن يكون له مرشحه اليساري الجذري القادر على تجميع الجماهير حول برنامج ديمقراطي/ وطني/ اجتماعي / تنويري.. ومما يضعف موقف اليسار في هذه الحالة أن يتعدد مرشحوه.. وأن يتنافس هؤلاء المرشحين على القاعدة الانتخابية "المضمونة" وليس في فتح إمكانات جديدة..

وإن كان اليسار ينظر للمرحلة الحالية على أنها مرحلة تقليل الخسائر وجمع أكبر مكاسب ممكنة فقد يكون من الأسلم أن يركز (في الجولة الثانية على الأقل) وراء مرشح له فرص معقولة، شرط ألا يكون من فلول النظام البائد أو الإسلام السياسي، وألا يتخلى اليسار عن دعايته المتميزة، وأن يفرض على المرشح المذكور مبادئ والتزامات معينة موثقة..

أخيرًا.. من العبث استمرار الحال على ما هو عليه.. وأدعو إلى تشكيل "لجنة حكماء" من المفكرين والسياسيين والنشطاء اليساريين تتولى التعامل مع الموقف.. على الأقل حتى لا تنتهي الانتخابات بفرض المزيدمن التمزق على اليسار المصري..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألم يأن الوقت للأتفاق حتي علي برنامج سياسي
محمدعبدالفتاح ( 2012 / 3 / 7 - 16:29 )
من العبث استمرار الحال على ما هو عليه.. وأدعو إلى تشكيل -لجنة حكماء- من المفكرين والسياسيين والنشطاء اليساريين تتولى التعامل مع الموقف. .....................يا ريت ده يحصل علشان أحنا وضعنا لا يتحمل كل هذه الفرقة وكل هذا التشرذم.

اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟